اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٠ نيسان ٢٠٢٥
يُواجه مكتب مجلس النواب صعوبات وحرجا كبيرا في حسم طلب الأغلبية النيابية بشأن تشكيل مهمة استطلاعية، للوقوف على البرامج والإجراءات المتخذة لدعم استيراد الأبقار والأغنام واللحوم، وهو الطلب الذي يتزامن مع تقديم فرق المعارضة لمبادرة إحداث لجنة لتقصي حقائق دعم استيراد المواشي.
وأوضحت مصادر برلمانية لجريدة 'العمق'، أن مكمن الصعوبات لا يتعلق بالاختيار بين المهمة الاستطلاعية ولجنة تقصي الحقائق، وإنما يهم ضمان التمثيلية النسبية التي يشترطها النظام الداخلي لإحداث المهام الاستطلاعية من جهة ومن الحسم طلبات الأغلبية والمعارضة بهذا الخصوص.
وبما أن إحداث اللجن البرلمانية الاستطلاعية مشروط بموافقة مكتب مجلس النواب، وبشرط التمثيلية النسبية، فيمكن عرقلة هذه اللجنة إما بالرفض داخل المكتب ، أو بامتناع فرق ومجموعة المعارضة عن انتذاب ممثليها في هذه اللجنة وبذلك يغيب شرط التمثيلية النسبية للفرق والمجموعات البرلمانية.
وحذرت المصادر من أن يشعل استطلاع دعم استيراد المواشي، توترا جديدا بين مكونات مجلس النواب، على غرار الصراع الذي تفجر حول رئاسة لجنة العدل والتشريع بمناسبة انتخابات منتصف الولاية، لاسيما أنه سبق لفريق الحركة الشعبية بمجلس النواب أن تقدم في رمضان الفائت بطلب إلى رئيس لجنة القطاعات الانتاجية لتشكيل مهمة برلمانية تهم نفس الموضوع دون أن يتلقى أي تفاعل للحد الساعة.
وتنص المادة 107 من النظام الداخلي لمجلس النواب، على أنه يجوز للجن الدائمة أن تكلف، بناء على طلب من رئيسها بعد موافقة مكتب اللجنة أو رئيس فريق أو رئيس مجموعة نيابية أو ثلث أعضاء اللجنة، عضوين أو أكثر من أعضائها، بمهمة استطلاعية مؤقتة حول شروط وظروف تطبيق نص تشريعي معين، أو موضوع يهم المجتمع، أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة والإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية باتفاق مع مكتب مجلس النواب.
واتهمت مصادر برلمانية في صفوف المعارضة الأغلبية النيابية بالالتفاف على مبادرتها لتقصي حقائق دعم استيراد المواشي.وتساءلت مصادر الجريدة، كيف سيتعامل مكتب مجلس النواب مع طلب تقدم به الفريق الحركي في نفس الموضوع؟ هل ستلتحق الأغلبية بالمعارضة أم العكس؟ قبل أن تضيف أن 'الأغلبية ستجد نفسها مجبرة على الالتحاق بالمعارضة، ومادامت المبادرة للفريق الحركي فالعرف يقضي أن تعود الرئاسة للحركة'.
وفي مبادرة تهدف إلى التفاعل مع الجدل المُثار حول ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء تقدم الفريق الحركي بمجلس النواب إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، في إطار المادة 142 من النظام الداخلي للمجلس، بطلب تشكيل مهمة استطلاعية للتحقيق في أوجه القصور والاضطراب التي تشوب عملية تسويق اللحوم الحمراء.
وتهدف المهمة الاستطلاعية الخاصة باللحوم الحمراء إلى تتبع وتقصي مراحل الإنتاج والاستيراد والتسويق، فضلا عن تقييم شامل لوضعية القطيع الوطني ومدى إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.كما ستسعى المهمة إلى استجلاء حقيقة وجود ممارسات احتكارية في السوق، وتحديد الأطراف المُستفيدة من هذه الوضعية، إضافة إلى فحص آليات مراقبة الأسعار وتقييم مدى فعاليتها.
وبعد أيام من تقديم فرق المعارضة لمبادرة لتشكيل لتقلصي الحقائق حول دعم استيراد المواشي، تقدمت فرق الأغلبية بمجلس النواب بطلب إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، لإجراء مهمة استطلاعية، للوقوف على البرامج و الإجراءات المتخذة لدعم استيراد الأبقار والاغنام واللحوم، من أجل حماية القدرة الشرائية ومدى تحقيقها للغايات المحددة.
وجاء في طلب الأغلبية الذي اطلعت عليه 'العمق المغربي'، والذي حمل توقيع رؤساء فرقها بالغرفة الأولى للبرلمان، أنه 'طبقًا لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، يشرفني أن أطلب منكم التفضل بالعمل على تنظيم مهمة استطلاعية للوقوف على البرامج و الإجراءات المتخذة لدعم استيراد الأبقار والاغنام واللحوم، من أجل حماية القدرة الشرائية ومدى تحقيقها للغايات المحددة'.
وتستهدف المهمة الاستطلاعية التي تقدم بها الفريق الحركي، عدة قطاعات وزارية معنية، وعلى رأسها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة الصناعة والتجارة. كما ستشمل المهمة تنظيم زيارات ميدانية إلى مؤسسات مُتخصصة، كالجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
ومن بين التساؤلات الجوهرية التي ستسعى المهمة إلى الإجابة عنها؛ “ما هي الأسباب الكامنة وراء استمرار ارتفاع الأسعار على الرغم من التدابير الحكومية المتخذة؟ من هي الجهات التي تحتكر عمليات الاستيراد؟ ما هي حجم الأرباح التي يتم تحقيقها؟ وما هي مدى فعالية آليات ضبط الأسعار مقارنة بأسعار البيع في الدول المصدرة؟”.
ومن المُنتظر أن تفضي هذه المهمة إلى إعداد تقرير مفصل يتضمن توصيات ومقترحات عملية لتحسين أداء قطاع اللحوم الحمراء في المغرب، وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات السوق المحلية بأسعار معقولة وتنافسية.
وفي الصدد، أكد محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أنه بالنظر إلى خطورة القضية، وإلى التصريحات والوثائق المتضاربة لأطرافٍ حكومية مختلفة بهذا الشأن، ومن أجل كشف ملابسات كل ذلك للمغاربة، بادرت، مكوناتُ المعارضة بمجلس النواب إلى إطلاق مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، على أمل أن تتعامل معها مكونات الأغلبية بروحٍ إيجابية وبناءة، طالما أن الهدف هو الوصولُ إلى الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، في إطار دستوري ومؤسساتي شفاف وموضوعي.
وسجل بنعبد الله، أن الحكومة لم تجد من مخرج أمام هذا الوضع الذي أربكها سوى دفعُ أغلبيتها نحو محاولة تبخيس، بل إفشال ونسف، مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق المؤطَّرة بالدستور وبقانون تنظيمي، وذلك من خلال تقديم طلبِ تشكيل مهمة استطلاعية حول نفس الموضوع، منبها إلى الفوارق الشاسعة جدا، على كل المستويات، بما فيها مستوى الأثر القانوني، ما بين لجنة تقصي الحقائق ذات الحمولة الدستورية القوية، والتي يعتبر مثول أي شخص أمامها إلزاميا، والاستماع إليه يكون تحت أداء اليمين، مع إمكانية إحالة تقريرها على القضاء، من جهة، وما بين المهمة الاستطلاعية التي لا يتجاوز دورُها الطابعَ الإخباري وإصدار توصياتٍ غير ملزمة لأحد، من جهة ثانية.
وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن المعارضةُ الوطنية، والرأيُ العام الوطني، لا يمكنُ أن تنطلي عليهما هذه الحيلة المفضوحة، أو الخديعة الماكِرة، التي لجات إليها الحكومةُ للالتفاف والتملُّصِ من واجبِ ومَطلَبِ مُثول كلِّ معني بالأمر أمام لجنةٍ لتقصي الحقائق، تنويراً للرأي العام، وتجسيداً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وحفظاً للمال العام، وترسيخاً لقيمة البرلمان واختصاصاته.