اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
وجه رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي حول انقطاع متكرر لأدوية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في الصيدليات المغربية، منبها إلى ما يشكله ذلك من معاناة متزايدة للأسر التي تتكفل بأطفال مصابين بهذا الاضطراب العصبي والسلوكي الشائع.
وقال النائب البرلماني، في سؤال كتابي اطلعت 'العمق' على نسخة منه، إن سيدة مغربية، وهي أم لطفل يبلغ من العمر سبع سنوات ويعاني من أعراض هذا الاضطراب، قد عبرت له عن استيائها العميق جراء عدم توفر الأدوية الضرورية، ما يفاقم الوضع الصحي والنفسي لطفلها، ويجعله عرضة للتنمر من زملائه داخل الفصل، ويهدد استمراره في المدرسة.
وأضاف حموني، أن هذه الحالة تعكس معاناة شريحة واسعة من الأسر المغربية، التي تجد نفسها عاجزة أمام ندرة هذه الأدوية في السوق، رغم أنها تشكل حجر الأساس في العلاج والمتابعة الطبية. وأشار النائب إلى أن تفاقم هذه الأزمة يقتضي تدخلاً عاجلاً من الوزارة، لتأمين توفر الأدوية بشكل منتظم وبأسعار معقولة تراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
تحول مؤسساتي
وفي تصريح لجريدة 'العمق' أوضح الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصحة، محمد عريوة، أن الأدوية المخصصة لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، هي من فئة المنشطات العصبية، وهي ضرورية جداً للأطفال المصابين. وأعرب عريوة عن أسفه للانقطاع المتكرر لهذه الأدوية، مؤكداً أن هذه الظاهرة طالت كذلك أدوية أخرى ضرورية.
وعزا عريوة هذا الخلل إلى التحول المؤسساتي الذي طرأ على منظومة تدبير الأدوية، حيث انتقلت المسؤولية من وزارة الصحة إلى الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، بموجب القانون رقم 10.22. واعتبر أن هذا الانتقال لم يواكبه بعد التنسيق الكافي مع المصنعين والموزعين، مما أدى إلى اضطرابات متكررة في سلاسل الإمداد.
وفي هذا السياق، شدد المتحدث ذاته على ضرورة أن تضطلع الوكالة الجديدة بدور فعال في ضمان الاستمرارية في توفير الأدوية، وخاصة الأدوية الخاصة كأدوية اضطراب فرط الحركة، لما لذلك من أثر مباشر على صحة المرضى واستقرارهم النفسي والتربوي. وأضاف أن الوكالة مطالبة بتعزيز الاستثمارات وتطوير الصناعة الدوائية الوطنية لتقليص التبعية للخارج.
وتنص المادة الثانية من القانون المنظم للوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية على أن من بين مهامها 'ضمان توافر الأدوية والولوج إليها، والسهر على جودتها وفعاليتها وسلامتها'، وهي مهام يرى المتتبعون أنه يجب تفعيلها بفعالية أكبر أمام الأزمات المتكررة في وفرة الأدوية الأساسية.
معاملة خاصة
تؤكد المرشدة النفسية والسلوكية إيمان الجعفري، أن الأطفال المصابين بتشتت الانتباه يحتاجون إلى معاملة خاصة، نظرا لتأثير سلوكهم على علاقاتهم مع الآخرين. فغالبًا ما يجد هؤلاء الأطفال صعوبة في تكوين صداقات، إذ يفضلون الانسحاب بسبب شعورهم بالعجز عن التواصل السليم، وهو ما قد يولّد لديهم الإحباط والعزلة.
ويُظهر الطفل المصاب بهذا الاضطراب عدة أعراض واضحة، من بينها الاندفاع، سرعة الغضب، قلة الانتباه، والتشتت الواضح في أداء المهام الدراسية. كما يتميز بحركة زائدة وعدم القدرة على البقاء ساكنًا، وقد يلجأ للتخريب أو ممارسة أكثر من نشاط في وقت واحد، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى ضعف تحصيله الدراسي وفشله في التكيف مع المتطلبات التعليمية.
ومن أجل التعامل الصحيح مع هذه الحالات، يجب على الوالدين توفير بيئة أسرية هادئة خالية من التوتر والانفعالات، مع تفادي استخدام أساليب التخويف والتهديد التي تؤدي إلى تفاقم الاضطرابات النفسية لدى الطفل. كما أن الدعم النفسي والتربوي يشكّل حجر الأساس في معالجة هذه الحالة، من خلال تقديم المساعدة اليومية في إنجاز المهام الدراسية وتقديم الحوافز الإيجابية.
وتلعب بعض التفاصيل الصغيرة دورا مهما في تحسين تركيز الطفل، كاختيار المكان المناسب للدراسة أو تناول الطعام بعيدا عن مصادر التشويش كالأبواب أو النوافذ. كما يُستحسن تعزيز التواصل البصري عند الحديث مع الطفل لضمان تركيزه وتفاعله، مع استخدام أسلوب كلام بسيط وواضح يسهل عليه فهم التوجيهات.
وفي الحالات الأكثر تعقيدا، وإذا لم تُجدِ الطرق التربوية نفعا، تنصح الجعفري بضرورة عرض الطفل على مختص نفسي أو سلوكي لتقييم الحالة ووضع خطة علاجية مناسبة. فالرعاية النفسية المتخصصة، إلى جانب الدعم الأسري، تعدّ ضرورية لتمكين الطفل من تجاوز اضطرابه ومساعدته على الاندماج بشكل سليم في المجتمع.