اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
حذّر تقرير صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، من أن التطبيع بين المغرب وإسرائيل أفرز كلفة سياسية واجتماعية متصاعدة، وفرض على الدولة 'إدارة معادلة توازن دقيقة' بين مكاسب جيوسياسية والتزامات خارجية من جهة، ومزاج شعبي رافض من جهة أخرى.
التقرير، الذي أعدّه الباحث المغربي المقيم الولايات المتحدة الأمريكية عز الدين العزماني، أكد أن الدولة المغربية وجدت نفسها منذ 7 أكتوبر 2023 في مأزق داخلي حاد، بسبب تصاعد المقاومة المجتمعية لمسار التطبيع، وهو ما زاد من تعقيد إدارة هذا الملف في ظل موجة تضامن عالمية واسعة مع الفلسطينيين، واحتقان داخلي لم تعد الأدوات التقليدية كافية لاحتوائه.
وأوضح التقرير أن الدولة تبنّت سياسة 'هوامش احتجاجية مضبوطة'، مع تدخلات أمنية حين تتجاوز التعبيرات الرافضة للتطبيع الخطوط الحمراء، دون الانخراط في مراجعة جدية للكلفة السياسية لهذا المسار. وأشار إلى أن هذه المقاربة الوقائية لم تعد كافية في ظل توسّع نطاق الرفض الشعبي، واتساع رقعة التضامن مع فلسطين داخل المجتمع، بشكل يتجاوز الإطار الحزبي أو الأيديولوجي.
وسجّل التقرير أن الدولة تراهن على استثمار التطبيع لتحقيق مكاسب استراتيجية، خصوصًا الاعتراف الدولي بسيادتها على الصحراء، لكنها في المقابل تتغاضى عن تآكل الشرعية الداخلية الناتج عن تجاهل المزاج الشعبي، ما يهدد بخلق فجوة بين المجتمع ومؤسسات القرار.
وفي تحليله للمرحلة ما بعد 7 أكتوبر، أشار العزماني إلى أن السلطات اعتمدت سياسة 'المشي على قشر البيض'، بالسماح بالتعبير عن التضامن مع غزة من جهة، ومواصلة تنفيذ أجندة التطبيع من جهة أخرى. لكنه اعتبر أن هذه السياسة مرشحة للنفاد أمام تزايد الضغوط الأخلاقية والسياسية، واتساع دائرة التوتر بين الدولة والحركات المدنية.
التقرير شدد على أن خطاب التخوين والتجريم الذي تبنّته بعض النخب المدافعة عن التطبيع، ساهم في تقويض النقاش العمومي، وتحويل التطبيع إلى موضوع انقسام حاد، بدل أن يكون موضع مساءلة وطنية عقلانية. كما نبّه إلى أن تقزيم حركة التضامن مع فلسطين وربطها بتوجّه حزبي معيّن، يتجاهل عمقها الشعبي والاجتماعي الواسع.
واعتبر الباحث أن تحوّل التطبيع إلى عامل احتكاك داخلي يؤثر سلبًا على إمكانات الإصلاح السياسي، ويعكس حالة من اللايقين تجاه استقلالية القرار السيادي. كما نبه إلى أن هذا المسار، في حال استمراره دون مساءلة مجتمعية، مرشح لأن يتحول من خيار ظرفي إلى محدّد بنيوي للسياسة الخارجية والداخلية للمغرب.
وخَلُص التقرير إلى أن تجاهل الكلفة الداخلية للتطبيع، مقابل التركيز على رهاناته الجيوسياسية، يهدد التماسك الوطني، ويُعمّق الانقسام بين الدولة والمجتمع، داعيًا النخب السياسية إلى مساءلة هذا الخيار وتحليل تداعياته، ليس فقط من منطلق أخلاقي، بل عبر مقاربة واقعية تشمل الاستقرار، والشرعية، ومستقبل التحول الديمقراطي في البلاد.