اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥
ليس غريبًا أن تدخل بعض القنوات في حالة هستيريا جماعية كلما كُشف ملف نفطي جديد في حضرموت. الغريب فعلًا هو حجم الذعر، وحدة الهجوم، وسرعة الانتقال من تجاهل الوقائع إلى شيطنة من كشفها. هذا السلوك الإعلامي لا يشبه الدفاع عن وطن أو شرعية، بل يشبه كثيرًا دفاع المرتبك عن جريمة كادت تُضبط متلبسًا.
القضية في جوهرها بسيطة جدًا، وبساطتها هي ما يرعبهم:
إلى أين يذهب نفط حضرموت؟ ومن يستفيد منه؟ ومن يحمي مسار نهبه؟
أسئلة مباشرة، لا تحتاج كل هذا الصراخ لو كانت الإجابة نظيفة.
بدل أن نرى تحقيقات شفافة، أو بيانات موثقة بالأرقام، أو توضيحات للرأي العام، شاهدنا هجومًا منسقًا على الانتقالي والقوات المسلحة الجنوبية. وحين يعجز الإعلام عن نفي الوقائع، يلجأ تلقائيًا إلى تشويه من كشفها. وهذه قاعدة قديمة في كل ملفات الفساد: اضرب الكاشف، لا الفضيحة.
المفارقة المؤلمة أن بعض الأصوات التي تصرخ اليوم باسم “الوطن” هي نفسها التي صمتت لسنوات عن استنزاف موارده. وحين كُسر الصمت، تحوّل الكشف إلى “استهداف”، وتحولت الأسئلة إلى “مؤامرة”. كأن النفط ملك خاص، وكأن من يطالب بمعرفة مصيره عدو يجب إسقاطه.
الضجيج الإعلامي الحالي لا يعكس قوة موقف، بل هشاشته. فالحقيقة لا تحتاج جيوش محللين ولا حملات تشويه، الحقيقة تسير بهدوء وتفرض نفسها. أما الصراخ، فعادة ما يكون آخر سلاح من أدرك أن الملفات خرجت عن السيطرة.
قضية حضرموت لم تعد مجرد قضية نفط، بل قضية أخلاق سياسية. من يقف مع الشفافية؟ ومن يقف مع الغموض؟ من يريد موارد الناس للناس؟ ومن يريدها تمر في الظل بلا سؤال؟
التاريخ لا يرحم، والإعلام مهما علا صوته لا يستطيع أن يغطي رائحة النفط المسروق. قد يربحون جولة تشويه، لكنهم يخسرون معركة الوعي.
وحين يهدأ الصراخ، ستبقى الحقيقة وحدها… واقفة.
الصحفي صالح حقروص
2025/12/29م













































