هل تساءلتِ يوماً عن وجهة سياحية تجمع بين الفن، الهدوء والعافية والطبيعة الطاغية والمغامرات المشوّقة؟ هل كنتِ تبحثين عن مكان يمكنكِ فيه أن تبحري وسط غابات المانغروف وتشاهدي سباق قوارب لا يُشبه شيئاً رأيتهِ من قبل وتتذوقي مأدبة نباتية تقليدية تُقدَّم على أوراق الموز؟ إذا كانت إجابتكِ نعم، فربما حان الوقت لتضعي كيرالا، جوهرة الجنوب الهندي، على خريطتكِ السياحية. فهذه الولاية ليست مجرد مكان، بل تجربة متكاملة تعانق فيها الثقافةُ الطبيعة، ويجتمع فيها التاريخُ بالفن وتجدين فيها مساحات للتأمل وأخرى للتحدي والانطلاق. في كيرالا، يمكنكِ الانطلاق في جولة تراثية بين كنائس برتغالية ومنازل هولندية قديمة، ثم تجدين في وسط السكون في مياه خلفية تحيطها أشجار النخيل، قبل أن تشاهدي سباق قوارب الأفاعي المذهل. هل تستهويكِ الفنون التقليدية؟ ستجدين الكاثاكالي والموهينياتام والكلاريباياتو في متناول عينيكِ. وإن كنتِ من عاشقات الطبيعة، فما رأيكِ بمراقبة الطيور النادرة، أو تسلّق قمة تحرسها بحيرة على شكل قلب؟، بحسب سيدتي.

جولة تراثية في فورت كوتشي

الجزء الأكثر أصالة في ولاية كيرالا هو فورت كوتشي، الذي شكّله التجار منذ القرن الخامس عشر. تصطف الكنائس البرتغالية والمنازل ذات الطراز الهولندي على جانبي الشوارع المظللة بالأشجار، بينما تبرز الشباك الصينية الشهيرة والمعلقة على الساحل، رغم مظهرها المتأرجح وغير المستقر. تنبض المنطقة بطاقة إبداعية ملهمة بفضل كوتشي-موزيريس بينالي وهو أكبر معرض فني في الهند ويُقام كل عامين من ديسمبر إلى مارس. إلى الجنوب من فورت كوتشي تقع ماتانتشيري، التي تضم قصر ماتانتشيري العائد للقرن السادس عشر، إلى جانب كنيس باريدسي الشهير ببلاطه الأزرق المرسوم يدويًا والمستورد من الصين.

أبحر في مياه محاطة بأشجار النخيل

من أروع التجارب التي يمكنكِ خوضها في كيرالا، الإبحار في المياه الخلفية وهي شبكة مترابطة من الأنهار والبحيرات المالحة والقنوات التي تمتد على جزء كبير من الولاية. يُعدّ التنقل على متن الـ كيتوفالام وهو قارب أرز تقليدي تم تحويله إلى منزل عائم، الصورة الأيقونية لأي رحلة إلى كيرالا. ورغم أن مياه ألابوزا الخلفية هي الأشهر، إلا أن مياه فاليابارامبا الخلفية، التي تمر عبر منطقة كاساراغود في أقصى شمال كيرالا، تقدّم لكِ رحلة أكثر هدوءاً لا يقل روعة. ولتجربة أكثر قرباً واندماجاً مع الطبيعة، يمكنكِ التجديف بالكاياك في مياه فاليابارامبا الخلفية وأجمل ما في الرحلة هو الوصول إلى تجمع من أشجار المانغروف التي تبدو كأنها سراب أخضر يخرج من قناة ساكنة.

عيش سباقات قوارب الأفاعي

إذا كنتِ في كيرالا خلال موسم الأمطار من يونيو حتى سبتمبر، فلا تفوّتي مشاهدة سباقات قوارب الأفاعي المثيرة. قوارب الـتشوندان فالام الطويلة التي كانت تُستخدم في الحروب سابقاً، تنطلق بسرعة عبر المياه الخلفية، بقيادة ما يصل إلى 100 مجدّف يتحركون بتناغم مذهل. السباق الأشهر هو سباق نهرو تروفي للقوارب، الذي يُقام في مياه بوننامادا في أليبّي ويتزامن مع مهرجان الحصاد أونام.

شاهد فنون ما قبل التاريخ

تقع كهوف إداكال على قمة تلٍّ ناءٍ وهي مجموعة من الكهوف الصخرية تحتوي على نقوش حجرية عمرها 6000 عام، تُصوّر الحيوانات والرموز والأدوات والبشر في الغرفة العليا، بينما تضم الغرفة السفلى كتابات قديمة باللغتين التاميلية والبراهمية. للوصول، ستحتاجين إلى صعود تلّ شديد الانحدار من نقطة الوقوف قرب أمبالافايال وصولاً إلى شباك التذاكر، ثم صعود نحو 300 درجة لتصلي إلى الكهف الأعلى المضئ بأشعة الشمس. وفي الأيام الصافية، يمكنكِ الاستمتاع بمنظر خلاب لغابات واياناد الساحرة.

راقب الحياة البرية في جبال الغاتس

من قرود المكاك ذات الذيل الأسدي إلى طيور مالابار الرمادية النادرة ومن الفراشة الجنوب هندية العملاقة إلى النمور الخجولة، تمتلك كيرالا تنوعاً بيولوجياً في جبال الغاتس الغربية. من أبرز الوجهات السياحية محمية بيرييار للنمور في جنوب كيرالا، حيث تُنظم برامج لمراقبة الحياة البرية تحت إشراف مرشدين كانوا سابقاً صيادين متقاعدين. في رحلة سفاري بالقارب على البحيرة، قد تُشاهدين الأفيال والبيسون الهندي والعديد من الطيور، خصوصاً في شهري مارس وأبريل عندما تقترب الحيوانات من الماء. في مرتفعات مونّار، تقع حديقة إيرافيكولام الوطنية، موطن ماعز النيلغيري النادر وزهرة نيلكورينجي البنفسجية التي تكسو التلال مرة كل 12 عاماً، بين أغسطس وأكتوبر. أما في محمية بارامبيكولام للنمور شمال كيرالا، فيمكنكِ الانضمام إلى جولات مشي بقيادة خبراء محليين، أو خوض تجربة التجديف على طوافات البامبو عبر البحيرة الهادئة. إذا توجهتِ إلى محمية واياناد للحياة البرية، ستستمتعين برحلة سفاري بالجيب قد تمتد ساعتين. وهناك احتمال كبير لرؤية أفيال برية، غزلان السامبر، قرود اللانغور وربما إن حالفكِ الحظ تشاهدين نموراً أو فهوداً. أما محمية أرالام شمال غرب كيرالا، فهي ملاذ لعاشقات الفراشات، حيث تضم أكثر من 250 نوعاً. ويمكنكِ الاستمتاع بالسفاري، أو المشي في الطبيعة، أو حتى التخييم وسط الخُضرة.

اقفز من شاطئ إلى آخر

تُعدّ كيرالا وجهة تمتد سواحلها لأكثر من 600 كم. شاطئ كوفالام هو أحد أفضل وجهات ركوب الأمواج في الهند، حيث تجدين أمواجاً مثالية من أكتوبر حتى أبريل. إن كنتِ مبتدئة، فمدرسة كوفالام سيرف كلوب توفر دروساً ممتازة. أما شمالًا، على بُعد 59 كم، يقع شاطئ فاركالا الذي يمتلك مشهداً مزدهراً لركوب الأمواج. للمزيد من المغامرة، توجهي إلى شاطئ موزابيلانغاد في كانّور، الشاطئ الوحيد في كيرالا حيث يمكنكِ قيادة السيارة على الشاطئ. وهناك العديد من الأنشطة مثل الطيران الشراعي، ركوب القوارب، السباحة. شاطئ بيكال الفاخر، في شمال غرب كيرالا، يُقدّم لكِ مزيجاً من التاريخ والفخامة. من القلعة التي تعود لأكثر من 350 عاماً، يمكنكِ التمتع بإطلالات بانورامية مذهلة. إن كنتِ تبحثين عن شواطئ هادئة تشبه الجزر المنعزلة، فاختاري شاطئ ثوتادا أو تشيراي أو ماراري.

تذوق المأدبة الكيرالية التقليدية

لا تكتمل زيارتكِ إلى كيرالا دون تجربة ساديا وهي وليمة نباتية تقليدية تُقدّم في مناسبات مثل مهرجان أونام أو حفلات الزفاف. تتكوّن الوجبة من 24 إلى 60 طبقاً متنوعاً يشمل: المخللات، الشاتني، رقائق الموز المقرمشة، أطباق الكاري، الخضروات المقلية، الأرز.، راسام مرق يعتمد على العدس والتاماريند، وبايسام بودينغ الأرز الحلو.

استعيد عافيتك مع الأيورفيدا

إن كنتِ تبحثين عن تجربة شفاء شاملة للجسم والروح، فلا مكان أفضل من كيرالا مهد الأيورفيدا، هذا العلم العلاجي العريق الذي يمتد لأكثر من 5000 عام ويجمع بين اليوغا، الغذاء الصحي وتوازن أسلوب الحياة. بفضل المناخ الاستوائي ووفرة الأعشاب الطبية، تنتشر منتجعات الأيورفيدا في أنحاء كيرالا.

تسلق قمة تشيمبرا

إن كنتِ تحبين التنزه بين أحضان الطبيعة، فإن قمة تشيمبرا في واياناد هي خيار مثالي. ترتفع القمة 2100 متر فوق سطح البحر وتمنحكِ مغامرة معتدلة. يبدأ المسار من نقطة المراقبة قرب مكتب غابات تشيمبرا، مروراً بحدائق الشاي الخضراء ومزارع التوابل والغابات الكثيفة. رغم أن القمة نفسها مغلقة بسبب وجود الحيوانات البرية، إلا أنه بإمكانكِ الوصول إلى البحيرة ذات الشكل القلبي والمعروفة محلياً بـ هريديا ساراس.

استرخي بين تلال مونّار الخضراء

تلال مونّار الخضراء تُعدّ ملاذاً هادئاً وبارداً، مغطاة بحدائق الشاي ذات الرائحة الزكية. في القرن الـ19، كانت مفضلة لدى البريطانيين كملاذ صيفي وما زالت حتى اليوم وجهة للاسترخاء والسكون. استمتعي بالتنزه في حديقة بلوسوم الدولية، تذوقي الشاي في مصنع لوكهارت أو قومي برحلات قصيرة إلى Top Station وEcho Point. ولا تنسي تجربة التجديف في سد ماتوبتي. جربي تسلق ميسابوليمالا، ثاني أعلى قمة في جبال الغاتس وسط مروج خضراء وغابات غامضة.