اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
أعلنت فرنسا ومصر تنظيم مؤتمر دولي مشترك لإعادة إعمار قطاع غزة، يُعقد في القاهرة خلال نوفمبر 2025، في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية بين إسرائيل وحركة حماس.
وجاء الإعلان خلال قمة شرم الشيخ للسلام، التي جمعت قادة من الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، بهدف رسم ملامح المرحلة الانتقالية في غزة بعد الحرب. وقد أكدت باريس والقاهرة أن المؤتمر سيُركز على ثلاث أولويات: الإغاثة الإنسانية العاجلة، إعادة الإعمار، وتأسيس آلية أمنية دولية تضمن الاستقرار طويل الأمد في القطاع، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية.
وتحركت فرنسا لتقديم مقترح رسمي إلى مجلس الأمن الدولي يدعو إلى تشكيل 'قوة استقرار متعددة الجنسيات' تعمل تحت تفويض أممي، وتُكلف بمهمة نزع سلاح الفصائل المسلحة، وتأمين المعابر، والإشراف على إعادة بناء المؤسسات المدنية في غزة.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أمام الجمعية الوطنية أن بلاده 'لن تكتفي بإرسال المساعدات، بل ستشارك في صياغة بنية أمنية جديدة تضمن عدم تكرار دوامة العنف.'
وأضاف أن باريس تُجري مشاورات مع دول عربية وأوروبية، من بينها مصر وقطر والأردن وألمانيا، لتشكيل نواة هذه القوة، التي يُتوقع أن تضم عناصر أمنية ومدنية، وتعمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن من شرم الشيخ أن بلاده ستلعب 'دورًا خاصًا' في إدارة المرحلة الانتقالية، مشيرًا إلى استعداد فرنسا لتدريب قوات أمن فلسطينية محلية، والمساهمة في إعادة تأهيل البنية التحتية والمؤسسات الإدارية.
وقال ماكرون: 'السلام لا يُبنى فقط بالاتفاقات، بل بالمؤسسات التي تحميه.' هذا التصريح جاء في وقت تصاعد فيه الجدل داخل أوروبا حول جدوى الاعتراف بدولة فلسطينية في ظل استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني، وغياب رؤية موحدة لإدارة غزة بعد الحرب.
وفي القاهرة، كثّفت الحكومة المصرية تحركاتها الدبلوماسية لتثبيت دورها كمحور إقليمي في الملف الفلسطيني. وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مؤتمر القاهرة سيُبنى على الزخم السياسي الناتج عن قمة شرم الشيخ، وسيركز على إزالة الأنقاض، وتنسيق جهود الإغاثة، وتفعيل آلية دولية لإعادة الإعمار. كما أشار إلى أن مصر ستعمل على ضمان دخول المساعدات عبر معبر رفح، وتوفير ممرات آمنة للمنظمات الإنسانية، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويقدّر تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن أكثر من 190 ألف وحدة سكنية ومبنى في غزة تعرضت للدمار أو الضرر، وأن البنية التحتية الأساسية—من شبكات المياه والكهرباء إلى المستشفيات والمدارس—تحتاج إلى إعادة بناء شبه كاملة. كما حذرت منظمات إغاثة دولية من أن تأخير إعادة الإعمار قد يُفاقم الأزمة الإنسانية، ويُعيد إنتاج الظروف التي أدت إلى اندلاع الحرب.
في السياق ذاته، عبّرت الولايات المتحدة عن دعمها للمؤتمر، لكنها لم تُعلن بعد موقفًا واضحًا من المقترح الفرنسي بشأن القوة الأممية. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن 'تُرحب بأي مبادرة تُسهم في استقرار غزة، شريطة أن تحظى بقبول إقليمي واسع، وتُراعي المخاوف الأمنية لإسرائيل.' هذا الموقف يعكس توازنًا دقيقًا تسعى إدارة ترامب للحفاظ عليه، بين دعم جهود إعادة الإعمار، وضمان عدم عودة حماس إلى السيطرة على القطاع.
من جهة أخرى، أبدت إسرائيل تحفظًا على فكرة نشر قوة دولية في غزة، معتبرة أن أي وجود أجنبي يجب أن يكون منسقًا معها أمنيًا، وألا يُقيد حرية تحرك الجيش الإسرائيلي في حال تجددت التهديدات. في المقابل، رحبت السلطة الفلسطينية بالمبادرة الفرنسية، واعتبرتها “فرصة لإعادة غزة إلى الشرعية الفلسطينية، وإنهاء الانقسام الداخلي”، وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ويُمثل المؤتمر الفرنسي-المصري لإعادة إعمار غزة اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي على تجاوز الانقسامات السياسية، وتقديم نموذج عملي للتعاون في مرحلة ما بعد الحرب.