اخبار اليمن
موقع كل يوم -نيوز يمن
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
في خطوة تعكس إعادة النظر الدولية في آليات عمل بعثاتها وفعالية التدخل الأممي في اليمن، اقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دمج بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) ضمن مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ.
ويأتي هذا الاقتراح في إطار التوجه الأخير للمنظمة الدولية لتوحيد وإعادة هيكلة البعثات الأممية حول العالم، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى قدرة بعثة 'أونمها' على تحقيق أهدافها في محافظة الحديدة الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، خصوصاً في ظل العجز المستمر للبعثة عن تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم، واستمرار انتهاكات الحوثيين للهدنة واستغلالهم للموانئ والموارد المحلية لصالح مشروعهم العسكري والإيديولوجي.
الاقتراح الجديد يعكس إدراك الأمم المتحدة لوجود خلل هيكلي في البعثة وقيود على فعاليتها الميدانية، نتيجة محدودية التفويض والاعتماد على التزام الأطراف اليمنية، وهو ما أثبت فشله في منع التصعيد العسكري أو تقديم حماية حقيقية للسكان المدنيين في الحديدة. كما يعكس دمج البعثة مع مكتب المبعوث محاولة لتوحيد الجهود الأممية، وتعزيز التنسيق بين مختلف البرامج الإنسانية والسياسية والأمنية، بهدف تحقيق كفاءة أعلى في إدارة الأزمة اليمنية المعقدة، التي تتداخل فيها العوامل المحلية مع التأثيرات الإقليمية والدولية.
وبحسب مصادر دبلوماسية، من المتوقع أن يُتخذ القرار النهائي بشأن دمج البعثة خلال جلسة مجلس الأمن المزمع عقدها يوم الخميس، ضمن الاجتماع الدوري لمناقشة التطورات السياسية والعسكرية والإنسانية في اليمن، حيث من المنتظر أن تناقش الجلسة تداعيات استمرار التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، وتأثيرات الفشل المستمر للبعثة على جهود إحلال السلام، إلى جانب تقييم الدور الجديد المتوقع للمكتب الموحد تحت قيادة المبعوث الأممي.
تقييم فعالية البعثة وسط انتقادات متزايدة
أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير حديث حول التغييرات الهيكلية وإعادة تنظيم البرامج الأممية، إلى أن دمج بعثة 'أونمها' ضمن مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن يأتي في إطار خطوات استراتيجية لتعزيز الكفاءة والتماسك الهيكلي والتنسيق بين البعثات الأممية، بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2786 لعام 2025 الذي مدد ولاية البعثة لمدة ستة أشهر ونصف، حتى 28 يناير 2026، وطلب تقديم مراجعة إضافية قبل 28 نوفمبر 2025 لتقييم جدوى استمرارها وتحقيق المزيد من الكفاءة والفعالية في عملها على الأرض.
ويعكس التقرير رؤية الأمين العام بأن البعثة، على الرغم من استمراريتها لأكثر من ست سنوات منذ تأسيسها في 2019، تعاني من قيود ميدانية وهيكلية أعاقت قدرتها على فرض الالتزامات وتطبيق بنود اتفاق الحديدة، خاصة في ظل استغلال الحوثيين للهدنة لزيادة نفوذهم العسكري والسياسي، مما أدى إلى استياء متزايد من الأطراف الدولية والجهات المحلية على حد سواء.
وخلال جلسة التصويت على تمديد ولاية البعثة، ظهر تباين واضح في وجهات النظر بين أعضاء مجلس الأمن؛ فقد أكدت الولايات المتحدة على ضرورة إنهاء عمل البعثة، معتبرة أن استمرارها لم يحقق نتائج ملموسة على الأرض، وأن وجودها أصبح عبئاً على جهود السلام، فيما أبدت كل من روسيا والصين موقفاً داعماً لاستمرارية البعثة، مشددتين على دورها الرمزي في تحقيق الاستقرار بالحديدة ومراقبة الوضع الأمني، واعتبارها أداة للتقليل من التصعيد المباشر، رغم الفشل الجزئي في تنفيذ أهدافها الأساسية.
ويُنظر إلى هذا الانقسام في المجلس على أنه انعكاس للتوازنات الجيوسياسية الدولية وتأثيرها على الملف اليمني، حيث تسعى بعض القوى الكبرى إلى إعادة هيكلة العمل الأممي لتقليل الهدر في الموارد وتعزيز التنسيق، بينما ترى أخرى أن استمرار البعثة يوفر غطاءً دبلوماسياً ووسائل مراقبة على الأرض، في ظل عدم وجود قوة دولية بديلة لمراقبة الانتهاكات الحوثية في الحديدة.
خلفيات القرار: عجز البعثة عن تحقيق اتفاق ستوكهولم
ويأتي اقتراح دمج بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة ضمن مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن على خلفية انتقادات متكررة وجهت للبقاء الطويل للبعثة دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض. إذ يشير المراقبون إلى أن البعثة لم تتمكن منذ تأسيسها في 16 يناير 2019 بعد مشاورات ستوكهولم، من فرض بنود اتفاق الحديدة أو ضمان الالتزام بها من قبل ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، وهو ما أثار استياء الحكومة اليمنية والجهات الدولية الداعمة للسلام.
وتتهم الحكومة اليمنية البعثة الأممية بالتستر على انتهاكات الحوثيين المتواصلة، بما في ذلك استقدام التعزيزات العسكرية، واستغلال موانئ الحديدة في تهريب الأسلحة وتمويل أنشطة الجماعة الإرهابية، بالإضافة إلى عدم إحراز أي تقدم ملموس في إعادة الانتشار العسكري، أو فصل القوات، أو حماية المدنيين في المحافظة. وترى الحكومة أن استمرار البعثة في ظل هذه المعطيات لا يسهم في إحلال السلام، بل قد يؤدي إلى تعزيز قدرة الحوثيين على الالتفاف على الاتفاق واستغلاله لمصالحهم السياسية والعسكرية.
وكان الجنرال مايكل بيري، رئيس بعثة 'أونمها'، قد أشار سابقاً إلى محدودية قدرات البعثة على فرض السلام على الأرض، موضحاً أن نجاحها يعتمد أساساً على التزام الأطراف اليمنية نفسها، وهو ما فسرته الحكومة والمراقبون على أنه دليل صريح على عجز البعثة عن مواجهة الانتهاكات الحوثية، وعدم قدرتها على التأثير على الواقع الميداني في الحديدة. ويضيف هذا العجز إلى المناقشات الدولية حول جدوى استمرار البعثة، ويشكل أحد الأسباب الأساسية وراء توجه الأمم المتحدة لإعادة هيكلة البعثات الأممية وتوحيدها ضمن مكاتب المبعوثين لتفعيل الرقابة وتحقيق نتائج أكثر واقعية وفعالية.
اجتماع الخميس: ملفات سياسية وأمنية وإنسانية متشابكة
من المتوقع أن يقدم كل من مبعوث الأمين العام إلى اليمن هانز غروندبرغ، والأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية جويس مسويا إحاطتين خلال الجلسة المغلقة لمجلس الأمن، تتناولان المستجدات السياسية والأمنية والحقوقية والاقتصادية والإنسانية في اليمن. كما ستناقش الجلسة التصعيد الحوثي الأخير في البحر الأحمر، وتأثيراته المباشرة على جهود إحلال السلام، بما في ذلك تهديد خطوط الملاحة الدولية واستمرار تهريب الأسلحة وتعزيز النفوذ العسكري للمليشيا، وهو ما يزيد من تعقيد العملية السياسية ويعيق الوصول إلى حلول سلمية دائمة.
ويأتي الاجتماع في سياق تقييم المجلس الدولي لفاعلية البعثات الأممية في اليمن، وسط ضغوط متزايدة لإعادة هيكلة عملها بما يتوافق مع واقع الميدان. ويعكس هذا التوجه الأممي خطوة نوعية نحو تعزيز التنسيق بين برامج الأمم المتحدة المختلفة، وتوحيد الجهود تحت إشراف المبعوث الخاص، بما يسهم في تقديم استجابة أكثر فعالية ومرونة للتحديات الإنسانية والأمنية المتفاقمة في محافظة الحديدة والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ويؤكد محللون أن الجلسة لن تقتصر على تقييم أداء البعثة فحسب، بل ستشمل مناقشة السياسات الأممية تجاه الانتهاكات الحوثية، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ورفع العوائق أمام برامج التطعيم والصحة والتعليم، وهو ما يجعل الاجتماع محورياً لتحديد مستقبل التدخل الدولي في اليمن، واستراتيجية الأمم المتحدة لمواجهة تحديات المليشيا الإيرانية المتصاعدة.