اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ١٤ نيسان ٢٠٢٥
رغم الهالة الإعلامية التي تُحيط بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، ورغم الميزانية الضخمة التي تُخصص له سنويا من المال العام، تتعالى الأصوات داخل أوساط الكتبيين والناشرين والمشتغلين بحقل الكتاب، متسائلة: من المستفيد الحقيقي من هذه التظاهرة؟ وهل يرقى هذا المعرض إلى مستوى تطلعات الفاعلين الحقيقيين، أم أنه تحول إلى واجهة شكلية تغيب عنها العدالة الثقافية والاقتصادية؟.
ويشكو الناشرون، في كل دورة، من أداء رسوم مرتفعة مقابل حجز رواق صغير لا يكاد يغطي كلفة مشاركتهم، حيث يُجبرون على تحمّل مصاريف النقل والإقامة وشحن الكتب، دون دعم يُذكر، ودون أي ضمانات لتحقيق عائد يغطي حتى الحد الأدنى من تلك التكاليف.
أما الكتبي، الذي يشكل حلقة الوصل بين الكتاب والقارئ، فيُقصى تمامًا أو يُعامل كضيف غير مرغوب فيه، ويُطلب منه دفع مبالغ تفوق قدراته للمشاركة، في ظل غياب تام لأي تصور لإدماجه ضمن المنظومة الثقافية للمعرض، حسب حديث لأحد الكتبيين مع 'الأيام 24″.
ويرى متتبعون أن القارئ لم يسلم بدوره من العبء الثقيل للمعرض الدولي للنشر والكتاب، حراء أسعار الكتب التي غالبا ما تكون مرتفعة، لأن الناشر يدفع تكاليف باهظة للمشاركة، ما ينعكس على أثمنة البيع.
ويلاحظ أن الفضاء الثقافي يعيد نفس الأسماء والمواضيع في ندوات شكلية لا تفتح آفاقا جديدة، في حين يُترك الزائر يواجه الاكتظاظ، وغياب الخدمات، وانعدام أي تحفيز مادي أو معنوي على القراءة والاقتناء.
وفي المقابل، تُوجّه الميزانية الضخمة التي تُقدّر بالمليارات نحو الجوانب اللوجستيكية والتنظيمية، واستقبال ضيوف أجانب، وتمويل أنشطة تنشيطية ذات طابع استعراضي، فيما يظل الناشر المغربي يعاني، والكتبي يُهمّش، والزائر يُجبر على دفع ثمن تذكرة للدخول، وفق متتبعين لهذا الحدث الثقافي.
ويتساءل العديد من الناشرين والكتبيين، عن القيمة المضافة التي دفعت وزارة الثقافة لنقل المعرض الدولي إلى الرباط عوض تنظيمه سابقا في المعرض الدولي بالدار البيضاء، بتكلفة كانت أقل بما يقارب خمسة أضعاف؟ فمن المستفيد الحقيقي من هذه التظاهرة؟ ومن هي الجهة التي تظفر سنويًا بصفقة تنظيم المعرض، والتي ترتفع قيمتها من دورة إلى أخرى دون رقابة واضحة أو محاسبة؟.
وأشار المتحدثون ذاتهم، إلى أن المعطيات تكشف أن الشركة ذاتها تُمنح الصفقة منذ سنوات، في غياب تام للتنافسية أو تقييم شفاف لحصيلتها، ما يثير الشكوك حول وجود مصالح ضيقة تُدار في الخفاء، بعيدة عن همّ الكتاب والقارئ.
من هذا المنطلق، يتساءل مراقبون، حول الجدوى من هذه التظاهرة بصيغتها الحالية، مطالبين بـ'إعادة النظر في طريقة تدبيرها، وتوزيع ميزانيتها، وضمان تمثيلية حقيقية للفاعلين الأساسيين فيها، على اعتبار أن المعرض، في صيغته الراهنة، لا يخدم صناعة الكتاب الوطنية، ولا يُسهم في تعميم فعل القراءة، بل يعيد إنتاج نفس التفاوتات واللامساواة التي يعرفها المشهد الثقافي عموما'.
وبناء على كل ما سبق، تتصاعد مطالب الناشرين والكتبيين بضرورة القيام بإصلاح جذري لهذا الحدث الثقافي الضخم، 'يبدأ بالاعتراف بالمُهمَّشين، ويمر عبر دعم الفاعلين الحقيقيين، وينتهي بتحقيق العدالة الثقافية، التي من دونها ستظل كل تظاهرة مجرد عرض مسرحي مكلف بلا مضمون'.