اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
في إطار التحضير للمؤتمر الوطني الثاني عشر، كشف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن وثيقة تحليلية موسعة حول أوضاع الجالية المغربية بالخارج، انتقد من خلالها ما وصفه بـ'التراجع الخطير' في التعاطي الحكومي مع قضايا مغاربة العالم، رغم التوجيهات الملكية الداعية إلى إدماجهم الكامل في التنمية الوطنية.
وأكد الحزب أن قضايا الجالية، التي لطالما شكلت أولوية في برنامجه السياسي، أصبحت اليوم في وضع يتطلب مراجعة جذرية للسياسات العمومية، من خلال إحداث إطار مؤسساتي مستقل وفاعل، يعيد الاعتبار لانتظارات أكثر من 5 ملايين مغربي ومغربية موزعين على مختلف القارات.
وانتقدت الوثيقة قرار الحكومة الحالية إلغاء الوزارة المنتدبة المكلفة بمغاربة العالم، وضمها إلى وزارة الشؤون الخارجية، معتبرة أن هذه الخطوة 'عمقت من حالة الجمود، وأفقدت الجالية مخاطبها المؤسساتي المباشر'، رغم استمرار الاعتمادات المالية المخصصة للقطاع.
كما سجّلت الوثيقة تراجعاً في الدينامية المؤسساتية التي ميزت المرحلة السابقة، حيث توقفت برامج عدة، من أبرزها الشباك الإداري المتنقل بالخارج، والمخيمات الثقافية، والدعم التربوي الموجه لأبناء الجالية، ما أسهم في إضعاف الروابط بين الأجيال الصاعدة ووطنهم الأم.
قوة بشرية واقتصادية مهدورة
وتوقفت اللجنة الحزبية عند الإمكانات الهائلة التي تمثلها الجالية المغربية، مشيرة إلى أن تحويلاتها المالية تُشكل أكثر من 7% من الناتج الداخلي الخام، في حين أن أزيد من 10% من أفرادها ينتمون إلى فئة الكفاءات والخبرات النادرة، سواء في البحث العلمي أو القطاعات المالية والاقتصادية.
وشددت الوثيقة على أن 'القيمة الحقيقية للجالية تتجاوز الجانب الاقتصادي، لتشمل بعدها الثقافي والدبلوماسي والاستراتيجي'، وهو ما يقتضي، وفق الحزب، سياسة عمومية شاملة تدمجها في كل مستويات التنمية وصنع القرار.
وفي ما يتعلق بالخدمات القنصلية، اعتبرت الوثيقة أن أداء المصالح القنصلية ما زال دون التطلعات، حيث يواجه المواطنون بالخارج صعوبات كبيرة في الوصول إلى خدمات ذات جودة، وسط بطء المساطر، ونقص الموارد البشرية المؤهلة، وغياب رقمنة شاملة للإجراءات.
وأكد الحزب على ضرورة إعادة انتشار الخريطة القنصلية بشكل يتماشى مع التحولات الجغرافية للهجرة المغربية، خصوصاً نحو دول الخليج وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، مشدداً على أهمية تبني مقاربة استباقية تعترف بتنوع الجالية وتغير مراكز الثقل السكاني.
إحياء البرامج الثقافية
كما دقت الوثيقة ناقوس الخطر بشأن تراجع البرامج الثقافية والهوياتية الموجهة للجالية، معتبرة أن الاقتصار على برامج محدودة مثل 'الجامعات الصيفية' لا يكفي لترسيخ الانتماء لدى الأجيال الجديدة، خصوصاً مع تصاعد تأثير ثقافات بديلة في بلدان المهجر.
ودعت إلى الإسراع في تفعيل مقترح 'الوكالة المغربية للعرض الثقافي بالخارج'، الذي ورد ضمن توصيات النموذج التنموي الجديد، ليكون أداة مؤسساتية مستدامة لتقوية الروابط الثقافية والهوياتية بين الجالية ووطنها الأم.
في مقابل ذلك، طالب حزب الاتحاد الاشتراكي بإحداث مؤسسة وطنية مستقلة تُعنى حصرياً بشؤون مغاربة العالم، وتحسين جودة الخدمات القنصلية والإدارية وتوسيع رقمنتها، ودعم برامج التمكين الاجتماعي للفئات الهشة من الجالية، وتعزيز العرض الثقافي بالخارج وتوسيع فضاءات التفاعل مع الوطن.
كما دعا الحزب الاشتراكي إلى إشراك الجالية في بلورة السياسات العمومية وتقييمها، وتسريع إصلاح المجلس الاستشاري للجالية وتفعيل أدواره.وأكد الحزب أن الجالية المغربية بالخارج لم تعد فقط فاعلا اقتصاديا، بل أصبحت شريكاً استراتيجياً في الدفاع عن القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، ما يستدعي إرادة سياسية حقيقية لإعادة الاعتبار لهذا الملف الذي ظل، لسنوات، ضحية التهميش وغياب الرؤية الشمولية.