اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ٣ نيسان ٢٠٢٥
بالرغم من أن المغرب يرتبط مع الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقية للتبادل الحر منذ عام 2006، إلا أنه لم يستثن من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية طالت أزيد من 200 دولة وجزيرة وإقليم، بنسب متفاوتة، في إطار رؤيته الاقتصادية الرامية إلى استعادة ثراء بلاد 'العم سام'.
المعاملة بالمثل
الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلن عنها ترامب والتي ستدخل حيز التنفيذ يوم غد الجمعة، جاء أقلها بنسبة 10 في المئة، وتنسحب على البلدان التالية: المغرب، المملكة العربية السعودية، مصر، تركيا، بريطانيا، سنغافورة والبرازيل، بينما تباينت باقي النسب بين الدول التي تحظى بتعاملات اقتصادية كبيرة مع واشنطن، من بينها كمبوديا التي كان لها النصيب الأكبر من التعريفات بقيمة 49 في المئة، فالفيتنام بنسبة 46 في المئة، ثم بنغلاديش بـ37 في المئة، في حين فرض على الواردات من جنوب إفريقيا رسوم تمثل 30 في المائة، ومن سويسرا بـ31 في المائة، ومن اليابان بـ24%، ومن دول الاتحاد الأوروبي بـ20%، في وقت تم فيه رفع التعريفات على البضائع الصينية بمقدار 34 في المائة، علما أنه تم فرض أخرى مماثلة في وقت سابق بلغت 20 في المئة.
على مستوى بلدان المغرب العربي، يظهر تفاوت كبير في التعامل الأمريكي الجمركي، ففي الوقت الذي ستواجه فيه البضائع الممهورة بـ'صنع في المغرب' تعريفات لا تتجاوز 10%، يلزم قرار ترامب الجديد تونس والجزائر وليبيا برسوم مرتفعة بلغت 28% و30% و31% على التوالي، وهو التباين الذي يتحكم في تفسيره مجموعة من العوامل التي يصعب حصرها لأنه يتداخل فيها ما هو اقتصادي بما هو سياسي، ولو أن الخيط الناظم بينها كلها هي المصالح والشراكات الاستراتيجية.
ويُـقدّر 'البيت الأبيض' أن الرسوم على السيارات لوحدها ستدر 100 مليار دولار سنويا، في ما ستجلب الضرائب المفروضة الأخرى نحو 600 مليار دولار على مدى 10 سنوات، في ظل تحذيرات جدية من تأثيرات خطيرة على الاقتصاد العالمي.
خلل في الميزان التجاري بين الرباط وواشنطن
بالكاد وصل حجم المبادلات التجارية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية التي تتم في نطاق اتفاقية التبادل الحر بينهما إلى 73 مليار درهم سنة 2023، وفق بيانات صادرة عن مكتب الصرف، شكلت الصادرات من هذا الرقم 12,69 مليار درهم مقابل 60,31 مليار درهم من الواردات، في حين بلغ حجم العجز التجاري بينهما برسم نفس السنة 47,6 مليار درهم، مقابل 40,4 مليار درهم المسجلة سنة 2022، علما أنه تضاعف إجمالي التجارة الثنائية بين البلدين بأكثر من أربعة أضعاف، فقد انتقل من حوالي 1.3 مليارات دولار في عام 2006 إلى 5.5 مليارات دولار في عام 2023.
وتتصدر قائمة أبرز ما يصدره المغرب إلى الولايات المتحدة؛ الأسمدة وأجهزة أشباه الموصلات والمركبات الآلية، في حين يستورد منها الوقود وقطع غيار الطائرات والتوربينات الغازية.
استطاع المغرب تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة، حيث تستفيد 98.78% من المنتجات الصناعية المغربية من ولوج معفى من الرسوم الجمركية، بينما تحظى المنتجات الفلاحية بإعفاء تدريجي، ما يعزز موقعه كمصدر رئيسي للأسواق الأمريكية في ظل التحولات الجديدة.
رسوم ترامب والمغرب.. حسابات الربح والخسارة
بالعودة إلى اتفاقية التبادل الحر بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية الموقعة بتاريخ 15 يونيو 2004 في واشنطن، ودخلت حيز التنفيذ في فاتح يناير 2006، فنطاق تطبيقها يشمل تجارة المنتجات الفلاحية والصناعية وتجارة الخدمات، علاوة على جوانب أخرى متعلقة بالعمل والسياسة البيئية والصفقات العمومية وحقوق الملكية الفكرية، وتنص بنودها على حذف الرسوم الجمركية على أكثر من 95 في المائة من المنتجات الصناعية والاستهلاكية، مع إزالة الرسوم على معظم المنتجات المتبقية على مدى فترة تصل إلى 9 سنوات، وإقرار معاملة متكافئة للنسيج مع حصص محددة وإلغاء تدريجي للرسوم الجمركية على مدى ست سنوات، بالإضافة إلى إزالة الرسوم الجمركية على 56 في المائة من المنتجات الزراعية المغربية، مع إعفاء تدريجي للمنتجات الحساسة استمر لـ18 عاما.
ومع ذلك، لم تكن المملكة المغربية في منأى عن 'الطوفان' المعلن عنه من طرف ترامب في 'يوم التحرير'، 02 أبريل 2025، التاريخ الذي ستبدأ معه الولايات المتحدة الأمريكية في التحرر من السلع الأجنبية، لكنه في حقيقة الأمر سيعيد خلط أوراق التجارة العالمية، وقد يتسبب في إحياء التوترات التجارية والقضاء على العولمة، دون إغفال أن أسعار جميع السلع والمنتوجات سترتفع بشكل صاروخي.
بالنسبة لانعكاسات فرض 10 في المائة كرسوم جمركية على المغرب، يجملها أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط خالد حمص، في ارتفاع التضخم نتيجة الزيادة في أثمان المواد المستوردة، مما ستترتب عنه آثار اجتماعية مباشرة وخيمة على المستهلك المغربي وأيضا على الشركات التي توظف المواد المستوردة في أنشطتها الموجهة سواء للسوق المحلية الوطنية أو الخارجية، وبالتالي سيتم الحد من تنافسيتها، وإن كان، يشدد حمص في تصريح لـ'الأيام 24″، على أن تحليل هذا الواقع الجديد يجب أن يكون بشكل نسبي.
كذلك، يوضح الخبير الاقتصادي في حديثه عن الانعكاسات السلبية لقرار ترامب على المغرب، أن يحدث خللا على مستوى سلاسل التوريد، إضافة إلى تأثيرات بالنسبة إلى مجال الاستثمار، إذ من الوارد جدا، يضيف حمص، أن يعيد عدد من أصحاب الشركات وؤروس الأموال الراغبين في الاستثمار في السوق المغربية حساباتهم، كما يتوقع أن يعود حاملي بعض المشاريع الاقتصادية القائمة حاليا بالمغرب أدراجهم، هروبا من الضرائب، كما حصل بالضبط، يضيف المتحدث لـ'الأيام 24″، مع شركة أجنبية كانت تنوي إحداث وحدة لإنتاج إطارات السيارات بالمغرب، غير أن فرض رسوم أوروبية على صادرات المغرب من إطارات السيارات اضطرها إلى تغيير وجهتها نحو البرتغال.
في المقابل، يمكن للمغرب أن يُحوّل هذا التدبير إلى فرصة واعدة لصالحه من أجل التموقع في سياق مطبوع بتحديات كبيرة، يؤكد الأستاذ الجامعي خالد حمص، وهو ما يتطلب من الحكومة المغربية، بحسبه، تبسيط تبسيط المساطر الإدارية، الضغط على تكاليف الإنتاج وتقوية 'اللوبيينغ' من أجل جلب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة وأن الرسوم المفروضة على المغرب لا تمصل سوى 10 في المائة مقارنة بباقي الدول التي فرض عليها أكثر من ذلك بكثير، وهو ما قد يجعل الشركات العالمية تفضل التوجه نحو المملكة.
كمثال على ذلك، يعطي حمص، الرسوم التي فرضتها الإدارة الأمريكية على الواردات القادمة من الصين والمكسيك وكندا، مستهدفة قطاعات استراتيجية كالنسيج والإلكترونيك، مما سيدفع الشركات إلى البحث عن أسواق من شأنها تقديم منتجات بأسعار تنافسية وجودة عالية، وهنا يمكن للمغرب أن يلعب هذا الدور.