اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
تواصل جهة سوس ماسة تعزيز موقعها ضمن خريطة الاستثمار العمومي الوطني، وفق ما أوضحته المذكرة التقديمية للتوزيع الجهوي للاستثمار المرفقة بمشروع قانون المالية لسنة 2026، إذ حظيت باعتمادات مالية مهمة تشمل قطاعات الماء والتجهيز والتعليم والصحة والثقافة، إلى جانب مشاريع مهيكلة ذات بعد وطني وإقليمي، في إطار التوجه الحكومي الرامي إلى تكريس العدالة المجالية وتحقيق التنمية المندمجة والمتوازنة بين الجهات.
وتأتي هذه الاعتمادات في سياق خاص، بالنظر إلى الخصائص البنيوية والاقتصادية والاجتماعية لجهة سوس ماسة، التي تعد من الجهات الحيوية في النسيج الاقتصادي الوطني، لكنها في الوقت ذاته تواجه تحديات تفرض ضرورة دعمها بمشاريع مهيكلة كبرى.
وتسهم الجهة بما يقارب 6.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام الوطني، محتلة المرتبة السادسة من حيث المساهمة في خلق الثروة، فيما يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة ملايين نسمة، وتمتد على مساحة تناهز 53 ألفا و789 كيلومترا مربعا، أي ما يمثل 7.6 في المائة من التراب الوطني، وهو ما يجعلها جهة ذات امتداد ترابي واسع وتنوع مجالي كبير، يتطلب استثمارات مستدامة لتقليص التفاوتات الداخلية وتكريس العدالة التنموية.
وتتميز البنية الاقتصادية لسوس ماسة بهيمنة قطاع الخدمات بنسبة 64 في المائة من القيمة المضافة الجهوية، بفضل النشاطين السياحي والبحري، تليه الفلاحة والصناعات الغذائية بنسبة 20 في المائة، ثم قطاعا الصناعة والبناء بنسبة 16 في المائة.
غير أن هذه المقومات، رغم أهميتها، ما تزال تعاني من هشاشة في البنيات التحتية وضعف في الولوج إلى الماء والتجهيز والخدمات الاجتماعية في عدد من المناطق القروية والجبلية، وهو ما جعل من تعزيز الاستثمار العمومي ضرورة تنموية ملحة لضمان التوازن المجالي وتحقيق الاندماج الاقتصادي المحلي.
وانطلاقا من هذه المعطيات، أوضح مشروع قانون المالية لسنة 2026 أن جهة سوس ماسة حظيت باعتمادات مالية معتبرة في قطاع الماء، الذي يشكل أحد أعمدة الاستثمار العمومي في الجهة، بهدف تأمين الموارد المائية ومواجهة الإجهاد الذي تعرفه المنطقة.
وشملت هذه المشاريع بناء سد تيمري بسعة 204 ملايين متر مكعب وبكلفة 3.27 مليارات درهم، وتعلية سد المختار السوسي بسعة 280 مليون متر مكعب بكلفة 1.64 مليار درهم، إلى جانب برمجة بناء سدي مساليت وسيدي يعقوب، واستكمال مشروع محطة تحلية مياه البحر بشتوكة آيت باها، الذي يعد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى على المستوى الوطني، بميزانية تفوق 4.4 مليارات درهم.
وفي قطاع التجهيز، أبرزت ذات المذكرة مواصلة تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى الرامية إلى تحسين الربط الطرقي وتعزيز الجاذبية الاقتصادية للجهة، من بينها الطريق الالتفافية الشمالية الشرقية لمدينة أكادير والطريق السريع الحضري، الهادفان إلى تحسين انسيابية حركة النقل وتسهيل الولوج إلى المرافق الاقتصادية والخدماتية، كما تمت برمجة إنجاز المنطقة اللوجستيكية بالقليعة – آيت ملول على مساحة 350 هكتارا، بغلاف مالي قدره 740 مليون درهم، لما لها من دور في تقليص كلفة النقل وتعزيز تنافسية النسيج المقاولاتي.
أما في قطاع النقل الجوي، فقد تمت برمجة مشروع إعادة تهيئة مطار أكادير المسيرة الدولي، بكلفة استثمارية تناهز 2.5 مليار درهم، بهدف رفع الطاقة الاستيعابية إلى سبعة ملايين مسافر سنويا، وخلق ما يزيد عن ثلاثة آلاف منصب شغل مباشر وغير مباشر، مما يجعله رافعة أساسية لدعم النشاط السياحي وتعزيز موقع أكادير كبوابة رئيسية نحو الجنوب المغربي.
وفي المجال الاجتماعي، خصصت المذكرة حيزا مهما للاستثمار في قطاعات التعليم والصحة، استجابة للحاجيات المتزايدة في هذين القطاعين الحيويين، إذ تمت برمجة بناء 14 مؤسسة تعليمية جديدة تشمل المدارس الابتدائية والإعداديات والثانويات، إلى جانب توسيع وتأهيل عدد من الفصول الدراسية في إطار تحسين ظروف التمدرس وجودة العرض التربوي.
وفي قطاع الصحة، تمت برمجة بناء مستشفى إقليمي جديد بمدينة تارودانت بطاقة استيعابية تبلغ 250 سريرا، ومستشفى محلي بآيت ملول بطاقة 150 سريرا، إلى جانب مشاريع لتوسعة وتجهيز المراكز الصحية، بغلاف إجمالي يفوق 1.3 مليار درهم.
كما شمل برنامج الاستثمار العمومي مشاريع ذات بعد ثقافي وتراثي، أبرزها مشروع ترميم وتثمين قصبة أكادير أوفلا بغلاف مالي قدره 120 مليون درهم، ومشروع تهيئة المدينة العتيقة لتارودانت في إطار برنامج التأهيل الحضري، الذي خصص له غلاف مالي ناهز 166.7 مليون درهم، بهدف تعزيز الجاذبية الثقافية والسياحية للجهة.
وفي سياق متصل، تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026 برمجة اعتمادات مهمة لتأهيل الملعب الكبير لأكادير، استعدادا لاستضافة نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، حيث رصدت لهذه العملية ميزانية إجمالية قدرها 2.44 مليار درهم، مما يجعل من هذا المشروع أحد أبرز الاستثمارات الوطنية في مجال البنيات التحتية الرياضية.
ويؤكد مضمون المذكرة أن جهة سوس ماسة تواصل الاستفادة من دينامية الاستثمار العمومي الهادفة إلى تقليص الفوارق المجالية، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وخلق فرص الشغل، وتعزيز البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تحقيق العدالة الترابية والتنمية الجهوية المتوازنة والمستدامة.