اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٤ أيار ٢٠٢٥
نبه نواب برلمانيون إلى التحديات التي تواجه تطبيق مشروع 'مدارس الريادة'، مشيرين إلى أن الأرقام المقدمة حول المؤسسات المشمولة بالمشروع (2626 مؤسسة من أصل 12198) تعني أن عددا كبيرا من المؤسسات لم يشملها المشروع بعد، وذلك في وقت وصفه بـ'المنعرج الأخير للولاية الحالية'.
وتساءل النائب البرلماني عن فريق التقدم والاشتراكية، حسن أومريبط خلال جلسة للجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بحضور وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة.عن مستقبل المشروع في ظل هذه الوتيرة، معتبرا أن 'الريادة' قد تكون مفيدة للتلاميذ ذوي المستوى الضعيف والمتوسط، لكنه أشار إلى أنها قد لا تناسب وتيرة تقدم التلاميذ المتفوقين.
كما أشار النائب البرلماني إلى تأخر إنجاز البرنامج الدراسي في عدد من مؤسسات 'الريادة'، التي قال إن غالبيتها لم تتجاوز الوحدة الثالثة أو الرابعة على بعد شهر من نهاية الموسم الدراسي. وأرجع ذلك إلى التركيز على التقويمات والروائز، مما قد يؤثر على 'الفعل التعليمي'. وتطرق أيضا إلى نقص التجهيزات وتأخر وصول العدة البيداغوجية أو وصولها منقوصة، بالإضافة إلى محدودية هامش الإبداع المتاح للأساتذة المنخرطين في 'الريادة' الذين يتبعون برنامجا محددا مركزيا.
وفي سياق 'الريادة' أيضا، أثار أومريبط مسألة ما وصفه بـ'التفاوت' في التعويضات، حيث يستفيد بعض العاملين في مؤسسات الريادة من تعويضات، بينما لا يستفيد منها آخرون ضمن نفس الفريق، كالمختصين التربويين والاجتماعيين والمساعدين التربويين. وتناول كذلك إشكالية تدريس اللغة الأمازيغية في إطار 'الريادة'، حيث يجد أساتذة هذه المادة أنفسهم أحيانا دون مهام واضحة، إلى جانب الصعوبات المتعلقة بطريقة احتساب المعدلات، والتي أثارت تساؤلات لدى مختلف الفاعلين.
وفيما يتعلق بالإدارة التربوية، أشار أومريبط إلى الوقفة الاحتجاجية التي يعتزم تنظيمها مديرون وحراس عامون ومتصرفون، للمطالبة بتحسين أوضاعهم. وذكر بملف 'الإسناديين' الذين ينتظرون تسوية وضعيتهم المالية، وطالب بالنظر في التعويض التكميلي للمتصرف التربوي. كما لفت الانتباه إلى تأخر صرف تعويضات الامتحانات الإشهادية للمتصرفين التربويين.
وتطرق أومريبط إلى ملف فئة 'المتصرفين' (الأطر المشتركة)، مشيرا إلى أنهم اجتازوا امتحانات وتابعوا تكوينا، ويمارسون مهام أساسية في الوزارة والمديريات والأكاديميات، وأن ملفهم لم يجد تسوية بعد رغم اتفاق سابق في إطار الحوار القطاعي، داعيا إلى إيجاد حل لهذه الفئة التي يقدر عددها بحوالي 3000 إطار. وبالمثل، دعا إلى إنصاف 'ملحقي الإدارة والاقتصاد' و'المختصين' العاملين في المديريات والأكاديميات والوزارة، من حيث التعويضات مقارنة بزملائهم في المؤسسات التعليمية.
وفيما يخص ملف 'توقيت عمل أساتذة التعليم الابتدائي'، ذكّر أومريبط بتصريحات سابقة حول إحالة الملف على لجنة المناهج والحياة المدرسية، مع وعود بمعالجة 'تقليصات' ساعات عملهم في شتنبر الماضي، وهو ما لم يتم حتى الآن. وطالب الوزير برادة ببذل مجهود لمعالجة هذا الملف. وبشأن 'المادة 81″، حث النائب على إيجاد حل نهائي لهذا الملف وتفعيل 'التأويل الإيجابي' الذي أعلنت عنه الوزارة سابقا.
كما تناول أومريبط قضية 'المعفيين من التدريس' لأسباب صحية، حيث أشار إلى أن بعضهم يُكلف بساعات عمل إدارية تفوق ساعات عملهم الأصلية في التدريس، داعيا إلى إعادة النظر في هذا التوقيت. وانتقد أيضا ما وصفه بإلزامية 'الفحص المضاد' للشواهد الطبية في بعض الحالات، مقترحا ترك تقدير الأمر لمدير المؤسسة. كما تساءل عن الإجراءات المتعلقة بمنصب 'الكتابة العامة' بالوزارة الذي لم يُعلن عن التباري بشأنه منذ شهرين، وعن استمرار 'التمديدات' لعدد من المسؤولين المركزيين، متسائلا عن مدى توافق ذلك مع مبادئ الحكامة وتعزيز الكفاءات.
من جانبها، انتقدت النائبة فدوى محسن الحياني، باسم الفريق الحركي، برنامج 'مدارس الريادة'، الذي تعتبره الحكومة أحد أبرز ركائز خارطة الطريق 2022-2026.
وأعربت الحياني في مداخلة لها أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بالبرلمان عن قلقها من أن يكون المشروع 'غير واضح المعالم' ويطرح 'تساؤلات كبيرة' حول مصير المدرسة العمومية ومستقبل التعليم في المغرب، محذرة من 'إعادة إنتاج مشاريع تجريبية لا تحظى بالاستدامة'.
وشككت الحياني في مدى واقعية مشروع 'مدارس الريادة' وجدوى تعميمه المتسارع هذا الموسم ليشمل أكثر من 2000 مؤسسة، بما في ذلك السلك الإعدادي، دون إجراء 'تقييم علمي، ميداني، وموضوعي' للمرحلة التجريبية الأولية التي شملت 652 مؤسسة ابتدائية. وتساءلت عما إذا كانت الوزارة تتوفر على المعطيات الكافية لضمان نجاح هذا التوسع.
واستندت البرلمانية ذاتها في تساؤلاتها إلى التقرير الأخير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (نهاية 2024)، الذي رغم إشارته إلى نسبة تطابق مشجعة للمؤسسات مع المعايير (79%)، إلا أنه سجل 'تحديات هيكلية' تهدد استمرارية المشروع، أبرزها هشاشة البنية التحتية، ضعف التمويل، غياب الانخراط الفعلي للفاعلين التربويين، ومحدودية الأثر في الأقسام المشتركة والمناطق النائية.
وانتقدت المتحدثة الفجوة بين 'الشعارات الكبرى' للمشروع والواقع الميداني، متسائلة: 'عن أي ريادة نتحدث، ومئات المؤسسات القروية ما زالت تفتقر للكهرباء، والإنترنت، والماء الصالح للشرب؟' وعن أي 'تحول رقمي' والأساتذة لم يتلقوا التكوين اللازم؟ معبرة عن خشيتها من أن يتحول 'مدارس الريادة' إلى 'مشروع للنخبة'، يُعمق الفوارق بين مدرسة حضرية مجهزة ومدرسة قروية 'تُركت لمصيرها'.
كما شددت الحياني على أن إغفال الحاجيات الأساسية للأستاذ، من تكوين مستمر وظروف عمل ملائمة، خاصة في الأقسام متعددة المستويات والمناطق النائية، وكذلك تجاهل وضعية أساتذة اللغة الأمازيغية، يقوض أي محاولة إصلاح حقيقية، مؤكدة أن التركيز المفرط على الوسائل التكنولوجية لا يكفي.
ولم تسلم الهيكلة الإدارية الجديدة للوزارة من نقد النائبة، التي اعتبرتها 'ناقصة ومحدودة الأثر' بسبب شغور مناصب مركزية حساسة، غياب خطة واضحة لتوزيع المسؤوليات، و'تنقيلات وإعفاءات إدارية غامضة' على المستوى الإقليمي.
ولتجاوز هذه الإشكاليات وضمان نجاح الإصلاح، قدمت النائبة الحياني، مجموعة من المقترحات، أهمها: إجراء تقييم شامل ومستقل للمرحلة التجريبية قبل مواصلة التعميم، ضمان العدالة المجالية في توزيع الموارد والبنيات التحتية خاصة بالمناطق القروية والجبلية، إدماج العنصر البشري في صلب الإصلاح عبر تحسين وضعية الأستاذ وتوفير التكوين والمواكبة.
كما دعت إلى مراجعة المناهج بما يواكب التحول الرقمي ويحافظ على الهوية الوطنية، وتخصيص نسبة واضحة من ميزانية 'مدارس الريادة' لتطوير التعليم القروي، فضلا عن إشراك أولياء الأمور والمجتمع المدني في التقييم والتتبع، وضمان تقييم دوري مستقل لمؤشرات تقدم المشروع ونشر نتائجه بشفافية، وتعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين وتفعيل اللجنة الوطنية لتتبع إصلاح التعليم.
وختمت النائبة فدوى محسن الحياني مداخلتها بالتأكيد على أن 'الإصلاح الحقيقي لا يتم عبر المشاريع التقنية فقط، بل عبر تغيير جذري في الفلسفة التربوية يقوم على المساواة، والهوية، والجودة، والابتكار، والشراكة المجتمعية'، مشددة على أن المدرسة المغربية تحتاج إلى 'عدالة في التوزيع، واستدامة في التفعيل، وثقة في الكفاءات الوطنية' أكثر من حاجتها إلى 'ريادة في الشعارات'.