تدفع ممارسات الحوثيين الذين يسيطرون على أجزاء من شمال اليمن ما يقارب ثلاثة ملايين شخص نحو المجاعة، إذ يواصلون اعتقال العشرات من عمال الإغاثة، كما صعّدوا من هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر وأغرقوا سفينتين خلال يومين.

ومع استمرار الجماعة في إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، تتصاعد المخاوف من استئناف الضربات الإسرائيلية التي عطّلت منذ أيام أجزاء من أرصفة ميناء الحديدة، التي دُمّر معظمها في غارات سابقة.

وعلى وقع هذه التطورات، غادرت المنظمات الإنسانية محافظة الحديدة التي تضم الموانئ الثلاثة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عقب الضربات الأخيرة والهجمات على السفن، في خطوة تنبئ بتصعيد عسكري في المنطقة قد يتجاوز المواجهات التي شهدتها خلال العام الماضي ومطلع العام الحالي، وهو أمر يرى فيه سياسيون واقتصاديون يمنيون مؤشراً على مزيد من التدهور وإغراق البلاد في الصراع الإقليمي.

الأضرار التي لحقت بميناء الحديدة أوقفت تدفق المساعدات (إعلام محلي)

وفي مسعى من الجماعة لتهدئة مخاوف المنظمات، استدعى ثلاثة من وزراء حكومتها غير المعترف بها ممثلي المنظمات الأممية في صنعاء وطالبوهم بالعودة للعمل في الحديدة، قائلين إن حركة انسياب البضائع مستمرة إلى موانئها، ومع ذلك اشتكوا من الأضرار التي تعرضت لها أرصفة ميناء الحديدة، وقالوا إنها تمس المواطنين بشكل مباشر، وهي «عار على الأمم المتحدة التي تشارك في هذه الجرائم بصمتها المريب».

وقال محافظ الحديدة عبد الله عطيفي، والمعين من قبل الحوثيين، إن استهداف الموانئ ومحطة الكهرباء «جريمة حرب»، وإن صمت الأمم المتحدة مدان، لأن ملايين من اليمنيين يعتمدون في تلبية احتياجاتهم الأساسية على تلك الموانئ، ووصف موقف المنظمات الإنسانية بأنه «انسحاب سياسي لا علاقة له بعملها الإنساني»، وإنها «تنفذ السياسة الأميركية الإسرائيلية».

وسط مخاوف من عودة الضربات على موانئ الحديدة وتعطيل عملها بشكل كامل، أظهر التحليل الخاص بوضع الأمن الغذائي أن ما يقارب 3 ملايين يمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يعانون من سوء التغذية الحاد، نتيجة استمرار الصراع والتدهور الاقتصادي والصدمات المناخية وانخفاض المساعدات الإنسانية.

ونبّه التحليل الأممي إلى أن من بين هؤلاء 400 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، و1.3 مليون آخرين يعانون من سوء التغذية الحاد المتوسط أو المعتدل، إضافة إلى مليون امرأة حامل ومرضع.

البيانات الأممية أكدت أن 6 من مديريات محافظة الحديدة سجلت احتياجات غذائية عالية جداً وتقترب من مرحلة المجاعة، وهي: الزهرة، والصليف، والمنيرة، والقناوص، والزيدية، والضحي.

كما ظهرت مثل هذه البؤر في 3 من مديريات محافظة الجوف، إضافة إلى مديرية دمت شمال محافظة الضالع، وأكدت أن ما بين 55 في المائة و70 في المائة من سكان هذه المديريات يعيشون في المرحلة الثالثة أو أعلى من سوء التغذية الحاد في التصنيف الدولي.

في ظل توقف برنامج المساعدات الغذائية الإنسانية في مناطق سيطرة الحوثيين جراء التخفيضات الكبيرة في التمويل، يُتوقع أن تشهد تلك المناطق تدهوراً كبيراً في الوضع المعيشي لـ2.8 مليون شخص يعتمدون عليه، لا سيما النازحين والأسر التي تفتقر إلى مصادر دخل بديلة في عمران والجوف وحجة والحديدة ومأرب.

محافظة الحديدة الخاضعة للحوثيين سجلت أعلى معدلات الاحتياجات الغذائية (إعلام محلي)

ورأت المنظمات الإغاثية أن تحسّن الوضع الإنساني يتطلب وقف الأعمال العدائية، وتهدئة التوترات (محلياً وإقليمياً)، والاستئناف الفوري للمساعدات الغذائية، ودعم سبل العيش وتوسيع نطاقها، وتحسين بيئة العمل؛ بما فيها ضمان سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني في تلك المناطق، حيث لا يزال العشرات من عمال الإغاثة في سجون مخابرات الحوثيين منذ عام.

واشترطت المنظمات إزالة القيود المفروضة، وتسريع الموافقات على اتفاقيات الشركاء، لأنها أولويات «حاسمة» لضمان حلول مستدامة لأزمة انعدام الأمن الغذائي في مناطق الحوثيين، وضمان التعافي الاجتماعي والاقتصادي في عموم البلاد.