أي وحدة؟ والشمال تحكمه الإمامة!

فؤاد جُباري

في الذكرى الـ35 لما تسمى بـ'الوحدة اليمنية'، لا بد أن نستدعي إخوتنا في الشمال ليعيدوا قراءة الواقع بعيدًا عن العواطف والخطابات الجوفاء. ولأجل الإنصاف، دعونا نؤجل الحديث عن قضية الجنوب ومظلومياته وما دفع شعبه للانتفاضة وأوصله إلى ما وصل إليه في حاضر الحال، ونتحدث بموضوعية عن واقع الشمال اليوم: هل ما زال يمثل الكيان الذي توحدنا معه عام 1990؟

لقد قامت الوحدة على أساس جمهوري، دستوري، تعددي، يضمن التداول السلمي للسلطة؛ لكن ما الذي تبقى من هذا النموذج اليوم في الشمال؛ فالجمهورية دفنت في انقلاب 21 سبتمبر 2014، وثورة 26 سبتمبر طمست وحلت مكانها شعارات 'الولاية' و'الحق الإلهي في الحكم'.

- العاصمة صنعاء لم تعد عاصمة القرار الجمهوري، بل باتت مدينة مختطفة تدار من قبل جماعة طائفية يتحكم بها الشرطي الإيراني.

- الدستور والقوانين عطلت، واستبدلت بتوجيهات سلالية لا تؤمن بالشراكة ولا بالمواطنة المتساوية.

فمع من يتحدث البعض عن 'الوحدة'؟

هل نتحدث عن وحدة مع نظام إمامي سلالي لا يرى في الجنوب إلا تابعًا؟

أليست الإمامة هي النقيض التاريخي للوحدة والجمهورية؟

أليس من مارس الانقلاب والانفصال فعليًا هو من أسقط الدولة في صنعاء واستبدلها بمليشيا وعصابات، لا من يطالب اليوم باستعادة دولته في عدن؟

من يحتفلون بذكرى الوحدة، عليهم أولًا إعادة صنعاء إلى حضن الجمهورية، واستعادة النظام التعددي الذي توحدنا على أساسه؛ فالوحدة عقد، لا ذكرى، وشراكة، لا غنيمة.

إن الجنوب لم يخن الوحدة، بل الشمال هو من انقلب عليها مرات عديدة، حتى أوصلها وسلم مقدراتها أخيرًا لعقيدة طائفية فاسدة لا تؤمن بالدولة، ولا بالآخر، ولا بمستقبل مشترك.

وعليه؛ فإن الحديث عن الوحدة من قبل الأخوة في شمال اليمن في ظل هذا الواقع لم يعد سوى ترف لغوي يفتقر إلى أبسط معايير المنطق والواقعية؛ فالإنفصال مورس ويمارس من صنعاء وليس في عدن.