اخبار المغرب
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٩ أذار ٢٠٢٥
السيناريوهات لم تقدم دراما جديدة وجدل حقوقي حول 'رحمة' وخلاف فني على 'الدم المشروك'
انهالت سهام الانتقادات خلال شهر رمضان الجاري على الإنتاجات والمسلسلات الدرامية والكوميدية في التلفزيون المغربي بقناتيه الرسميتين الأولى والثانية، لا سيما بخصوص مسألة تكرار نفس الوجوه التمثيلية كل موسم رمضاني، وإشاعة قيم وسلوكات 'غير مقبولة' اجتماعياً، فضلاً عن استنساخ مشاهد وسيناريو أحد المسلسلات من مصر.
وعلى رغم هذه الانتقادات التي يشترك فيها النقاد والمعلقون في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الأرقام تظهر واقعاً آخر تماماً، إذ تجاوزت حصة المشاهدة 70 في المئة خلال وقت الذروة في الأيام الأولى من رمضان الجاري.
تكرار واحتكار
وبعرض أولى حلقات 'السيتكوم' والمسلسلات الدرامية والكوميدية في القنوات التلفزيونية المغربية، تبين حضور عدد من الوجوه 'المكررة' بصورة لافتة لممثلين وممثلات سبق لهم الوجود في إنتاجات مواسم رمضانية سابقة.
واعتبر نقاد وفنانون 'تكرار نفس الوجوه' نوعاً من احتكار هذه الأسماء للإنتاجات الرمضانية في التلفزيون المغربي، حتى إن هناك ممثلة تحضر في ثلاثة مسلسلات وأفلام وفي إعلانات تبث كلها خلال أوقات الذروة بعد الإفطار.
هذه الملاحظة سجلتها الممثلة المغربية عالية الركاب التي كسرت الصمت الذي يحيط بهذا الموضوع، منتقدة عبر قناتها الرسمية على 'يوتيوب' ما سمته 'احتكار' وجوه فنية بعينها للإنتاجات الرمضانية، بينما يكابد الممثلون الشباب وحتى الرواد التهميش والبطالة الفنية.
وقالت الركاب 'يسيطر مجموعة من الفنانين على الإنتاجات التلفزيونية كأنه لا بديل لهم، بينما الممثلون الشباب يجدون أنفسهم داخل دهاليز الانتظار إلى حين تقدمهم في السن، فيبقون في الرف أو يغيرون هذا المجال'.
ومن الانتقادات الأخرى التي تنسحب على المسلسلات الرمضانية بالمغرب، هو اقتحام عدد كبير من صناع المحتوى المعروفين أو 'المؤثرين' في مواقع التواصل الاجتماعي للتمثيل في مسلسلات وإنتاجات درامية وفكاهية خلال رمضان.
وينقسم حيال هذه الظاهرة الجديدة في 'تلفزيون رمضان' بالمغرب النقاد والممثلون أنفسهم، فمنهم من يرى أن الفن إبداع وحرية ولا يملك مفاتيحه أحد، وأنه مجال مفتوح لكل موهبة وأن الحكم يظل للجمهور، بينما يرى فريق آخر أن هؤلاء 'صناع المحتوى' لا تأهيل ولا إمكانات تمثيلية لديهم، وأنهم أفسدوا المجال أكثر مما نفعوا'.
بين الحموضة والمشاهدات
'الحموضة' هو الوصف المنتشر الذي يستعين به عدد من المتابعين والمشاهدين لنعت الإنتاجات الدرامية والكوميدية في تلفزيون رمضان بالمغرب.
الناقد الفني مصطفى الطالب يقول إن القنوات التلفزيونية تستمر في تكرار نفس الوجوه والسطحية في تناول المواضيع.
ولفت الطالب إلى أن الأعمال الدرامية الاجتماعية استنفدت أغراضها حتى ولو غيرت الديكور وأماكن التصوير والأشخاص، باعتبار أن السيناريو يتكرر والممثلين أيضاً.
وأردف المتحدث بأن 'الدراما التراثية تحاول أن تخرج عن المألوف، وهذا شيء محمود، لكنها تحتاج إلى التطوير والعمق وبخاصة في لغة الحوار، غير أنها تعرض خلال وقت متأخر من الليل، بمعنى أنه يحكم عليها بضعف المشاهدة'.
كل هذه الانتقادات تخالفها معطيات قدمها التلفزيون المغربي بخصوص نسب المشاهدة في فترات الذروة الرمضانية، إذ استحوذت القناة الثانية خلال وقت الذروة على 36 في المئة من حصة المشاهدة، و30 في المئة على مدار اليوم بأكمله.
وفي التفاصيل، وفق القناة الثانية أكثر من 12 مليوناً و235 ألف مشاهد تابعوا سيتكوم 'مبروك علينا'، بينما جذبت السلسلة الدرامية 'الدم المشروك' نحو 10 ملايين و536 ألفاً، ومسلسل 'الشرقي والغربي' زهاء 9 ملايين و224 ألف مشاهد.
وتبعاً للمصدر ذاته، يظل الإنتاج الوطني من مسلسلات درامية وكوميدية خياراً مفضلاً لدى المشاهدين، إذ أكدت القنوات المغربية ريادتها بحصة مشاهدة تتجاوز 70 في المئة خلال وقت الذروة في رمضان الجاري.
'رحمة' بلا تمييز
وأثار مسلسل 'رحمة' الذي تقدمه القناة الثانية المغربية امتعاض حقوقيين مغاربة، ومهتمين بوضعية الأطفال من ذوي الإعاقات والحاجات الخاصة، بسبب مشهد تمثيلي للفنان عبدالله ديدان وردت فيه تعليقات عدها حقوقيون تمييزاً ضد الأطفال المعاقين.
وأفادت المنظمة الوطنية المغربية لحقوق النساء في وضعيات إعاقة بأن تلك التعليقات الصادرة عن أحد أبطال مسلسل 'رحمة' تنم عن 'نظرة تمييزية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة'.
ووفق المنظمة الحقوقية ذاتها، يعكس المسلسل نفسه تفشي وترويج الصور النمطية السلبية التي تكرس التمييز والإقصاء، بدلاً من تعزيز قيم الاحترام والتضامن مع فئة المعاقين في المجتمع المغربي.
في المقابل عدت كاتبة سيناريو مسلسل 'رحمة' بشرى ملاك أن القصة إنسانية بامتياز تسرد معاناة أمهات الأطفال الذين يعانون إعاقات جسدية أو ذهنية، خصوصاً بعد تخلي الأب عن مسؤولياته حيال هؤلاء الأبناء.
ووفق ملاك، فإن هذا المسلسل يثير الانتباه إلى حقوق الأطفال من ذوي الحاجات الخاصة، ويحاول لفت الانتباه إلى أهمية العناية بهم، وتجاوز الصور النمطية اللصيقة بهم وذلك بتحدي الأم التي تربي وترعى هذا الطفل المعاق لنظرة المجتمع.
'صعيدي يا جدع'
وجلب مسلسل 'الدم المشروك' أكبر حصة من الانتقادات، بسبب ما عده كثر استنساخاً واضحاً للثقافة والهوية التي ترتبط بمنطقة الصعيد المصري، من خلال أحداث القصة وطريقة الأداء وملابس الممثلين، وغيرها من أجواء المسلسلات الدرامية المصرية التي تعالج قضايا 'الصعيد'.
وكتب الإعلامي المغربي محمد واموسي على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي، إن هذا المسلسل الرمضاني يُقدم على أنه عمل مغربي، لكنه في الواقع دراما مصرية صعيدية بامتياز، من السيناريو المحبوك بطريقة احترافية إلى الأزياء مروراً بالملصق الرسمي، إذ إن كل شيء فيه يصرخ 'صعيدي يا جدع'.
ويعلق الناقد مصطفى الطالب على الموضوع بقوله إن هذا المسلسل الدرامي استعان بسيناريو الكاتبة المصرية هاجر إسماعيل، 'كأن المغرب يفتقر لكتاب سيناريو وأدباء وكتاب'، وفق تعبيره.
ومضى الطالب قائلاً إن هذا العمل الدرامي ظهر 'مشوهاً' وغير أصيل بسبب الخلطة التي خرج بها، أي اللهجة مغربية في قالب مصري'، مكملاً بأن هذه العملية قد تفيد عندما يكون العمل عربياً بامتياز ويحتاج إلى تضافر الجهود'.
وتابع 'عندما يكون العمل محلياً فالمبدع المحلي هو الذي يجب أن يتكلف بالعمل، ولماذا لا نرى كاتب سيناريو مغربياً تستدعيه مصر لكتابة سيناريو مسلسل مصري؟'، قبل أن يجيب بأن مصر تتوافر على صناعة درامية وسينمائية قائمة الذات بخلاف المغرب.
وعلى الجانب الآخر دافعت الشركة المنتجة لمسلسل 'الدم المشروك' عن هذا العمل الدرامي، معتبرة أن القصة تحظى بالجاذبية، وأنه تم تكييفها لتوافق الثقافة والمجتمع المغربي من خلال تكليف كاتبين مغربيين بالحوار'.
ووفق الشركة المنتجة لهذا المسلسل المثير للجدل، فإن 'كاتبة السيناريو على رغم أنها مصرية غير أنها ليست وافدة على المغرب، بل هي تعيش في هذا المجتمع وتفهم ديناميته وثقافته وهويته'.