اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
مي السكري -
«التحديات صنعت من تجربتي في الكويت واحدة من أكثر المحطات ثراءً وإنسانية في مسيرتي الدبلوماسية»، هكذا افتتحت السفيرة البريطانية لدى الكويت، بليندا لويس، حوارها الوداعي مع القبس، وهي تستعد لمغادرة البلاد بعد أكثر من أربع سنوات قضتها في البلاد واقتربت من المجتمع الكويتي بجانب عملها الدبلوماسي والعمل على ملفات التجارة والدفاع والتعليم، وغيرها.
في حديثٍ صريح وشامل، استعرضت لويس ملامح التحول الذي شهدته العلاقات بين الكويت والمملكة المتحدة خلال فترة عملها، التي وصفتها بأنها كانت «من القوة إلى الأقوى»، مشيرة إلى أن الود والترحيب الذي لمسته من الشعب الكويتي سيظل في قلبها أينما ذهبت. وفيما اعتبرت أن الكويت كانت محطة مميزة في مسيرتها الدبلوماسية، وصفت تجربتها الدبلوماسية في الكويت بأنها كانت ناجحة ومثمرة بكل المقاييس، حيث أسهمت التحديات التي واجهتها في صقل مهاراتها وتطورها.
و قالت لويس: «منذ قدومي في أبريل 2021، شهدت العلاقات الثنائية نموًا واضحًا، في عام 2021، كان حجم التبادل التجاري بين بلدينا يتراوح بين 4.6 إلى 4.7 مليارات جنيه إسترليني سنويًا، واليوم وصل إلى 6.1 مليارات جنيه، وهو تطور إيجابي وصحي يعكس تنوع القطاعات التي نتعاون فيها».
وأضافت: «لم تعد العلاقة مقتصرة على الأغذية والمشروبات، بل توسعت إلى الخدمات المهنية، فضلًا عن الاعتراف القوي بالعلامات التجارية البريطانية في السوق الكويتي».
شراكات إستراتيجية
في المجال الدفاعي، أوضحت لويس أن التعاون شهد تطورًا كبيرًا، قائلة: «ارتفع عدد الطلبة الكويتيين في المؤسسات العسكرية البريطانية بأكثر من %10، واليوم هناك أكثر من 100 طالب كويتي يدرسون في مؤسسات دفاعية بالمملكة المتحدة».
وأضافت: «كما قمنا بتسهيل إجراء الصفقات الدفاعية الكبرى من خلال إدخال آلية الشراء الحكومي - الحكومي، التي من شأنها تسريع العملية وتمكين حكومتي الكويت والمملكة المتحدة من العمل معًا بشكل أكثر فاعلية، وبشكل أسرع من العمل من شركة إلى شركة».
نهج الاعتدال
وأكدت السفيرة لويس أن السياسة الخارجية الكويتية تتسم بدعمها المستمر للسلام والاستقرار، مع اعتمادها نهج الاعتدال في مواقفها الإقليمية.
وأشادت بالسياسة الكويتية التي تسعى إلى تقليل التوترات ومنع الصراعات، مشيرة إلى أن نهج الكويت الدبلوماسي يتميز بالهدوء وعدم الاستفزاز.
وأضافت أن العلاقات بين المملكة المتحدة والكويت قوية للغاية، حيث تُجرى حوارات مفتوحة وصريحة بين الجانبين، ما يُسهم في تبادل وجهات النظر بشكل واضح وموضوعي بشأن التطورات في المنطقة. وأوضحت أن الكويت تُتابع باهتمام كل ما يحدث إقليميًا، رغم أنها لا تتدخل دائمًا بشكل مباشر، لكنها تقدّم تحليلات دقيقة تساعد شركاءها، ومنهم بريطانيا، في اتخاذ قراراتهم.
وفيما يخص اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، أكدت السفيرة أن المفاوضات تسير بوتيرة جيدة وسريعة، مع تفاؤل كبير بإتمام الاتفاق قريبًا. ولفتت إلى أن مجلس التعاون يُعد رابع أكبر شريك تجاري لبريطانيا، ما يضفي أهمية كبيرة على الاتفاق المرتقب. وأشارت إلى أن فرق التفاوض تعمل على إنهاء التفاصيل النهائية، وسط التزام متبادل بين الأطراف المعنية بإتمام الصفقة في أقرب وقت.
وأوضحت أن السياسة البريطانية في الشرق الأوسط اليوم تقوم على مبدأ الشراكة والاستماع، بدلاً من فرض الحلول من الخارج. وقالت: «تاريخيًا، كانت للمملكة المتحدة أدوار حاسمة في تشكيل مصائر بعض دول المنطقة، سواء عبر رسم الحدود أو التأثير في أنظمة الحكم، لكن هذا لم يعد نهجنا الحالي. نحن نؤمن اليوم بأن الحلول يجب أن تنبع من داخل المنطقة، من الدول التي ستتعامل مع تبعات تلك الحلول».
وأشارت لويس إلى أن بريطانيا تسعى لتقديم الدعم والمشورة عندما يُطلب منها ذلك، مؤكدة أهمية الإصغاء إلى الشركاء في المنطقة وفهم وجهات نظرهم. وأضافت: «ندرك تمامًا أننا لسنا قادرين على حل كل المشكلات، لكن يمكننا أن نكون شركاء مؤثرين من خلال الاستماع والتعاون».
وأشادت بالعلاقة القوية التي تجمع البلدين في هذا المجال الدفاعي والأمني، موضحة أن هناك تدريبات عسكرية مشتركة تُنفذ بشكل منتظم، تُسهم في تعزيز التفاهم المشترك حول أساليب العمل.
كما بيّنت أن برامج التعليم العسكري تشمل تبادل الطلاب والمدربين، إلى جانب استخدام معدات وتكتيكات متشابهة. وذكرت أن الكويت استضافت خلال العام الماضي نحو 30 فريق تدريب بريطاني قصير الأمد، قدّموا دورات في مجالات متنوعة كالإسعافات الأولية، والغوص، والتعامل مع المتفجرات، إضافة إلى تمرينات كبرى، مثل «محارب الصحراء» و«الدرع الحديدي». ونقلت عن الجنود البريطانيين الذين شاركوا في تدريب «الدرع الحديدي» إشادتهم بالمكاسب الكبيرة التي تحققت من التعاون مع نظرائهم الكويتيين، خاصة في مجال تطوير الحلول الميدانية.
أما عن الحوار الاستراتيجي بين الكويت والمملكة المتحدة، فأكدت أن الدورة المقبلة من الحوار من المقرر أن تُعقد في بريطانيا، مشيرة إلى أن الحوار الأول كان هناك، والثاني عُقد في الكويت في السادس من يوليو. وقالت: «عادة ما يُعقد حوار واحد سنويًا، لذا من المتوقع أن يتم الحوار التالي في صيف العام المقبل في المملكة المتحدة».
طلبات تصريح السفارة الإلكتروني من الكويتيين من بين الأعلى بعد السعودية
أشارت لويس إلى أهمية تصريح السفر الإلكتروني (ETA) الذي أُطلق في فبراير الماضي، وساهم في تسهيل السفر بشكل غير مسبوق، موضحةً أن الطلبات من الكويتيين تُعد من بين الأعلى بعد السعودية، نحو 148854 طلباً بين فبراير 2024 ومارس 2025. ولفتت إلى الزيادة الكبيرة في الطلبات مع اقتراب موسم الصيف فضلا عن الاقبال والاهتمام الكبير من الكويتيين لزيارة بلادها.
تجرية غنية بالتحديات
وصفت لويس تجربتها في البلاد بأنها غنية بالتحديات ومليئة بفرص التعلم والنمو على المستويين المهني والشخصي، مشيرة إلى أن الكويت شكّلت محطة بارزة في مسيرتها الدبلوماسية. وأوضحت أن مهمتها التي بدأت في أبريل 2021 تزامنت مع ذروة جائحة كوفيد 19، مما صعّب التواصل المباشر وبناء العلاقات، وهي من الركائز الأساسية للعمل الدبلوماسي. وأضافت أن العودة إلى اللقاءات الحضورية اعتباراً من فبراير 2022 أعطت دفعة إيجابية لعملها وسهلت تواصلها مع المجتمع المحلي.
نتعاون مع الكويت لتعزيز حقوق الإنسان وتمكين المرأة
أكدت لويس، أن العلاقات بين المملكة المتحدة والكويت في مجال حقوق الإنسان وتمكين المرأة تشهد تعاوناً وثيقاً وفعّالاً، لافتة إلى أن الكويت تلعب حالياً دوراً مسؤولاً كعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بينما تعمل الوفود البريطانية والكويتية جنباً إلى جنب في جنيف ونيويورك على ملفات مشتركة تتعلق بصياغة وتنفيذ أفضل المبادرات لدعم حقوق الإنسان حول العالم. كما عبّرت السفيرة عن إعجابها بخطوات الكويت الإيجابية في هذا المجال، خاصة رفع سن الزواج وإلغاء المادة 153 من القانون، معتبرةً أن هذه التعديلات تعكس التزام الكويت تحقيق المزيد من التقدم في حقوق المرأة.
وأضافت لويس أن السفارة البريطانية تنفذ عدداً من المبادرات بالتعاون مع جهات كويتية، أبرزها مشروع مشترك مع الهيئة العامة للرياضة بالتعاون مع منظمة تحالف الحماية البريطانية، يهدف إلتدريب وتأهيل النساء في المجال الرياضي، بما يشمل القياديات النسائيات في التدريب والتحكيم والإدارة الرياضية.
الرحيل بامتنان وذكريات جميلة
أعربت بليندا لويس عن حزنها لاقتراب مغادرتها خلال الأسابيع المقبلة، مشيرةً إلى أنها ستغادر محمّلة بذكريات ثمينة من فترة إقامتها التي تجاوزت السنوات الأربع، وهي أطول فترة تقضيها في مكان واحد.
وقالت: «سأغادر وأنا أحمل الكثير من الذكريات الجميلة: من التخييم في الصحراء، والضحك حول موائد العائلات، ومن متابعة أطفالي وهم يتعلمون السباحة، وركوب الدراجة، ويكوِّنون صداقات مع أطفال من جنسيات مختلفة، فالكويت بلد مميز جداً». وتمنت لو طالت فترة إقامتها، لكنها ممتنة لما عاشته من تجارب غنية ومليئة بالنشاط.
5 ركائز للعلاقات
01 التعاون في المجالات الدفاعية والأمنية
02 تنسيق مشترك لتعزيز الاستقرار الإقليمي
03 تعزيز الحوار الإستراتيجي وتبادل الزيارات
04 التبادل التجاري والاستثماري والشراكة الاقتصادية
05 التعاون في قطاعات الخدمات المهنية والتعليم
3 زيارات لسمو الأمير إلى بريطانيا في 4 سنوات
تطرقت السفيرة البريطانية إلى الزيارات التي قام سمو الأمير، والتي بلغت ثلاث زيارات رسمية للمملكة المتحدة، خلال الأعوام الماضية، مما يعكس عمق العلاقات التاريخية والودية بين البلدين.
وسلطت الضوء على زيارة سمو الأمير المهمة إلى أسكتلندا في يناير 2025، والتي كانت بمنزلة محطة ثقافية وتعليمية بارزة، حيث زار صاحب السمو Dumfries House، واطلع على مجموعة من الأنشطة التعليمية والمبادرات المرتبطة بالزراعة المستدامة، الأمن الغذائي، وترميم المباني التراثية. وشهدت الزيارة اهتماماً خاصاً بتطوير مهارات الشباب في مجالات متنوعة مثل الضيافة وتقديم الطعام، في إطار دعم فرص العمل والتنمية المحلية.
10 آلاف طالب كويتي في الجامعات البريطانية
أكدت السفيرة بليندا لويس أن المملكة المتحدة تظل الوجهة المفضلة للطلبة الكويتيين، حيث يدرس حالياً أكثر من 10,000 طالب في جامعاتها في البكالريوس والدراسات العليا، مشيدة بتنوع التخصصات وزيادة الاهتمام الأكاديمي من قبل الكويتيين الراغبين في الدراسة في بلادها.
«القفال».. يعكس عمق التراث البحري الكويتي
من التجارب التي حملتها معها، تحدثت لويس عن مشاركتها في فعالية «القفال»، وهو نهاية موسم الغوص على اللؤلؤ، وعودة سفن الغوص إلى الشاطئ، واصفةً إياها بأنها «حدث ثقافي مؤثر يعكس عمق التراث الكويتي واحتفاء المجتمع بماضيه البحري وارتباطه بالتراث».
المجتمع الدبلوماسي في الكويت يتسم بالدفء
وعند الحديث عن تميُّز تجربتها في الكويت مقارنة بمهمات دبلوماسية سابقة، قالت: إن ما يميز الكويت هو الدفء الكبير الذي يسود المجتمع الدبلوماسي، لافتةً إلى العدد الكبير من البعثات الدبلوماسية، والدعم الذي تقدمه وزارة الخارجية الكويتية لها. وأضافت: «لم أشعر في أي مكان آخر بمثل هذا الترحيب والدعم من الزملاء الدبلوماسيين كما شعرت هنا».
الكويت.. المحطة الأكثر دفئاً
وصفت لويس الكويت بأنها «البلد الأكثر دفئاً في تعاملاته الدبلوماسية»، قائلة: «الدفء لا يقتصر على الرسميات، بل يصل إلى دعوة الضيوف إلى المنازل ومشاركة اللحظات العائلية، وهو ما لم أعهده في أي مكان آخر، والمجتمع الكويتي ودود ومرحب ومضياف».
وتحدثت عن خصوصية شهر رمضان في الكويت، قائلة: «رغم عملي في دول إسلامية أخرى، لم أعش رمضان بهذا الزخم الاجتماعي كما عشته في الكويت، حيث الدعوات واللقاءات التي تعزز الترابط الاجتماعي».
الديوانية.. منبر ثقافي واجتماعي
أثنت لويس على تقاليد الديوانيات، ووصفتها بأنها «منبر ثقافي واجتماعي يوازن بين الرسمي والودي، وتشجع على الحوار المباشر بعيداً عن الأجهزة».
وروت حادثة طريفة وقعت خلال رمضان، حيث دخلت بالخطأ ديوانية لم تكن مدعوة إليها، لكنها استُقبلت بحفاوة. وقالت: «في بريطانيا، قد يتصل الناس بالشرطة إن دخل شخص غريب منزلهم بالخطأ، أما في الكويت، فيُقدَّم لك القهوة والتمر وتُرحب كأنك فرد من العائلة».