اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٦ حزيران ٢٠٢٥
في سياق يثير جدلا واسعا حول مستقبل العلاقات بين المغرب والجزائر، وبعد مرور خمسة عقود على أحداث وصفها بـ'الجرائم' التي ارتكبها النظام الجزائري بحق المغاربة، شدد الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نورالدين، على أن أي دعوة للمصالحة مع الجزائر يجب أن تقترن بالمحاسبة واسترجاع الحقوق كاملة، محذرا من أن التنازل عن حقوق الضحايا والممتلكات والأراضي سيكون 'خيانة للوطن'.
وقال نورالدين، في تصريح لجريدة 'العمق'، إن من ينادون اليوم بالمصالحة مع الجزائر 'دون محاسبتها على جرائمها، إنما يحاولون فك الحصار عنها'. وأضاف مؤكدا أن 'العلاقات الدولية مبنية على العقلانية والمصالح وليس على العواطف'، مستذكرا تجارب سابقة: 'لقد جربنا المصالحة مرات ووقعنا اتفاقيات، وفي كل مرة كانت الجزائر تغدر بنا، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين'. وحذر بشدة من 'إعطاء الجزائر طوق النجاة مرة أخرى وهي تغرق'.
ويرى الخبير أن العداء الجزائري للمغرب ليس وليد اليوم، بل هو استراتيجية مستمرة منذ أكثر من نصف قرن، تحديدا منذ حرب الرمال. وقال: 'الجزائر حاربت المغرب خلال نصف قرن بل منذ حرب الرمال وهي تسعى لهدم وحدة المغرب وتفتيت أراضيه'. وأشار إلى أن الجزائر 'احتضنت كل الحركات المسلحة التي كانت تسعى لقلب النظام في المغرب من اليسار إلى الشبيبة الإسلامية، بالإضافة إلى البوليساريو'. واعتبر أن هذا السلوك يؤكد أنه 'لا يهمها الإيديولوجيا بل ما يهمها هو ضرب المغرب'.
ولم يتردد نورالدين في استحضار الكلفة البشرية والمادية لهذا الصراع المفتعل من قبل الجزائر. وقال بأسى: 'الجزائر تسببت في قتل ما لا يقل عن خمسة آلاف جندي مغربي في حرب الصحراء، فهل تذهب دماؤهم هدرا؟ وقتلت المئات من الشباب والرعاة والمزارعين على الحدود'.
وفي سياق الحديث عن 'الجرائم' الجزائرية، توقف نورالدين عند ما وصفها بـ'أبشع جريمة ضد الإنسانية' التي ارتكبتها الجزائر سنة 1975. وروى تفاصيلها المفجعة قائلا: 'قامت بأبشع جريمة ضد الإنسانية حين طردت في يوم عيد الأضحى سنة 1975 خمسة وأربعين ألف عائلة مغربية أي ما يقرب من نصف مليون طفل وشاب وكهل وشيخ من الرجال والنساء، كانوا يعيشون في الجزائر بشكل قانوني قبل استقلال الجزائر لعقود ولأجيال، طردتهم بدون جريمة ولا إثم، والسبب الوحيد هو تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء لتحرير الصحراء المغربية من الاحتلال الإسباني'.
وأشار إلى أن النظام الجزائري بقيادة هواري بومدين، قرر تنظيم 'مسيرة سوداء كما سماها الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين نكاية في المغرب'. ولم تكتف السلطات الجزائرية بالطرد التعسفي، بل قامت بـ'مصادرة أموالهم وديارهم وحتى حلي نسائهم'، معتبرا أن هذا 'جزء بسيط من صك الجرائم التي اقترفتها الجزائر في حق المغرب والمغاربة'.
وبناء على هذا السجل الطويل من العداء والانتهاكات، شدد الخبير أحمد نورالدين على أن 'ليس من حق أي حكومة مغربية أن تتنازل عن حقوق هؤلاء الضحايا ولا عن الأراضي المغربية المقتطعة في الصحراء الشرقية ولا عن ممتلكات المغاربة ضحايا الطرد التعسفي ولا عن دماء الشهداء'.
وخلص نورالدين إلى وضع شروط واضحة لأي مصالحة مستقبلية، مؤكدا أن 'أي مصالحة مع الجزائر المعتدية دون استرجاع كامل الحقوق، ودون ضمانات للمستقبل حتى لا تتكرر الجرائم، سيكون خيانة للوطن وللمغاربة ولدماء الشهداء'. وختم تصريحه بالقول بشكل قاطع: 'لا صلح إلا باسترجاع الحقوق، ولا صلح قبل الاعتراف الكامل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية والشرقية، ولا صلح قبل دفع التعويضات عن خسائر المغرب كدولة وكمواطنين خلال الحرب وعن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا الصراع الذي استمر أزيد من نصف قرن'.