اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٩ نيسان ٢٠٢٥
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، كمال الهشومي، إن المبادرة الملكية الأطلسية تجسد فعلا جيواستراتيجيا لإعادة تموضع منطقة الساحل في الفضاء الأطلسي، كما تمثل فعلا سياديا لمغربة الأطلسي الإفريقي، عبر هندسة جديدة لديناميات القوة والاستقرار في القارة.
وشدد الهشومي على أن المبادرة الملكية الأطلسية تحمل رسالة واضحة للعالم مفادها أن المغرب لا يسعى وراء سباق النفوذ التقليدي، بل يؤسس لنموذج استراتيجي متجدد قوامه: 'مغرب المستقبل هو مغرب الأطلسي، ومغرب الأطلسي هو قاطرة إفريقيا الصاعدة.'
جاء ذلك في مداخلة الهشومي ضمن المحور الجيوسياسي من فعاليات المؤتمر الدولي الأول لمنتدى التحليل الاستراتيجي لشؤون الأطلسي والساحل الذي تحتضنه مدن العيون والسمارة وبوجدور أيام 28 و29 و30 أبريل 2025، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء في الشؤون الجيوسياسية والاستراتيجية.
وأبرز المتحدث أن المبادرة الملكية الأطلسية لا تقرأ كمشروع إنمائي ظرفي، بل كمشروع دولة ذات إرادة وسيادة تعيد صياغة مستقبلها ومحيطها الجغرافي، من خلال الانتقال من 'ساحل معزول' إلى 'أطلسي مفتوح'، ومن 'هشاشة مستوردة' إلى 'مناعة منتجة'.
وسلط الهشومي الضوء على أبعاد المبادرة، مشددا على أنها 'استراتيجية ربط جيواقتصادي وجيوبوليتيكي' تهدف إلى تحرير دول الساحل من العزلة الجغرافية، وتفكيك الارتباطات العمودية الكولونيالية التقليدية مع شمال المتوسط، مقابل بناء شبكات أفقية جديدة داخل المجال الأطلسي الإفريقي، واصفا المبادرة بأنها فعل سيادي يؤسس لما سماه 'مغربة الأطلسي الإفريقي'، أي appropriation marocaine de l’espace atlantique africain.
وعلى صعيد الأمن والاستقرار، أشار الهشومي إلى أن المبادرة تتجاوز الطابع العسكري التقليدي، لتطرح مقاربة للاستقرار البنيوي عبر 3 ركائز رئيسية: التنمية الاقتصادية من خلال فتح منفذ أطلسي يندمج في الأسواق العالمية (السمارة)، والهندسة الروحية والثقافية عبر إمارة المؤمنين (بوجدور)، إضافة إلى مقاربة أمنية وقائية تستبق مسارات التطرف والفوضى.
وفي محور استشراف التحولات الكبرى، أبرز الهشومي أن المبادرة الملكية تفتح الطريق أمام بناء محور مغربي-ساحلي-أطلسي قوي، قادر على مواجهة تغلغل القوى الدولية (الصين، روسيا، تركيا)، وتحويل الأطلسي الإفريقي إلى واجهة صاعدة في التوازنات الدولية للطاقة والموارد الطبيعية.
واعتبر أن المبادرة تضع المغرب في موقع 'الفاعل الوسيط الاستراتيجي' بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية عبر الأطلسي، وتنتقل به من دولة تطل على الأطلسي إلى دولة تصنع معادلاته الاستراتيجية.
وعن التحديات، أشار الهشومي إلى هشاشة بعض الدول الساحلية أمام الانقلابات والمليشيات، إضافة إلى شراسة التنافس الدولي، مبرزا أن المبادرة تحمل أيضا فرصا كبيرة لبناء مجال أطلسي إفريقي مشترك يقوم على المصالح المتبادلة.