اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٥
أغلب من يقفون اليوم ضد إجراءات المجلس الانتقالي لا يفعلون ذلك بدافع التمسك بشعار 'الوحدة أو الموت' كما يتم الترويج لذلك، لأن أغلب الشماليين قد وصلوا إلى قناعة واقعية مفادها أن مصير وحدة اليمن لا يجب أن يحسم بهذه الصيغة، فالأمر يعتمد -أولا وأخيرا- على موقف وقناعة أبناء المحافظات الجنوبية أنفسهم مؤيدين كانوا أو رافضين.
بالرغم من حب الشماليين للوحدة اليمنية، إلا أن الاعتراض الحقيقي على خطوات الانتقالي الأخيرة، لا ينبع من وهم إعادة إنتاج الوحدة بالقوة كما يعتقد البعض، بل من إدراك حقيقي لخطر هذه الخطوات التي تستهدف المركز القانوني للدولة اليمنية، وهو الكيان المتبقي الذي يمكن -نظريا وعمليا- الانطلاق منه لاستعادة بقية الأراضي اليمنية من سيطرة عصابة الحوثي الإرهابية والحفاظ على كرامة اليمنيين وعقيدتهم وحقوقهم.
الحقيقة أن ما قام به المجلس الانتقالي لا يضر فقط بفكرة الدولة، بل يخدم رغبة العصابة في تثبيت الأمر الواقع لصالحها في الشمال. وهذا ما تعمل من أجله وتريد تحقيقه كثير من العناصر السلالية الموجودة هنا وهناك ليس في الشمال فقط.
عندما يستهدف الكيان القانوني للدولة الذي يمنح القوات في الميادين المشروعية والغطاء السياسي للمواجهة وخوض أي حرب أو الحفاظ على المكتسبات، فإن النتيجة العملية هي تسليم رقاب الشماليين لمشروع الحوثي، وتركهم بلا غطاء سياسي أو قانوني أو تفاوضي وهذ الوضع ينتهي بتحقيق المشروع الإيراني لأهدافه المرحلية في المنطقة.
من خاض الحوارات السابقة مع الحوثيين، يعرف جيدا بأنهم لا ينتصرون دائما بالسلاح، بل بالعمل على إنهاء أي بدائل لهم بما يجعلهم خيارا اضطراريا أمام الإقليم والعالم.. ولهذا لا يدخرون جهدا من أجل اضعاف فكرة الدولة ومؤسساتها في المحافظات المحررة لأنها تشكل التهديد الحقيقي. وبناء على ذلك يمكن فهم لماذا استهدفوا حتى المنشآت الاقتصادية بالمسيرات والصواريخ؟!
وعندما يقوم المجلس الانتقالي باستهداف المركز القانوني للدولة والمؤسسات التي تواجه الحوثيين، فهذا يعني تسليم رقاب كل الشماليين لهذه العصابة الارهابية، لتتفرغ لاحقا للعودة إلى الجنوب قبل الانتقال خارج الحدود.. وهذا ما يستفز الشماليين اليوم لأنهم ينظرون لما يحدث كمؤامرة تستهدف وجودهم وليس مجرد مطالبة بحقوق الجنوبيين.
مع العلم أن الحوثي لن يعترف بأي اتفاق متعلق بشكل الدولة، وهذا هو المدخل الذي سيجعله يعود إلى الجنوب متى ما رأى الفرصة سانحة لذلك. إذن، وبناء على ما سبق.. ما الفائدة التي سيحصل عليها الجنوب من خسارة الشمالي الذي يقف إلى جانبك في نفس المترس؟ ما الحكمة من خسارة رفيقك ومنح عدوك ذخيرة اضافية سيستخدمها لإستهدافك غدا؟
لا يجب أن يفهم كلامي كتخوين أو تهديد.. هذا فهم سطحي وغبي لما جاء هنا..
بالإمكان الاختلاف مع الشرعية ونقد تقصيرها وفشلها بكل السبل المتاحة، لكن تفكيك ما تبقى من مركزها القانوني لا يفتح طريق التحرير كما يردد بعض المتحمسين، بل يغلقه ويحول الجيوش الرسمية والمعترف بها إلى مجرد مليشيات تخوض معركة ضد عصابة الحوثي ومن ينتصر سيتم التعامل معه.. وبالإمكان تخيل هذا السيناريو الكارثي على اليمن والمنطقة.













































