اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ أيلول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
كشفت منظمة كير، في دراسة حديثة، عن تراجع إنتاج 89% من المزارعين في دارفور وكردفان نتيجة مباشرة للنزاع الدائر في السودان، ما يشكل ضربة قاسية للأمن الغذائي المحلي ويزيد من معاناة الأسر الريفية. الدراسة التي عُنونت بـ 'النزاع، الزراعة والنساء في السودان' سلطت الضوء على حجم الكارثة الإنسانية والاقتصادية التي تهدد مستقبل الزراعة كمصدر رئيسي للعيش في هذه المناطق.
تفاصيل الدراسة الميدانية وأهدافها
اعتمدت الدراسة على مسح أسري شمل 492 مزارعًا من أصحاب الحيازات الصغيرة خلال الفترة بين 21 مارس و15 أبريل 2025، بجانب مقابلات معمقة ومجموعات نقاش وتحليل لمصادر بيانات ثانوية. وقد شملت مناطق العباسية وأبو جبيهة ورشاد بجنوب كردفان، وأبو كارنكا وعديلة وبحر العرب بشرق دارفور، إضافة إلى جبل مرة وكاس بجنوب دارفور. وتهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على التحديات التي يفرضها النزاع على كافة مراحل الدورة الزراعية، من الزراعة وحتى الاستهلاك.
الأرقام تكشف حجم الانهيار الزراعي
أفادت نتائج الدراسة أن 89% من المزارعين أبلغوا عن تراجع إنتاجهم الزراعي، فيما ذكر 57.7% أن انعدام الأمن حد من قدرتهم على الحصاد. كما أشارت إلى أن النساء المزارعات يتعرضن لتحديات أكبر، إذ وصلت نسبة من أشاروا إلى أن انعدام الأمن يمثل عقبة للنساء إلى 96.6% في جبل مرة و91.1% في أبو جبيهة، بينما انخفضت النسبة إلى 39.7% في أبو كارنكا و18.9% في بحر العرب.
النساء في مواجهة تحديات مضاعفة
أوضحت الدراسة أن نقص الموارد المالية وارتفاع تكاليف الإنتاج يضاعفان من الصعوبات التي تواجهها النساء في الزراعة بالمناطق الريفية. كما أن 88.2% من المشاركين أكدوا أن نقص الموارد يمثل مشكلة خاصة للنساء بسبب صعوبة الحصول على التمويل. وهذا انعكس على قدرتهم على الاستمرار في الزراعة بنفس الوتيرة السابقة.
تقليص المساحات المزروعة وخسائر فادحة بعد الحصاد
نتيجة للنزاع والضغوط المالية، تراجع عدد المزارعين الذين يزرعون مساحات صغيرة من 20.9% قبل الحرب إلى 41.3% بعدها، ما يعكس تقلص المساحات المزروعة بشكل كبير. وأفاد 76.2% من المزارعين بخسارة محاصيلهم بعد الحصاد، وهو ما يعد ضربة إضافية للإنتاج المحلي ويهدد الأمن الغذائي.
انهيار سلسلة الإنتاج في مناطق النزاع
أشارت الدراسة إلى أن الزراعة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع تواجه انهيارًا كاملًا في سلسلة الإنتاج الزراعي، بدءًا من البذور والأسمدة والوقود والآليات، وانتهاءً بعدم القدرة على الوصول للأراضي بسبب انعدام الأمن. كما ساهمت الاعتداءات المتكررة من الرعاة الذين يدخلون بمواشيهم إلى الأراضي الزراعية دون محاسبة في تفاقم الأزمة.
معاناة الأسواق والنقل
كشفت الدراسة أن 64.9% من المشاركين تحدثوا عن اضطرابات في الوصول إلى الأسواق، فيما أبلغ 17.5% بعدم القدرة الكاملة على الوصول إليها بسبب انعدام الأمن وتقلبات الأسعار. ولفتت إلى أن ارتفاع تكاليف النقل نتيجة نقص الوقود وتدهور البنية التحتية ساهم في إضعاف حركة التجارة والزراعة.
آثار مباشرة على الأمن الغذائي للأسر
أوضحت الدراسة أن الضغط الزراعي انعكس بشكل مباشر على الأمن الغذائي للأسر، حيث أشارت شهادات بعض المشاركين إلى أنهم باتوا يتناولون وجبة واحدة فقط يوميًا خلال موسم الأمطار، ما تسبب في ضعف الأطفال وعدم قدرتهم على مساعدة ذويهم في العمل الزراعي كما في السابق.
النساء وتبني استراتيجيات التكيّف
أظهرت الدراسة أن النساء أكثر ميلًا من الرجال لتبني استراتيجيات قاسية للتكيف مع الأوضاع مثل تقليل الطعام أو الاعتماد على المساعدات، ما يوضح محدودية الخيارات المتاحة أمامهن في مواجهة التحديات.
أزمة تهدد حاضر ومستقبل الزراعة
أبرزت نتائج الدراسة أن الزراعة في دارفور وكردفان تعيش حالة انهيار غير مسبوقة، ما يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية لتقديم الدعم المادي واللوجستي، وإيجاد حلول واقعية لوقف التدهور وضمان بقاء المزارعين على أراضيهم.