قطر تمكّن الشباب عالمياً.. شراكة استراتيجية لمواجهة البطالة

كامل جميل - الخليج أونلاين

الإعلامي والأكاديمي د. واثق عباس:

مبادرات تمكين الشباب في المجتمعات الهشة والمهمشة تمثل خطوة ذات أثر اجتماعي وتنموي واسع.

هذه المبادرات تستهدف معالجة جذور الفقر والتهميش، لا مجرد التخفيف من نتائجه.

لا تتوقف أهمية المبادرات القطرية عند البعد الاقتصادي، بل تمتد إلى الجوانب النفسية والمعنوية.

تمثل الاتفاقية الأخيرة بين صندوق قطر للتنمية، ومؤسسة التعليم فوق الجميع، ومؤسسة الملك الدولية، الهادفة إلى مكافحة بطالة الشباب وتمكينهم، خطوة محورية نحو تمكين هذه الفئة المهمة في مختلف دول العالم.

والاتفاقية التي جرى توقيعها الأربعاء (29 أكتوبر 2025) وتستهدف أكثر من 51 ألف شاب وشابة في أرجاء العالم، ليست مجرد توقيع على ورق، بل استثمار حقيقي في القدرات البشرية، وفتح آفاق جديدة أمام جيل يعاني من تحديات البطالة والافتقار للفرص في مجتمعاته.

جرت مراسم التوقيع على هامش احتفالات الذكرى الـ10 لتأسيس مؤسسة الملك الدولية في لندن.

ووقع الاتفاقية كل من المدير العام لصندوق قطر للتنميةفهد السليطي،والرئيس التنفيذي لمؤسسة التعليم فوق الجميعمحمد الكبيسي، والرئيس التنفيذي لمؤسسة الملك الدولية ويل سترو، وفق بيان صادر عن الصندوق.

تعزيز وتمكين الشباب

بحسب بيان 'صندوق قطر للتنمية'، تأتي هذه الشراكة لدعم حملة 'الجيل الواعد' التابعة لمؤسسة الملك الدولية، وتوسيع نطاق برامجها في باكستان والأردن وأفريقيا ومنطقة الكاريبي، مع التركيز على تعزيز تمكين الشباب، وتحقيق الشمول الاقتصادي، والمساواة بين الجنسين.

هذه الجهود تهدف إلى تزويد الجيل القادم بالمهارات والثقة والفرص التي تمكنه من الازدهار في سوق عمل يزداد تعقيداً، خاصة في المجتمعات الهشة والمهمشة، وتمكينهم من المساهمة الفاعلة في دفع عجلة التنمية المستدامة وبناء مجتمعات أكثر شمولاً وقدرة على الصمود.

فهد السليطي قال إن رسالة صندوق قطر للتنمية تستند إلى إيمان عميق بقدرة الشباب على صناعة مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع.

ولفت إلى أنه 'من خلال هذه الشراكة نستثمر في الشباب بصفتهم محركاً رئيسياً للتنمية، من خلال تزويدهم بالأدوات والفرص التي تمكنهم من قيادة التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم'.

وأضاف: 'يعد تمكين الشباب استثماراً في السلام والازدهار والإنسانية المشتركة، ومن خلال تعاوننا اليوم نؤكد التزامنا الجماعي بألا يترك أي شاب خلف الركب'.

من جانبه قال محمد الكبيسي:'نؤمن بأن تمكين الشباب بالمهارات والمعرفة التي تساعدهم على الاندماج في الاقتصاد الأخضر يشكل أساساً لتحقيق التنمية المستدامة، وبفضل دعم شريكنا الاستراتيجي صندوق قطر للتنمية، ومن خلال تعاوننا مع مؤسسة الملك الدولية، نعمل على خلق فرص تحدث تغييراً حقيقياً في حياة الأفراد'.

ويشير ويل سترو إلى أن الشراكة تمثل فرصة للوصول إلى عدد أكبر من الشباب، وتزويدهم بالمهارات والثقة والدعم اللازمين لتشكيل مستقبلهم بأنفسهم، مؤكداً أن الشباب يمثلون أعظم أمل لمواجهة تحديات اقتصادية ومناخية.

رؤية وطنية

المساعدات الإنسانية القطرية لم تكن مجرد أداة لتعزيز مكانة الدولة على الصعيد الدولي، وإنما تعبير أصيل عن رؤية وطنية إنسانية تستلهم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ورؤية قطر الوطنية 2030.

وطالما قدمت قطر المساعدة للشعوب المتضررة والفقيرة، وتستمر في نهجها الداعم للشعوب وهو ما يتوضح في النقاط التالية:

بلغ إجمالي تمويلصندوق قطر للتنمية المعلن في 2024 نحو 321.6 مليون دولار أمريكي، محققاً المرتبة الـ18 بين أكبر الجهات المانحة عالمياً، بنسبة تقارب 1% من التمويل الإنساني العالمي.

في 22 يوليو 2025، وقّع الصندوق 16 اتفاقية استراتيجية بقيمة 1.92 مليار ريال (526.6 مليون دولار) لدعم مشاريع إنسانية وتنموية لمستفيدين يزيد عددهم عن 17 مليون شخص حول العالم.

اعتبرت الاتفاقيات محطة مهمة في جهود قطر لتعزيز التنمية المستدامة والمبادرات الإنسانية والشراكات الوطنية والدولية.

مريم بنت علي بن ناصر المسند، وزيرة الدولة للتعاون الدولي ونائب رئيس مجلس إدارة الصندوق: هذه الجهود ليست مجرد التزام دولي، بل انعكاس للقيم الإنسانية العميقة لدولة قطر، وأن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الحقيقي لبناء مجتمعات أكثر استقراراً وعدلاً.

نفذت قطر الخيرية في 2024 مشاريع بقيمة 1.57 مليار ريال (430 مليون دولار)، استفاد منها نحو22 مليون شخص في أكثر من 70 دولة.

نفذ الهلال الأحمر القطري أكثر من 150 مشروعاً في 2024، استفاد منها أكثر من 1.6 مليون شخص داخل قطر وخارجها، ضمن خطط سنوية متكاملة للعمل الإنساني.

وصلت مبادرة التعليم فوق الجميع إلى أكثر من 10 ملايين طفل في أكثر من 60 دولة، واستثمرت أكثر من مليار دولار في بناء المدارس والجامعات، ودعم المعلمين وتوفير المنح الدراسية.

على الصعيد الدولي أيضاً، عززت قطر حضورها عبر مساهمات مالية كبيرة، منها:

- 2018: دعم موارد الأمم المتحدة الأساسية بـ 500 مليون دولار.

- مساهمة بنحو 20 مليون دولار في الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ.

- 2023: تعهد بتقديم 60 مليون دولار لدعم برنامج عمل الدوحة لأقل البلدان نمواً.

تؤكد هذه المبادرات استمرار قطر في الاستجابة للاحتياجات الإنسانية العالمية، وتضع الإنسان في صميم أولوياتها التنموية والخيرية.

أثر اجتماعي وتنموي

يرى الإعلامي والأكاديمي د. واثق عباس، أن المبادرات التي تدعمها قطر لتمكين الشباب في المجتمعات الهشة والمهمشة تمثل خطوة ذات أثر اجتماعي وتنموي واسع؛ لكونها تستهدف معالجة جذور الفقر والتهميش، لا مجرد التخفيف من نتائجه.

في حديثه لـ'الخليج أونلاين' يؤكد عباس أن الدعم القطري للشباب لا يتوقف عند البعد الاقتصادي، بل يمتد إلى الجوانب النفسية والمعنوية، إذ تمنح فرص العمل الكريمة الشباب إحساساً بالأمل والاستقرار والكرامة.

ويشير إلى أن هذا النوع من البرامج التنموية يترك أثراً مباشراً متعدّد الأبعاد، موضحاً أنه يعمل على:

تعزيز فرص العمل عبر التدريب المهني ودعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، ما يمنح الشباب دخلاً مستقراً ومستداماً.

تقليل الهشاشة الاقتصادية وتمكين الأسر من تلبية احتياجاتها الأساسية خلال الأزمات.

توفير فرص متكافئة في التعليم والصحة.

رفع مستوى رأس المال البشري وتحسين جودة الحياة.

الحد من الفوارق الطبقية وتمكين الفئات المحرومة من الخدمات الأساسية.

تعزز الثقة داخل المجتمع المحلي، ما يسهم في بناء السلام وتمتين النسيج الاجتماعي.

تعزيز التماسك المجتمعي في المناطق المتأثرة بالنزاعات، ما يخلق أرضية للتعاون وتعيد ترميم العلاقات الاجتماعية المتضررة.