اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
تعيش منطقة سيدي مومن بالدار البيضاء وضعا مقلقا على مستوى السلامة الطرقية، في ظل تزايد حوادث السير وتردي البنية التحتية، ما جعل التنقل داخل المنطقة يتحوّل إلى مغامرة يومية محفوفة بالمخاطر، خصوصا بالنسبة للأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وبحسب تقرير 'السياسات حول الحاجة إلى إحداث تدخلات استراتيجية' الصادر عن رابطة جمعيات سيدي مومن، فإن هذه الوضعية تعكس خللا عميقا في منظومة التشوير والبنية المرورية، إذ تغيب ممرات الراجلين أمام المؤسسات التعليمية والمراكز الصحية، وتتدهور حالة الطرق الرئيسية والثانوية، فضلا عن ضعف الإنارة العمومية في عدد من الأحياء، وانتشار وسائل النقل غير المهيكلة مثل “التريبورتور” وسيارات الأجرة الصغيرة غير المرخصة، ما يخلق فوضى مرورية مستمرة ويضاعف من مخاطر الحوادث.
وأشار التقرير إلى أن سيدي مومن، التي يفوق عدد سكانها 400 ألف نسمة، تعاني من غياب إشارات مرور واضحة، وضعف التشوير الأفقي والعمودي، في وقت تعرف فيه المنطقة كثافة مرورية متزايدة. هذه العوامل، مجتمعة، تجعل الطرق فضاءات غير آمنة سواء للمركبات أو للراجلين.
كما يبرز التقرير أن غياب المعابر القانونية وضعف البنية التحتية يتسببان في تسجيل عدد متزايد من حوادث السير داخل الأحياء السكنية، خاصة بالقرب من المدارس والأسواق الشعبية.
وأضافت الوثيقة ذاتها أن التجربة الميدانية أكدت أن هذه الحوادث لا تخلف فقط خسائر بشرية، بل تمتد آثارها إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للأسر المتضررة.
وتقدخر وزارة التجهيز الكلفة الاقتصادية لحوادث السير بأكثر من 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل مليارات الدراهم سنويا، ما يجعلها نزيفا صامتا يثقل كاهل الدولة والمجتمع. وفي سيدي مومن، تتخذ هذه الكلفة بعدا اجتماعيا إضافيا، إذ تتسبب الحوادث في فقدان الثقة في الفضاء العام وتزايد الإحساس بالهشاشة والخطر لدى الساكنة.
من زاوية أخرى، يرى التقرير أن واقع الطرق في المنطقة يعتبر مساسا بالحقوق الأساسية للمواطنين، وعلى رأسها الحق في السلامة الجسدية والحق في التنقل الآمن، كما ينص على ذلك الدستور المغربي لسنة 2011، فضلا عن التزامات المملكة في إطار أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدفين 3.6 و11 المرتبطين بالسلامة الطرقية والمجالات الحضرية الآمنة.
أوصى التقرير بعدد من التدخلات الاستراتيجية العاجلة لتحسين الوضع، أبرزها: إعادة تهيئة الطرق الرئيسية والثانوية وفق معايير السلامة المرورية، وإحداث ممرات آمنة للراجلين أمام المدارس والمراكز الصحية، بالإضافة إلى تحسين الإنارة العمومية في الشوارع ذات الكثافة المرورية العالية، وتجديد وإضافة إشارات مرور حديثة، بما فيها الإشارات المضيئة والذكية في النقط السوداء.
وأقر التقرير على ضرورة تنظيم وسائل النقل غير المهيكلة وتكثيف المراقبة الأمنية للحد من الفوضى، وإطلاق حملات تحسيسية تستهدف الأطفال والشباب حول السلامة الطرقية، مع إدماج هذه الثقافة في المناهج التعليمية، زيادة إلى إحداث لجنة محلية للسلامة الطرقية تضم الجماعة والسلطات الأمنية والمجتمع المدني ووكالة NARSA، لتتبع وتنسيق الجهود.
وخلص التقرير إلى أن تأهيل التشوير الطرقي والبنية المرورية في سيدي مومن ليس ترفا عمرانيا، بل ضرورة إنسانية وتنموية، وأن الاستثمار في السلامة الطرقية يعني الاستثمار في الأرواح، وفي التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.