اخبار السودان
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
اليأس يستولي عليهم بعد جفاف أرضهم مع استمرار القتال
بمرارة، يتأمل حاتم أحمد عبدالحميد بقايا نخيله في الأرض المتشققة المحرومة من المياه بعدما جفت قنوات الري في شمال السودان، جراء الحرب المستعرة منذ أكثر من عامين.
يقول عبدالحميد لوكالة الصحافة الفرنسية من مزرعته في قرية تنقاسي الواقعة في الولاية الشمالية على الحدود مع مصر 'فقدت ما بين 70 و75 في المئة من محاصيلي هذا العام، والآن أحاول إنقاذ ما تبقى'.
وكمعظم المحاصيل في السودان، تعتمد زراعته على مضخات مياه تعمل بالكهرباء، إلا أن هذه المضخات توقفت 'منذ أكثر من شهرين' نتيجة النزاع المستمر.
ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات 'الدعم السريع' بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب 'حميدتي'.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت 13 مليوناً داخل وخارج البلاد، وتسببت في تدمير البنية التحتية بما في ذلك محطات توليد الكهرباء، وبذلك لم تعد مياه النيل تصل إلى الأراضي الزراعية.
وضع شبه ميؤوس منه
يتابع عبدالحميد 'نحن في وضع شبه ميؤوس منه، حاولنا إيجاد بدائل للكهرباء لكن كلفة الديزل أغلى بـ20 مرة'.
ويشير إلى أن نفقاته في السابق كانت تراوح ما بين 3 و4 آلاف جنيه سوداني (نحو أربعة إلى خمسة يوروهات) لكل عملية ري، أما اليوم فيحتاج ما بين 60 و70 ألف جنيه سوداني (85 إلى 100 يورو).
من جانبه يؤكد عبدالحليم أحمد الزبير وهو مزارع آخر من المنطقة، أن الكلف تضاعفت أكثر من عشر مرات قائلاً 'كنت أستثمر 10 آلاف جنيه سوداني في الري، أما اليوم فقد بلغت الكلفة 150 ألف جنيه' (أي نحو 14 إلى 211 يورو). ويضيف 'خسرنا ثلاثة مواسم زراعية حتى الآن، والمزارع التي كانت سابقاً مليئة بالحبوب والمحاصيل أصبحت الآن شبه خالية، كل ما زرعناه دُمر'.
وفي ظل النقص الحاد في البذور والأسمدة والوقود لن يتمكن كثير من المزارعين من زراعة أرضهم في الوقت المناسب، مما ينذر بكارثة زراعية في الموسم المقبل.
عام 2024 توقفت أنشطة نحو 35 في المئة من الأسر الريفية في الولاية الشمالية بسبب النزاع، وفقاً لدراسة مشتركة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) والمعهد الدولي لأبحاث سياسة الغذاء (IFPRI).
خسائر القطاعين الصناعي والزراعي
قدر الباحث عبدالفتاح حامد علي من مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية خسائر البلاد الناتجة من تدمير القطاعين الصناعي والزراعي بأكثر من 170 مليار يورو خلال عامين من الصراع، في مقابلة نشرت على موقع مبادرة الإصلاح العربي.
ويرى أن الحرب تفاقم ظاهرة التصحر الناتجة من تغير المناخ في أحد أكثر البلدان تأثراً في أفريقيا، إذ يلجأ النازحون من أجل البقاء إلى قطع الأشجار وتحويل مناطق تلجأ إليها الحيوانات في هجراتها أو مخصصة للرعي إلى أراضٍ زراعية مما يعمق الخلل البيئي، كذلك يخلف النزوح الريفي أراضي مهجورة عرضة للتآكل والجفاف.
وكانت البلاد قد بدأت بالكاد تلتقط أنفاسها بعد الجفاف الكبير الذي ضربها عام 1985 وأدى إلى مجاعات واسعة النطاق ونزوح جماعي نحو المدن، حتى جاءت حرب عام 2023 لتقضي على ما تبقى من بوادر التعافي، وفقاً لدراسة نشرت في مجلة 'صدى' الصادرة عن برنامج كارنيغي للشرق الأوسط.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن قطاع الزراعة الذي يشكل المصدر الأساس للغذاء والدخل لنحو 80 في المئة من السكان ينهار تحت وطأة العنف والتهجير والانهيار الاقتصادي.
ومع دخول الحرب عامها الثالث أدى الصراع في السودان إلى دفع أكثر من نصف السكان نحو حال من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسط تزايد بؤر المجاعة وسوء التغذية في مناطق عدة، وفقاً للأمم المتحدة.