اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٧ أذار ٢٠٢٥
في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز السيادة الطاقية للمملكة، ترأس رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم أمس اجتماعا تركز على 'عرض المغرب' في قطاع الهيدروجين الأخضر، الذي يعتبر من أبرز الحلول المستقبلية لتأمين استقلال الطاقة على المستوى العالمي، وخلال الاجتماع، تم انتقاء 5 مستثمرين وطنيين ودوليين لتنفيذ 6 مشاريع طموحة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بتكلفة مالية استثمارية تصل إلى 319 مليار درهم.
هذه المشاريع تأتي في إطار رؤية طموحة لتحقيق تحول طاقي مستدام، وهو ما ينسجم مع التوجيهات الملكية التي دعت إلى تسريع وتيرة تنفيذ هذا المشروع الواعد وفق أعلى معايير الجودة والشفافية، ما يجعل من الاستثمار خطوة نحو تأكيد مكانة المغرب كداعم رئيسي للابتكار الطاقي، في سياق عالم يتجه نحو الطاقات النظيفة، ويعكس التزاما راسخا بتحقيق استدامة الطاقة وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية.
التحول الطاقي
في هذا الإطار اعتبر خبير التخطيط الاستراتيجي، أمين سامي، أن الهيدروجين الأخضر يعد أحد البدائل الواعدة لتحقيق التحول الطاقي في العالم بأسره، كما بات يعرف عالميا بـ 'نفط الغد' لما له من إمكانات كبيرة في تأمين استقلالية الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون.
وحسب المتحدث فإن المغرب يراهن على هذه التكنولوجيا كمكون رئيسي في استراتيجيته الطاقية، حيث يسعى المغرب إلى تعزيز موقعه كمصدر عالمي للهيدروجين الأخضر ومشتقاته (مثل الأمونيا الخضراء والميثانول الأخضر) في ظل الطلب المتزايد على هذه الموارد، خاصة من أوروبا.
واعتبر سامي في تصريح لـ 'العمق' أن المغرب يمتلك العديد من المقومات التي تدعمه في تحقيق طموحاته الطاقية، والتي قد تجعله أحد أبرز اللاعبين في سوق الهيدروجين الأخضر، ومن بين هذه المقومات، يبرز الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يضعه على مقربة من الأسواق الأوروبية، ما يسهل عمليات التصدير ويساهم في تعزيز التبادلات التجارية في هذا المجال.
إضافة إلى ذلك، أكد المختص تمتع المغرب بموارد طاقة متجددة هائلة، خصوصا في مجالي الشمس والرياح، ويأتي الدعم السياسي القوي الذي يقدمه الحكومة المغربية إلى هذا القطاع في إطار استراتيجيته الطاقية الطموحة.
وحسب المتحدث فإن الاتجاه الدائم في تحسين مناخ الأعمال الاستثماري وتسهيل شروط الاستثمار الأجنبي وتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ورقمنتها يدعم هذا الطرح، وبالتالي فهي عوامل تساهم بشكل كبير في نجاح مشروع الهيدروجين الأخضر.
معيقات وجب تجاوزها
وعلى الرغم من الإمكانات الواعدة، فإن الاستثمار في الهيدروجين الأخضر في المغرب حسب خبير التخطيط الاستراتيجي، قد يواجه تحديات متعددة، أولها التحديات التقنية والتكنولوجية، خاصة فيما يتعلق بكفاءة التحليل الكهربائي، حيث يعتمد إنتاج الهيدروجين الأخضر على التحليل الكهربائي للماء باستخدام طاقة متجددة.
واستدرك حديثه قائلا: 'لكن لا تزال كفاءة هذه التقنية محدودة نسبيا (بمتوسط 60-80%)، مما يجعل تكلفة الإنتاج مرتفعة، كما أن تخزين ونقل الهيدروجين يمثلان تحديا آخر، كون أن الأمر يتطلب تقنيات متطورة لضغطه أو تسييله من أجل نقله بشكل آمن وفعال'.
وأشار المتحدث إلى أن ارتفاع تكلفة الإنتاج، تعتبر من أهم التحديات، إذ تبلغ تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر حوالي 4-6 دولارات لكل كيلوغرام، مقارنة بـ 1-2 دولار للهيدروجين الرمادي (المستخرج من الوقود الأحفوري)، مما يفرض تحديات تنافسية، الحاجة إلى استثمارات ضخمة.
وأضاف قائلا: تحتاج مشاريع الهيدروجين الأخضر إلى تمويل طويل الأجل، وعلى الرغم من أن المغرب يتمتع بإمكانات هائلة في الطاقة الشمسية والريحية، إلا أن كلفة إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة لا تزال متذبذبة، مما قد يؤثر على اقتصاديات إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وحسب المتحدث فإن المنافسة الدولية، تعد هي الأخرى من أهم العوائق، إذ تتسابق عدة دول مثل السعودية، الإمارات، مصر، تشيلي، وأستراليا على الاستثمار في هذا القطاع، مما قد يؤثر على حصة المغرب من السوق المستقبلية.
حلول مبتكرة
وأكد خبير التخطيط الاستراتيجي، أن تجاوز هذه التحديات يتطلب تبني حلول مبتكرة في عدة مجالات، بدءا من التكنولوجيا وصولا إلى السياسات الاقتصادية والقانونية، مسجلا وجوب تحسين كفاءة التحليل الكهربائي، التي تعد التقنية الأساسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما أن الاستثمار في تقنيات تحليل كهربائي متطورة يمكن أن يساهم في رفع كفاءة الإنتاج، مما يقلل من التكاليف ويحسن جدوى المشاريع الطاقية.
وشدد سامي على ضرورة تطوير حلول تخزين متقدمة، مشيرا إلى أن استخدام تقنيات مثل الهيدروجين السائل أو تحويله إلى ناقلات طاقة مثل الأمونيا الخضراء يعد من الوسائل الفعالة التي تسهم في تسهيل عملية النقل لمسافات طويلة، مضيفا أنه من الممكن المساهمة في إعادة استخدام المياه المالحة، وذلك من خلال معالجة مياه البحر وتحليتها لاستخدامها في عملية التحليل الكهربائي، مما يقلل من الضغط على الموارد المائية العذبة.
أما على الصعيد المالي، أقر المتحدث بضرورة توفير الدعم الهيكلي للاستثمارات في الهيدروجين الأخضر، مؤكدا أهمية تحفيز الاستثمارات الأجنبية من خلال تقديم حوافز ضريبية للمستثمرين الدوليين في هذا المجال، مع زيادة الإنفاق على تمويل مشاريع البحث والتطوير، وذلك من خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، فضلاً عن التعاون مع الجامعات لدعم الأبحاث في هذا المجال.
وفي سياق متصل، أورد أمين سامي أن تعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي يعد من الخطوات الأساسية لتحقيق النجاح في قطاع الهيدروجين الأخضر، مسجلا ضرورة إصدار قانون خاص بالهيدروجين الأخضر يتضمن معايير واضحة للإنتاج والتسعير والتصدير، بالإضافة إلى أطر الشراكة مع القطاع الخاص.
وختاما، أكد خبير التخطيط الاستراتيجي، أمين سامي، على أهمية تطوير البنية التحتية وتعزيز اللوجستيات اللازمة لتسريع نمو قطاع الهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى ضرورة إنشاء مناطق صناعية متخصصة، لا سيما بالقرب من محطات الطاقة المتجددة مثل ورزازات والعيون وبوجدور، حيث يمكن أن تسهم هذه المناطق في تسهيل عمليات الإنتاج والنقل، وبالتالي تلبية احتياجات السوق المحلي والعالمي.
جدير بالذكر أن العرض حصل عليه كل من حالف المستثمرين “ORNX ” المكون من شركات “أورتوس” من الولايات المتحدة الأمريكية، و”أكسيونا” الإسبانية، و”نورديكس” الألمانية، التي ستستثمر في إنتاج الأمونياك، إضافة إلى تحالف آخر للمستثمرين يتكون من شركتي “طاقة” الإماراتية، و”سيبسا” الإسبانية، لإنتاج مادتي الأمونياك والوقود الاصطناعي.
كما تم اختيار شركة “ناريفا” المغربية التي ستقوم بإنتاج الأمونياك والوقود الاصطناعي والفولاذ الأخضر، فيما تعتزم شركة “أكوا باور” السعودية، الاستثمار في إنتاج الأمونياك، وهي المادة نفسها التي يعتزم تحالف استثماري آخر يضم شركتين صينيتين وهما” UEG” و”تشاينا ثري غورجيز” إنتاجها.