اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
سبع سنوات متواصلة من الجفاف، كانت كافية لتسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية بالمغرب، وهو ما انعكس على أثمان اللحوم الحمراء وألهب أسعار المواشي، خصوصا الأغنام قبيل عيد الأضحى سنتي 2024 و2023. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة لمجموعة من التدابير والإجراءات لوقف استنزاف القطيع الوطني إلا أنه واصل تراجعه.
وفي الأسبوع الثاني من شهر فبراير الماضي، أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، تراجع القطيع الوطني بـ 38 في المائة، وبعد ذلك بأقل من أسبوعين أهاب الملك محمد السادس بالمغاربة عدم النحر خلال عيد الأضحى لهذه السنة. فلماذا تراجع القطيع على الرغم من كل تدخلات الدولة؟ وما أثر السياسات العمومية؟ وأي أثر للإلغاء شعيرة النحر على حجم القطيع؟
أثر السياسات العمومية
أقرت حكومة عزيز أخنوش بعد أكثر من عشر سنوات من المخطط الأخضر والجيل الأخضر، على لسان وزير الفلاحة، بتراجع القطيع الوطني بنسبة 38 في المائة، مقارنة مع الإحصاء الوطني للفلاحة لسنة 2016، لكنها علقت هذا التراجع على شماعة توالي سنوات الجفاف للعام السابع على التوالي، لينخفض عدد الذبائح من 230 ألف رأس إلى 140 ألفا.
جملة إجراءات اتخذتها الحكومة خلال السنوات الماضية، أبرزها دعم استيراد الأغنام قبيل عيد الأضحى لسنتين، ناهيك عن دعم استيراد المواشي واللحوم الحمراء، ومواصلة دعم الأعلاف، ولم تفلح في الحيلولة دون هذا التراجع الكبير في أعداد المواشي، لكنها، بحسب رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز عبد الرحمان المجدوبي، أنقذت القطيع الوطني وحالت دون اندثاره.
جفاف بهذه الحدة وهذه المدة، كان من الممكن أن يفتك بالقطيع الوطني، لولا مجهودات الدولة المتمثلة في المخططات الفلاحية ومختلف السياسات العمومية والدعم الموجه للفلاحين ومربي المواشي، يقول المجدوبي، مقارنا بين هذا الجفاف وجفاف 1996، الذي تعرض فيه 'الكساب' المغربي لخسائر فادحة، في ظل غياب مخططات فلاحية من حجم المغرب الأخضر، 'إلى درجة أن بعض الكسابة كانوا يتخلصون من الحمل بمجرد ولادته نظرا للندرة الشديدة للأعلاف وانعدامها'.
لكن اليوم في ظل المخطط الأخضر، يضيف رئيس الجمعية الوطنية لتربية الأغنام والماعز، في تصريح لجريدة 'العمق'، 'استطاع المغرب أن يوفر اللحوم والفواكه والخضروات ومختلف المنتجات الفلاحية بوفرة، في الوقت الذي تعاني فيه بلدان بالجوار من قلتها أو غيابها'، أما الغلاء فإنه 'مرتبط أساسا بارتفاع أسعار المدخلات الفلاحية، فلو أن الفلاح/الكساب أخذ الورقة والقلم لحساب تكاليف الإنتاج وهوامش الربح في ظل هذا الوضع لتراجع وانسحب من الميدان'.
وقبل اليوم بثلاث سنوات كان الإنتاج الوطني من اللحوم الحمراء يلبي 98 في المائة من حاجيات السوق المحلية، بحيث كان يصنف المغرب في الرتبة العاشرة إفريقيا والـ38 عالميا، وبلغ الإنتاج الوطني من اللحوم الحمراء، خلال السنوات الأخيرة، حوالي 600 ألف طن، باستهلاك يُقدر بـ17.2 كيلوغرام للفرد، تشكل فيه لحوم الأبقار حصة الأسد، متبوعة بلحوم الأغنام، ثم لحوم المعز، فلحوم الإبل.
توالي سبع سنوات جافة، وارتفاع أسعار الأعلاف والخدمات البيطرية والمحروقات، أسباب رئيسية أثرت بشكل مباشر على القطيع، 'لكن ولأن الأمر يتعلق بوضعية هيكلية وأزمة ظهرت تداعياتها على طور الخمس سنوات الأخيرة على الأقل، فإننا لا نعفي صاحب القرار السياسي من مسؤوليته، خصوصا عندما نتفحص مآل عدد من السياسات والإجراءات التي تم اتخاذها'، يقول نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، ادريس عدة.
وأشار عدة إلى برامج التلقيح الاصطناعي للقطيع الذي كان يروم تحسين السلالات والمساهمة الفعلية في الزيادة في العرض من اللحوم الحمراء، وسياسة الدعم الموجهة لمربي الأبقار والأغنام وموزعي اللحوم، كما أشار إلى دعم تحديث المجازر في هذا المجال و'البرامج التي أغدقت عليها الدولة ميزانيات ضخمة، والاتفاقيات التي تم إبرامها مع المنتجين'، يقول المتحدث في تصريح لـ'العمق'.
مصير هذه البرامج التي صُرفت عليها الملايير، وأثرها على المربين والقطيع، ومدى مساهمته في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، يُسائل صاحب القرار السياسي، خصوصا في ظل تراجع عدد رؤوس الماشية، والارتفاع الصاروخي لأسعار اللحوم بنسبة تقارب 50% قياسا على الأسعار قبل 2020، يقول عدة، معتبرا أن 'هذه الأموال ذهبت إلى غير وجهتها وبالتحديد إلى جيوب كبار المربين دون التزامهم بأي من شروط التعاقدات التي جمعتهم بالدولة'،.
ودعا إلى الوقوف على البرامج الاستعجالية لمواجهة آثار الحفاف، والتي تعددت تقريبا بتعدد سنوات الجفاف في المملكة، 'حيث ركزت هذه البرامج، حسب ما أعلن، على دعم صمود القطيع، فماذا تحقق من ذلك؟ لا شيء تقريبا، إنها أموال عمومية تم هدرها، وبالأحرى نهبها كما هو رائج في عدد من المتبعات الإدارية والقضائية لملف توزيع الشعير المدعم وغيره'.
أما عملية استيراد الأغنام فقد وصفها المسؤول النقابي بـ'المصيبة'، لأنها كلفت الدولة في السنة الماضية 13 مليار درهم 'انتهت في جيوب المحتكرين والمضاربين دون أن يكون لها الأثر المطلوب في حماية المستهلك بمناسبة عيد الأضحى، وفي حماية القطيع الذي تعرض للتصفية، بحيث بلغ الأمر حد ترجيف إناث الغنم، وبالتالي تقليص إمكانية التوالد واستعادة القطيع لعافيته في الموسم الفلاحي الموالي'.
هذا الواقع، بحسب المتحدث، يستدعي أولا تغييرا في السياسات المتبعة إلى يومنا هذا في ضبط وتوجيه سلسلة اللحوم الحمراء، وفي حماية القطيع والقدرة الشرائية للمواطنين، كما يتطلب التقصي الإداري والقضائي في أسباب الهدر الذي طال عشرات الملايير من الدراهم من المال العام، ومحاسبة المسؤولين عن هدرها، ثم استرجاع الأموال المنهوبة ومحاكمة ناهبيها حتى لا تتكرر هذه الفظاعات، بحسب تعبيره.
أزمة الأعلاف
إذا كان للجفاف بالمغرب تأثير مباشر على الكلأ والحبوب ومختلف الأعلاف البسيطة، التي يلجأ لها مربو الماشية بالمغرب لتسمين قطعانهم، فإن تأثيره يكون أقل على الأعلاف المركبة، التي يتم استيراد جل المكونات التي تدخل في تصنيعها، لكن أسعارها تظل غير تنافسية في ظل احتكار 8 شركات لـ 75 في المائة من السوق.
آفة الاحتكار هاته المؤدية إلى المضاربة والتلاعب بالعرض والأسعار، التي يشهدها المغرب في عدد من القطاعات، 'نبهت لها مؤسسات دستورية بعد عقود من اللف والدوران'، يقول ادريس عدة، مشيرا إلى ما تعرفه ملفات المحروقات وتسويق الخضر وإنتاج وتوزيع اللحوم البيضاء، 'قبل أن يظهر لوبي قوي في مجال إنتاج وتسويق الأعلاف'.
هذا اللوبي، بحسب الفاعل النقابي، 'يستغل انحسار العرض على المستوى العالمي والجفاف المطبق على المغرب ليمارس ابتزازه على الفلاحين، خصوصا الفقراء الذين يفتقرون لآليات المقاومة المنظمة لمثل هذه الاخطبوطات'، معتبرا أن محتكري إنتاج وتسويق الأعلاف 'يتلاعبون في الأسعار والجودة معرضين الفلاحين الفقراء للإفلاس والقطيع لأضرار بليغة، في ظل تردي المراعي'.
لكن تظل هناك إمكانيات هائلة في سوق تربية المواشي بالمغرب لم يتم استغلالها بعد، بحسب ما نبه له مجلس المنافسة، في رأيه حول وضعية المنافسة في سوق الأسعار المركبة، مشيرا إلى عدم إقبال المربين على الأعلاف المركبة إلا بنسبة 7 في المائة، أي أقل من مليون طن، بينما وتلبى 93 في المائة من احتياجات السوق بالأعلاف البسيطة.
قطيع الأغنام بالمغرب يحتاج إلى مليون و613 ألف و300 طن من الأعلاف سنويا، بحسب تقديرات مجلس المنافسة، الذي اعتبر أن استهلاك سوق تربية الحيوانات المجترة للأعلاف المركبة يظل منخفضا، بالرغم من التوصيات المتصلة بالتغذية في مراحل مختلفة من النمو، إذ تستخدم هذه الأعلاف كمكملات غذائية أو لتلبية احتياجات متعلقة بإنتاج الحليب والتسمين.
عدم إقبال مربي الأغنام على الأعلاف المركبة، يجد تفسيره في ارتفاع أسعارها، نظرا لاعتماد الشركات في تصنيعها على ما يفوق 90 في المائة من المواد الأولية المستوردة مـن الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أمريكا اللاتينية، وهو ما يجعل منتجي الأعلاف المغاربة خاضعين لتذبذبات أسعار هذه المواد الأولية، بحسب التقرير.
ووجد منتجو الأعلاف المغاربة أنفسهم تحت رحمة غلاء أسعار المواد الأولية، خلال جائحة كورونا بدءا من سنة 2020 وما بعدها، ثم خلال الحرب الروسية الأوكرانية سنة 2022، وهو ما انعكس على أسعار الأعلاف المركبة بالمغرب، لكن على الرغم من عودة أسعار المواد الأولية عالميا إلى الانخفاض فيما بعد، فإن ذلك لم ينعكس على السوق المغربية.
ارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة لم ينعكس على أثمان الأعلاف فحسب، بل انعكس على كافة السلاسل المرتبطة بها، مثـل المواشي واللـحوم الحمراء والدجاج ومختلف الدواجن والبـيض ومنتـجات الحليب ومشتقاته، ليؤدي المستهلك النهائي في الأخير فاتورة كل هذا الغلاء الذي أضر بقدرته الشرائية.
ويظل مربو الماشية بالمغرب، خصوصا الأغنام والمعز، متحفظين بشأن استعمال الأعلاف المركبة، حيث يفضلون الأعلاف البسيطة في أغلب الحالات ولو على حساب الاحتياجات الغذائية الضرورية لنمو الحيوانات، كما يلجأ عدد منهم إلى طريقة السيلاج (lensilage) التقليدية، التي تعتمد على التخمير اللاهوائي للنباتات مثل الذرة والعشب وغيرها من النباتات العلفية، ما يمكنهم من توفير مخزون غذائي للماشية.
وفي ظل محدودية الولوج إلى المراعي، يقول مجلس المنافسة، يلجأ مربو الماشية إلى السيلاج باعتباره موردا هاما في تغذية الحيوانات المجترة، ويفضله 'الكسابة' على الأعلاف المركبة، نظرا لتكلفته المنخفضة، وحرصا منهم على توفير تغذية مشابهة لما تستهلكه المواشي في المراعي.
في سياق متصل، قال رئيس الجمعية الوطنية للأغنام والماعز، عبد الرحمان المجدوبي، في تصريحه لـ'العمق'، إن نمو القطيع الوطني من المواشي، خصوصا الأغنام، ومساعدته على التكاثر، يمكن أن تتم في ظرف شهور، بشرط مواكبة ذلك بجملة من التدابير والإجراءات المشجعة للمربين.
وتحتاج النعجة لمدة حمل تصل إلى خمسة أشهر للولادة، كما يحتاج الحمل إلى قرابة خمسة أشهر ليصبح خروفا جاهزا للذبح، وهو ما يعني، حسب المجدوبي، أن القطيع الوطني من الأغنام يمكن أن يستعيد عافيته، أو جزء منها على الأقل، في ظرف عشرة أشهر فقط. فالجفاف بالنسبة لمربي الأغنام؛ 'هو جفاف السوق وركوده، أما قلة التساقطات المطرية في ظل انتعاش أسواق المواشي واللحوم فإنه ليس جفافا بالنسبة للفلاحين ومربي المواشي'.
تعليق النحر
بمجرد ما تلا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، الرسالة الملكية التي دعا فيها الملك محمد السادس المغاربة إلى عدم نحر الأضحية خلال عيد الأضحى لهذا العام، وضع عدد من مربي الأغنام أياديهم على قلوبهم تخوفا من خسائر مادية كبيرة قد تصل حد الإفلاس، في المقابل انهارت أسعار الأغنام بشكل سريع.
قرار تعليق النحر، بالنسبة لرئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، 'سيف ذو حدين'، كونه رفع الحرج عن الكثير من الأسر المغربية التي خنقها الغلاء، وخفف الضغط على القطيع الوطني، لكن 'من سيضمن عودة الكساب إلى القرية بعد هجرته نحو المدن وضواحيها. اليوم عدد من مربي الأغنام الذين تعرضوا لأزمات مالية، قد يهاجرون نحو المدن ويتخلون عن تربية الأغنام'، يقول المتحدث.
وعلى الرغم من الانهيار السريع والكبير في أسعار الأغنام، الذي بدا جليا في الكثير من الأسواق الأسبوعية بالمملكة، وذلك بعد ارتفاع العرض أمام الطلب، بعدما لجأ مربون إلى طرح الأكباش في الأسواق في وقت واحد، إلا أن ذلك لم ينعكس إلا بشكل طفيف على أسعار اللحوم الحمراء، خصوصا لحم الأغنام، الذي ظل سعر الكيلوغرام الواحد منه يحلق فوق مائة درهم في جل المدن المغربية.
وضعية السوق حاليا إثر قرار تعليق النحر، بحسب المجدوبي، أضرت كثيرا بالمربي وكبدته خسائر كبيرة، فلا هو قادر على الاحتفاظ بالأكباش لمزيد من الوقت نظرا لكلفة الأعلاف، ولا الأسعار التي يضمنها السوق تغطي تكاليف الإنتاج، لكن 'الجزارين استغلوا هذه الأزمة، واشتروا الأغنام بأثمان منخفضة، مع استمرارهم في بيع اللحم بثمن مرتفع'.
على الرغم من تعقيدات الوضع، إلا أن رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، أبدى بعض التفاؤل، قائلا إنهم باعتبارهم مهنيين تلقوا تطمينات من وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تبشرهم بأنها ستخصص لهم التفاتة تخفف عنهم وطأة الأزمة الحالية.
ودعا المجدوبي إلى ضرورة تكثيف الدعم للمربين والرفع من قيمته لمساعدتهم على اجتياز هذا الوضع، لضمان استمرار استثمارات عدد منهم حتى لا يتضرر القطيع الوطني أكثر، كما دعا إلى مراعاة حالات عدد منهم، ممن تراكمت عليهم ديون في الأبناك، مشيرا إلى أن الملك الراحل الحسن الثاني سبق له أن أمر بأداء ديون عدد من الفلاحين المتعسرين قبل عقود خلت، كما حث على مزيد من المواكبة والتأطير لمربي المواشي.
بدوره، أشاد ادريس عدة بأهمية الدعوة الملكية لعدم القيام بشعيرة النحر، قائلا إن نقابته طالبت في السنة الماضية، على غرار ما شهده المغرب سنوات 1963 و1981 و1996، بإلغاء النحر 'فخرج علينا بعض المتعصبين والجاهلين بالأخطار المحدقة بالقطيع وضحايا الأرقام والإحصائيات المضللة، مدافعين بشكل أهوج عن هذه الشعيرة، فكانت الحصيلة هي تصفية القطيع ونهب جيوب المواطنين فضلا عن نهب الملايير من المال العام'.
وتفاءل نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، ادريس عدة، بحدوث أثر إيجابي لقرار إلغاء شعيرة النحر على القطيع الوطني، 'إذا واكبته إجراءات للتفعيل'، لأنه سيحول دون فقدان حوالي أربعة ملايين رأس من الأكباش، كما سيؤدي لانخفاض في أسعار اللحوم الحمراء والأعلاف، لكنه سيبقى انخفاضا محدودا.
ففي ظل قلة رؤوس الأغنام المتوفرة أصلا، واستمرار نفس عوامل الخطر التي أضرت بالقطيع الوطني، المتمثلة في صعوبات الحالة المناخية في المملكة، واستمرار 'الاختيارات ذاتها، واستمرار تحكم لوبيات الفساد في سلاسل الإنتاج، وغياب آليات قانونية وتنظيمية لضبط السوق وردع الاحتكار والمضاربة'، كلها عوامل ستجل الانخفاض في الأسعار محدودا، بحسب المتحدث.
لتجاوز هذه الوضعية، دعا 'عدة' إلى دعم الإنتاج النباتي والحيواني للفلاحين الصغار، باعتماد برامج خاصة توفر لهم ولأسرهم إمكانية العيش الكريم، وتعبئتهم لضمان استمرارية القطيع والمحافظة على السلالات الأصلية، وتسخير مجهوداتهم لخدمة السوق الداخلية، بتوفير اللحوم بأسعار تناسب القدرة الشرائية للمغاربة، وهذا يتطلب أولا تنظيمهم في تعاونيات فلاحية وجمعيات رعوية فتح قنوات الحوار مع ممثليهم المهنيين والنقابيين دون وصاية من كبار الملاكين، بحسب تعبيره.
ولضمان عدم تكرار ما حصل، لا يمكن الاستمرار 'في دعم الحيتان الكبيرة التي ابتلعت الملايير من الأموال العمومية، والتي هي جزء من الأزمة، ولن تكون يوما جزء من الحل، بسبب جشعها الذي أضر بما تبقى لدى المغاربة من أمن غدائي، وكرس ضعف السيادة الغدائية للبلاد'، يقول القيادي في الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي.
وأشار إلى أن الدولة دعمت زراعة الزيتون ومختلف أوجه الإنتاج النباتي بدون استثناء، 'عبر الدعم المباشر والإعفاء الضريبي والسماح بالتهرب الضريبي، والنتيجة كانت كارثية يعرفها الجميع، حيث اختفت أموال طائلة على مرأى ومسمع جميع السلطات المعنية، مقابل تفاقم عجز العرض الغدائي في بلانا، وتفاقم الاعتماد على الخارج لسد الخصاص المهول مع ما ينتج عن ذلك من استنزاف لاحتياطي العملة الصعبة'.