شهدت أسواق الدواجن في مصر خلال الأيام الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في الأسعار، لتسجل أدنى مستوياتها منذ شهر رمضان الماضي، في ظل حالة من الركود التجاري وزيادة المعروض، وسط تحذيرات من تداعيات هذا الانخفاض على صغار المنتجين وقدرة السوق على الحفاظ على استقراره مستقبلًا.

أسعار الدواجن تنخفض بنسبة 27% منذ نهاية مايو

قال عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، إن سعر كيلو الدواجن البيضاء بالمزرعة تراجع إلى 63 جنيهًا، مقابل 87 جنيهًا بنهاية مايو، أي بانخفاض بلغت نسبته 27%.

وأشار إلى أن سعر التجزئة للمستهلك يتراوح حاليًا بين 73 و75 جنيهًا للكيلو، انخفاضًا من أكثر من 95 جنيهًا خلال شهر رمضان، ما يعكس حالة الانخفاض الواسعة في أسعار السوق.

أما بالنسبة لـ سعر البانيه، فقد سجل ما بين 140 و160 جنيهًا للكيلو، مع تفاوت الأسعار حسب المناطق وطبيعة العرض والطلب المحلي.

أسباب التراجع: الركود وزيادة المعروض بعد العيد

وأوضح عبدالعزيز السيد أن تراجع الأسعار يعكس بشكل أساسي آليات السوق المرتبطة بالعرض والطلب، مشيرًا إلى أن الفترة التالية لإجازة عيد الأضحى المبارك عادة ما تشهد انخفاضًا في الإقبال على شراء الدواجن، بسبب تفضيل الأسر المصرية للحوم الحمراء بعد الأضحية.

وأضاف أن الأسواق شهدت زيادة ملحوظة في المعروض من الدواجن بعد انتهاء فترة الأعياد، الأمر الذي ساهم في مزيد من الضغط على الأسعار.

خسائر للمربين وتهديد بخروج صغار المنتجين

رغم تراجع الأسعار، لا تُعدّ هذه التطورات إيجابية بالنسبة لجميع أطراف السوق. فقد حذر رئيس الشعبة من أن الأسعار الحالية تسبب خسائر مباشرة للمربين، إذ تُباع الدواجن بأقل من تكلفة إنتاجها بنسبة تقارب 16%.

وأشار إلى أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى خروج عدد من صغار المنتجين من السوق، وهو ما سيُحدث فجوة مستقبلية بين العرض والطلب، بما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار على المدى المتوسط.

ارتفاع أسعار الأعلاف يزيد الضغوط على المنتجين

زاد الوضع سوءًا بعد ارتفاع أسعار الأعلاف بنسبة 15% مؤخرًا، إذ بلغت تكلفة الطن الواحد نحو 23 ألف جنيه مقارنة بـ20 ألف جنيه الشهر الماضي.

هذا الارتفاع في مدخلات الإنتاج، مع الانخفاض الحاد في أسعار البيع، يضغط بشدة على هوامش الربح ويجعل الكثير من مزارع الدواجن غير قادرة على الاستمرار ماليًا، خاصة في ظل تأخر بعض سلاسل التوريد في دفع مستحقاتها، وفق ما نقله السيد.

تحذير من تقلبات قادمة

ورغم أن تراجع الأسعار يمثل خبرًا سارًا للمستهلكين في الوقت الحالي، فإن الخبراء يحذرون من اعتباره مكسبًا طويل الأجل، في ظل التهديد بانسحاب المنتجين من السوق إذا استمرت الخسائر، مما قد يؤدي إلى نقص في المعروض وعودة الأسعار للارتفاع بشكل مفاجئ.

وقال السيد إن الحفاظ على استقرار السوق يتطلب دعمًا من الدولة والمستثمرين الكبار لصغار المنتجين، وتوفير حلول تمويلية لتخفيف عبء التكلفة، وتحديد آليات لضبط الأسواق ومنع الممارسات الاحتكارية في قطاع الأعلاف.

يُتوقع أن يبقى سوق الدواجن تحت الضغط خلال الأسابيع المقبلة، مع غياب محفزات قوية للطلب، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه المستهلك المصري.

ويرى أن التوازن بين حماية المستهلك وضمان استمرارية الإنتاج المحلي يتطلب إجراءات عاجلة من الجهات المعنية، تشمل مراقبة أسعار الأعلاف، وتقديم دعم مالي مؤقت للمربين المتضررين، خاصة في المناطق الريفية والمزارع الصغيرة.