اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٢٦ تموز ٢٠٢٥
مع كل محاولة دولية للحل، يعود الجدل مرة أخرى للساحة السودانية حول الدور الذي ظل يلعبه الإخوان في تقويض كل المبادرات الدولية والإقليمية.
ورغم آمال الشارع في وضع نهاية للمعاناة الحالية، برزت مخاوف المراقبين السودانيين من دور الإخوان في المشهد، وقدرة التنظيم الإرهابي على تعقيد الحرب وقتل مبادرات الحل.
وبحسب مراقبين سودانيين، شكل التدخل السري لتنظيم الإخوان في اختطاف قرارات الجيش السوداني، عنواناً بارزاً وراء كل الإخفاقات السابقة التي صاحبت تاريخ المبادرات الدولية والإقليمية لإنهاء النزاع في السودان.
واستدل عدد من المراقبين بأن قيادات الجيش السوداني أفشلت إثر انصياعها لرغبة التنظيم الإخواني، كل الجهود الدولية والإقليمية السابقة، في 'جدة' و'المنامة' و'سويسرا'، ومما ساهم في إطالة أمد الحرب واتساع رقعتها في السودان.
إفشال المبادرات
فايز السليك المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، أقر بوجود تحديات كبيرة تواجه قيادات الجيش السوداني إن كانت فعلاً تحرص على الوصول إلى تسوية سلمية تُنهي الحرب في السودان.
وقال السليك في حديث لـ'العين الإخبارية'، إن: 'غياب الإرادة المستقلة لقيادات الجيش السوداني عن أجندة التنظيم الإخواني، يمثل أكبر عائق أمام أي جهود لإنهاء الحرب، لارتباط ذلك بمستقبل التنظيم وتشكيل المشهد لما بعد الحرب'.
وأضاف: 'هذه الحرب أشعلها التنظيم الإخواني بهدف إعادة ترسيم المشهد السياسي بالدماء، لذلك لن يقبل التنظيم الإخواني أي وقف للحرب لا يعيد الأوضاع لما قبل أبريل/نيسان ٢٠١٩ (تاريخ سقوط نظام الإخوان عبر ثورة شعبية في السودان)'. مؤكداً أن 'تنظيم الإخوان المسيطر تماماً على الجيش السوداني وقراراته، ومليشياته النخرطة في القتال في صف الجيش، يضعان كل العقبات في طريق أي مبادرة لوقف الحرب'.
السليك أشار إلى دور تنظيم الإخوان في إفشال الجهود الدولية والإقليمية السابقة، 'من خلال تحريك مواقف قيادة الجيش، باتجاه الهروب من أي التزامات قد تتمخض من تلك المبادرات'.
وزاد بالقول :'حتى لو وافق بعض العسكريين في الجيش السوداني على مبادرة مستقبلية، وكانت لديهم رغبة في وقف الصراع، فلن ينجحوا لأنهم تيار ضعيف مقارنة مع تيار الإخوان المتمدد داخل مفاصل هيئة الأركان والاستخبارات للجيش السوداني'.
أجندة معسكر الحرب
بدوره، قال رئيس دائرة الإعلام بحزب الأمة القومي في السودان، المصباح أحمد محمد لـ'العين الإخبارية'، إن بعض القوى السياسية السودانية المستفيدة من الحرب، وفي مقدمتها جماعات 'الإسلام السياسي' الممثلة في الحركة الإسلامية (الإخوان)، 'ستسعى لتقويض كل المبادرات الدولية والإقليمية، أو الالتفاف عليها'.
لافتاً إلى أن هذه الجماعات 'الإخوانية'، 'ترى في التسوية الشاملة نهاية لمشروعها السلطوي القائم على الفوضى والدمار، وتعتبر الحرب فرصتها الأخيرة للعودة إلى المشهد السياسي والتحكم في مفاصل الدولة'.
إلا أن المصباح عاد وقال إن الخيارات أمام 'معسكر الحرب' في بورتسودان، 'آخذة في الضيق مع تصاعد الضغط الدولي'. مشيراً إلى 'تزايد القلق الدولي من تداعيات الحرب السودانية على الأمن الإقليمي والدولي، لا سيما مخاطر تحوّل السودان إلى ملاذ للجماعات المتطرفة، أو نقطة عبور لتجارة السلاح والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن الانعكاسات المباشرة على دول الجوار التي تواجه موجات نزوح واسعة'.
وفيما يلي عرض لدور تنظيم الإخوان في إعاقة النتائج المرجوة من عدد من المبادرات الدولية والإقليمية التي سعت خلال الفترة الماضية، لإنهاء الحرب:
'حرب شعواء'
في بدايات العام 2024، وثقت منصات التواصل الاجتماعي في السودان، حملة إعلامية 'شعواء' أطلقها أفراد وجماعات تنتمي للتنظيم الإخواني، ضد اتفاق 'المنامة' الذي تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى في 20 يناير/كانون الثاني 2024، بواسطة شمس الدين كباشي مُمثلاً للجيش السوداني، وعبد الرحيم دقلو مُمثلاً لقوات الدعم السريع، في مدينة المنامة عاصمة دولة البحرين.
وكانت الحركة الإسلامية السودانية، الواجهة السياسية لتنظيم الإخوان، أعلنت صراحةً رفضها التام للاتفاق، وعزمها على مقاومته بكل الوسائل.
وبحسب تحليلات مراقبين في ذلك الوقت، فإن معارضة 'الإخوان' لاتفاق المنامة ينبع من أن الاتفاق كان مُشروطاً بضرورة تفكيك نظام الإخوان وعزله، فضلاً عن تأكيده على الالتزام بالقبض على الملاحقين والهاربين من العناصر الإخوانية.
وفي النهاية، تراجعت قيادات الجيش السوداني عن المُضي قُدما في اتفاق المنامة بسبب الحملة التي قادها عناصر الإخوان، وهو ما عدّه مراقبون دليلاً إضافياً على سيطرة التنظيم على قرارات الجيش.
فشل تجربة جنيف
في أغسطس/آب 2024، عقدت في مدينة جنيف بسويسرا، الاجتماعات التي رعتها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والهادفة إلى وقف الحرب في السودان.
وكانت الاجتماعات قد بدأت وتواصلت على الرغم من مقاطعة الجيش السوداني لها.
وبحسب تحليلات صاغها مراقبين وقتذاك، فإن رفض الجيش السوداني المشاركة في اجتماعات جنيف، جاء بسبب ضغوط مكثفة مارسها التنظيم الإخواني على قيادة الجيش بهدف مقاطعة أي مبادرات قد تقود إلى تسوية سياسية تُخرج جماعة التنظيم من المشهد السياسي بعد إيقاف الحرب.
ورغم أن الجيش السوداني وافق تحت ضغوط ٍ دولية في 18 أغسطس/آب 2024 على إرسال وفدٍ حكومي إلى القاهرة للقاء المبعوث الأمريكي آنذاك، توم بيريللو، والحكومة المصرية، لبحث تنفيذ مخرجات جدة كمدخلٍ للمشاركة في اجتماعات جنيف. إلا أن وفد الجيش السوداني لم يصل القاهرة كما كان متفقا عليه.
وحينها، كتب بيريللو الذي بقي في القاهرة لمدة يومين في انتظار وفد الجيش، على منصة 'إكس': 'كانت الحكومة المصرية قد حددت موعداً لعقد اجتماع مع وفدٍ قادمٍ من مدينة بورتسودان، لكن قيل لنا إنه قد تم إلغاء الاجتماع بعد أن خرق الوفد البروتوكولات'.