اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
على خلفية التحول الخطير الذي تشهده احتجاجات شباب 'جيل Z' ببعض المدن المغربية التي عرفت انفلاتات أمنية وأعمال شغب وتخريب ومواجهات عنيفة بين محتجين ملثمين وقوات الأمن، تطورت إلى استعمال الرصاص الحي وسقوط أرواح، أكد عبد الحفيظ اليونسي أستاذ العلوم السياسية، أنه عندما لا تكون المسؤولية السياسية واضحة والغطاء السياسي واضح يتحول الحراك الاجتماعي السياسي إلى حراك منفلت.
وأضاف اليونسي، في تصريح لـ'الأيام 24″، أن هذا النوع من الحركات الاحتجاجية التي تكون غير واضحة المسؤولية السياسية يرجع لكونها نتاج تأطير رقمي واسع، يتعامل معه المغرب لأول مرة.
ونبه اليونسي، إلى أنه لا يمكن استبعاد 'نظرية المؤامرة' على المغرب كمعطى لفهم ما يقع، مبينا أنه ينبغي استحضارها لأننا أمام فضاء رقمي لا نعرف من وراءه بالتحديد ولا توجد مسؤولية سياسية واضحة، بل نتحدث عن جهة لا نعرف من هي بالضبط.
وأشار اليونسي، إلى أن احتجاجات 'جيل Z' تبدأ من الساعة السادسة مساء وتنتهي على الساعة الثامنة مساء، ليتم بعدها خروج مخربين يقومون بأعمال لا تمت بأي صلة للمطالب التي رفعتها الحركة في بدايتها.
ويرى اليونسي، أنه يمكن القول بأننا أمام حراكين، الأول يُعبر عن البدايات الأولى لشباب 'جيل زد' الذي رفع مطالب الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، والثاني غير واضح الملامح فيه الحقد الاجتماعي والحقد الطبقي وفيه الإجرام لأن التوصيف الحقيقي للنهب والتخريب والاعتداء على رجال الأمن هي أنها جرائم.
وشدد اليونسي، على أنه لا يمكن تقديس 'حركة جيل زد' باعتبار أنها حركة اجتماعية غير مثالية، لأن ما يقع اليوم من تخريب تتحمله هذه الحركة على اعتبار أن من يدعو للحراك وللاحتجاج ينبغي أن يتحمل المسؤولية كاملة.
وأشار اليونسي، إلى أن موجة العنف التي أبان عنها هؤلاء الشباب فيها نوع من الحقد قد يكون طبقيا أو اجتماعيا وقد يكون رفضا لكل المؤسسات، لافتا إلى التحاق فئة معينة من سكان الضواحي والهوامش الذين أحسوا بنوع من الاحتقار حيث كانوا يقطنون وسط المدن وتم نقلهم إلى الهامش.
وبخصوص الأسباب التي أدت إلى خروج 'شباب جيل Z'، أوضح اليونسي، أن السياقين السياسي والاقتصادي ساهما في اندلاع هذه الاحتجاجات، مبينا أنه على المستوى السياسي تمثلت في محاولة بعض الجهات القطع مع مطالب الشعب المغربي في الدمقرطة والعدالة الاجتماعية والكرامة، ثم جاءت الحكومة الحالية التي كانت عندها اختيارات اقتصادية واجتماعية نيوليبرالية لا تلقي بالا لما هو اجتماعي بل تحاول تحقيق الربح على حساب المصلحة العامة.
وتابع أن هناك أيضا اعتبارات موضوعية لم تتعامل معها الدولة بالجدية الكافية، من قبيل التحول الديموغرافي الذي أبان عنه إحصاء 2024 وهو أن المغرب يعيش ما يسمى بالفرصة الديمغرافية، حيث إن أزيد من 9 ملايين من الشباب ما بين 15 و28 سنة عندهم احتياجات اجتماعية ثقافية نفسية، وبالتالي لا بد من تلبية هذه الاحتياجات، إضافة إلى أن الإحصائيات الأخيرة التي كانت مخيفة إذ تحدثت على أن ما يقارب 4 ملايين مغربي لا يفعلون شيئا لا يدرسون ولا يعملون، بل يستيقظون صباحا ويطرحون سؤال: ماذا أفعل؟
وبعد أن سجل أن السياق العام والتطورات التي كانت في البلاد أعطتنا ميزتين، الأولى عدم الثقة في المؤسسات، والثانية فقدان الأمل، اعتبر أن الثقة والأمل لا يمكن أن يكونا إلا عبر السياسة، مستدركا: لكن تم قتل السياسة والمؤسسات المنتخبة، فوقع الذي وقع.
وقال اليونسي، إن 'الوقت اليوم في الحقيقة لا يفترض البحث عن الأسباب بل لابد من تقديم الأجوبة، والجواب واضح هو مزيد من دمقرطة الفضاء العام والمؤسسات، كما أن الإنفاق العمومي ينبغي أن يُغير مقاربته نحو الاستثمار في الإنسان أساسا وليس في البنية التحتية فقط، إضافة إلى العدالة المجالية'.