اخبار المغرب
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
هذا المشروع الذي يتعزز اليوم بصفقة 'أوفيك 13' يقوم على إنتاج وتقييم التنبؤات الأمنية وتقدير التهديد بجميع صوره ومصادره واستباق وقوعه
يراهن المغرب على الحصول على تكنولوجيا متطورة في مجال الاستخبارات والمراقبة الفضائية، من خلال إنهاء إبرام صفقة مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (Israel Aerospace Industries - IAI)، بهدف اقتناء قمرين اصطناعيين للاستطلاع العسكري المتطور، قائمين على منصة 'أوفيك 13'.
ويرى مراقبون أن اقتناء المغرب لهذه الأقمار الاصطناعية يدل على معرفته بالأخطار والتهديدات التي تحدق بالمملكة، كما أن تحديث البنية التجسسية بهذا الطراز من الأقمار الإسرائيلية المتطورة يعطي المملكة تفوقاً إقليمياً في ظل انتشار التهديدات الناشئة و'الأخطار اللاتماثلية' بالمنطقة.
جدل الصفقات
وتثير مثل هذه الصفقات العسكرية التي يبرمها الجيش المغربي مع الصناعات الإسرائيلية جدلاً ونقاشاً سياسياً على رغم ظاهرها التجاري والتقني الصرف، بالنظر إلى الحرب التي تخوضها تل أبيب ضد الفلسطينيين داخل قطاع غزة.
الصفقة الجديدة التي سيتسلم المغرب بموجبها القمرين التجسسيين من إسرائيل في حدود عام 2030، تراها الرباط ضرورية لتدشين مرحلة جديدة من التفوق الاستخباراتي والمراقبة الفضائية في خضم عالم متحول ومضطرب.
وحول ما تثيره مثل هذه الصفقات العسكرية الضخمة التي يبرمها الجيش المغربي مع إسرائيل، وسط محيط مشحون بتداعيات الحرب على غزة، أفاد مصدر مغربي مسؤول بأن صفقة 'أوفيك 13' تُكلف أكثر من مليار دولار على امتداد خمسة أعوام، بمعنى أن الرباط ستتسلم رسمياً القمرين الاصطناعيين بدايات عام 2030.
واستطرد موضحاً أن الأمر يتعلق بصفقة عسكرية محضة بين بائع ومشترٍ وفق معايير تقنية ومالية صارمة، وأن موقف الرباط من الحرب على غزة واضح أيضاً ولا لبس فيه، وبأن 'وضوح هذه المواقف كل على حدة يفند كل محاولات خوض بعض الجهات، التي لم يسمها، في الاصطياد بالماء العكر، فإبرام صفقات عسكرية وفق مسارات واتفاقات سابقة محددة شيء، والموقف الرافض للحرب على غزة شيء آخر تماماً'، وفق تعبير المتحدث.
ويزكي هذا الطرح المتخصص في الشأن العسكري والاستراتيجي محمد عصام لعروسي الذي أبرز أن 'اقتناء المغرب أقماراً تجسسية إسرائيلية يظهر واقعية وبراغماتية القرار العسكري المغربي، الذي يميز بين إسرائيل التي تحارب داخل غزة، وإسرائيل التي تمتلك الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة التي تدعم ترسانته الاستخباراتية، إذ لا ترى الرباط مانعاً في اقتناء هذه التكنولوجيا ما دامت ستقدم لها حلولاً دقيقة وميدانية تقي البلاد من جميع التهديدات المحدقة'.
تلك الصفقات العسكرية التي أبرمها ويبرمها المغرب مع الصناعات الإسرائيلية لا تزال تثير رفضاً لدى مناهضي السلام مع إسرائيل، بالنظر إلى الكلفة الإنسانية الباهظة للحرب التي تشنها على فلسطينيي غزة.
تقوية الاستخبار المفتوح
أطلق المغرب القمر الاصطناعي 'محمد السادس-أ' عام 2017 والقمر الاصطناعي 'محمد السادس-ب' عام 2018، مُشكلين حينها انطلاقة البرنامج الفضائي العسكري المغربي الذي يروم مراقبة الحدودين البرية والبحرية الشاسعة للمملكة.
ويقول ضمن هذا الصدد الخبير في الشؤون الأمنية إحسان الحافظي إن تطوير ترسانة الاستخبارات الفضائية داخل المغرب بدأ منذ عام 2017، وذلك ضمن خطة لتنويع وتقوية وسائل الاستخبارات.
واسترسل الحافظي بأن هذا المشروع الذي يتعزز اليوم بصفقة 'أوفيك 13' يقوم على إنتاج وتقييم المعلومات الاستخباراتية والتنبؤات الأمنية، وتقدير الأخطار بجميع صورها ومصادرها واستباق وقوعها.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن 'تحديث هذه البنية يعطي للمغرب تفوقاً إقليمياً في ظل انتشار التهديدات الناشئة والأخطار اللاتماثلية التي باتت تهدد المنطقة برمتها'، متابعاً أن 'هذه التكنولوجيا ستتيح للمملكة تفوقاً معلوماتياً في مراقبة شبكة الحدود البرية الواسعة والمعقدة للبلاد'.
وزاد الحافظي أن 'هذه الصفقة تسمح للمغرب أيضاً بحماية المجال الأمني الحيوي للمملكة عبر بناء الاستراتيجيات الممكنة والخطط العسكرية، من خلال ما يوفره نظام الاستخباراتي الفضائي من معطيات آنية وتحليلها بناء على قائمة من البيانات المحدثة الصادرة عن أنظمة المراقبة الفضائية، الشيء الذي يدعم تقييم الأخطار وطبيعتها وتطوراتها على الميدان'.
وتفيد تقارير عسكرية بأن الأقمار الاصطناعية التجسسية الإسرائيلية التي سيمتلكها المغرب، تستطيع العمل في جميع الظروف الجوية للقيام بمراقبة مستمرة للحدود الشرقية مع الجزائر والمنطقة العازلة في الصحراء، مع رصد دقيق لأية تحركات عسكرية أو آليات.
وستعزز الأقمار الإسرائيلية المتطورة القدرة على رصد وتتبع السفن المشبوهة ومحاربة التهريب والهجرة غير النظامية، وتدعم جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر تتبع تحركات الجماعات المسلحة وشبكات التهريب في مناطق نائية وصعبة مثل منطقة الساحل، ورصد البنى التحتية المشبوهة كمعسكرات التدريب أو مخازن الأسلحة، حتى لو كانت مموهة.
دلالات وبراغماتية
من جهته، توقف محمد عصام لعروسي عند دلالات اهتمام وإبرام المغرب صفقة القمرين الاصطناعيين الإسرائيليين، ومن ذلك الحرص على استكمال الآليات الاستخباراتية المتطورة التي يمتلكها، بالتالي بحث المغرب عن آخر المستجدات والإمكانات الاستخباراتية من طريق الأقمار الاصطناعية.
وشدد لعروسي على أن استكمال هذه الحلقات يخضع لمنهجية واضحة، إذ يريد المغرب أن يكسب رهان التكنولوجيا المتقدمة، وهو ما يُضاف إلى سلسلة النجاحات التي حققتها المؤسسة الاستخباراتية والأمنية في تعقب التهديدات غير التقليدية التي تحدق بالمملكة.
ومن الدلالات الأخرى، يتابع المحلل عينه، أن تقدير المؤسسة العسكرية للأخطار والتهديدات التي تحدق بالمنطقة والتي لها أساساً علاقة بتقاطبات إقليمية ودولية، على غرار استهداف الوحدة الترابية وتقطيع أوصال المنطقة من خلال أزمات وتوترات ممتدة لا يمكن توقع انتهائها جراء البنيات المضطربة داخل القارة السمراء وقضايا الشرق الأوسط.
وذهب لعروسي إلى أن التهديدات والأخطار موجودة ومستمرة على اعتبار أن 'الفاعلين' ينشطون بصورة كبيرة في المنطقة ويتزودون بأسلحة متطورة، ومنها استخدام طائرات مسيرة وطائرات الشبح التي لا يمكن رصدها'.
وتطرق لعروسي لميزات 'أوفيك 13' التي تمنحها تفوقاً واضحاً، ومن ذلك تحديد الهدف بدقة عالية وتحديد التهديدات القادمة إلى المملكة ورصدها ومعرفة تفاصيلها، وهذا يكشف مدى أهمية هذه الأقمار الاصطناعية وحرص المغرب على الحصول عليها.