اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٤ أيار ٢٠٢٥
تسببت عاصفة رعدية قوية، مرفوقة بحبات برد كثيفة، في خسائر فادحة بعدد من حقول البطيخ الأحمر بحوض الفايجة، التابع لجماعة ترناتة بإقليم زاكورة، وذلك بداية ماي الجاري، حيث أتت السيول الطوفانية على أجزاء واسعة من المحاصيل، في وقت لا يزال فيه موسم الجني في بدايته، مما زاد من حجم الأضرار التي لحقت بالفلاحين المحليين.
وتسبّبت مياه الأمطار الغزيرة في جرف كميات كبيرة من ثمار 'الدلاح' بنوعيه، فيما أحدثت حبات البرد ثقوباً بالغة في المحاصيل، أفقدتها جودتها وقيمتها التجارية، الأمر الذي يُنذر بأزمة اقتصادية حادة في هذه المنطقة المعروفة بإنتاجها الواسع لهذه الفاكهة الصيفية.
ويُطرح في هذا السياق سؤال ملح حول مدى إمكانية استفادة الفلاحين المتضررين من صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، بإعتباره ٱلية للتعويض والدعم، خاصة وأن الخسائر المسجلة تتعلق بعنصر مناخي فجائي ألحق أضراراً مباشرة بالمحاصيل الفلاحية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير والمحلل الإقتصادي ورئيس مركز الاستشراف الإقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري،إن 'صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية يعتمد على مجموعة من المعايير التقنية والتنظيمية لتحديد الفلاحين المؤهلين للاستفادة من التعويضات”، مؤكداً أن “المنطقة المتضررة يجب أن يتم تصنيفها رسميا كمنطقة منكوبة بقرار من السلطات المعنية بعد عملية تقييم ميدانية تقوم بها لجان مختصة'.
وأوضح الغنبوري في تصريح لجريدة 'العمق'، أن 'الأضرار يشترطُ أن تكون ناتجة عن كارثة طبيعية معترف بها مثل السيول أو الفيضانات، وأن تتوفر لدى الفلاح أدلة مادية توثق حجم الخسائر، سواء في المزروعات أو في البنية التحتية الفلاحية كالسواقي والأحواض، إضافة إلى إشتراط دخول النشاط الفلاحي المتضرر ضمن الأنشطة المؤهلة للاستفادة من دعم الصندوق'.
وأبرز الخبير والمحلل الاقتصادي، أن 'الفلاح المتضرر يجب عليه التوفر على وثائق قانونية تثبت استغلاله للأرض المعنية، سواء عن طريق الملكية أو الكراء أو التعاقد، وبهذا يتم الحرص على أن تصل التعويضات إلى الفلاحين الفعليين المتضررين، مع مراعاة العدالة المجالية والإنصاف بين الجهات، وتؤخذ بعين الاعتبار طبيعة المحاصيل، ومدى انتشار الضرر، ونسبة الخسارة مقارنة بالإنتاج المتوقع'.
وأضاف المتحدث ذاته، أن'الإجراءات المعتمدة لتقديم طلب التعويض ليست معقدة، لكنها تتطلب إلتزاما بالوثائق الضرورية، حيث يطلب من الفلاح المتضرر أن يودع طلبا خطيا لدى السلطة المحلية أو لدى المديرية الإقليمية للفلاحة مرفقا بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية، وشهادة تثبت استغلاله للأرض مثل عقد كراء أو شهادة إدارية مسلمة من الجماعة أو من ممثل السلطة المحلية، إضافة إلى صور أو وثائق تثبت الضرر الحاصل في الضيعة أو المحاصيل”.
ولفت إلى أنه 'قد يطلب في بعض الحالات تقرير تقني من طرف مصالح الفلاحة أو مكتب الاستشارة الفلاحية يوضح طبيعة الأضرار وحجمها، وتتكلف لجنة محلية تضم ممثلين عن الفلاحة والداخلية والسلطة المحلية بمعاينة الأضرار ميدانيا وتحرير محضر بذلك'.
وسجل رئيس مركز الإستشراف الاقتصادي والاجتماعي، أن 'الملفات ترفع بعد ذلك إلى اللجنة الجهوية ثم إلى اللجنة الوطنية لتحديد لوائح المستفيدين وقيمة التعويضات، ولهذا من الضروري أن يتحلى الفلاحون باليقظة ويقوموا بتوثيق الأضرار فور وقوعها، كما ينصح بالتنسيق المبكر مع التعاونيات المحلية أو الغرف الفلاحية لتسهيل مسار معالجة الملفات'.
وشدّد الغنبوري على كون 'التأمين الفلاحي لا يعتبر شرطا أساسيا للاستفادة من تعويضات صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، بحيث أن الفلاحين المؤمنين ضد المخاطر المناخية يستفيدون من تعويضاتهم عبر قنوات التأمين مثل شركة مامدا بمجرد تقديم طلب مرفق بمحضر المعاينة.
وتابع أن 'الفلاحين غير المؤمنين يمكنهم أيضا الاستفادة من تدخلات صندوق مكافحة الكوارث الطبيعية بشرط أن تكون المنطقة المعنية قد صنفت رسميا ضمن المناطق المتضررة وأن يثبت المتضرر حجم الخسائر”.
وأكدّ الغنبوري أنه “بالرغم من كون الصندوق المذكور لا يقصي غير المؤمنين، إلا أن التأمين يظل وسيلة وقائية أساسية تسهل وتسرع عملية التعويض، بينما تخضع ملفات غير المؤمنين لمساطر إدارية وتقييمات ميدانية أكثر تفصيلا، الهدف من ذلك هو التحقق من الأضرار وضمان توجيه الدعم لمستحقيه”.
وخلص المصدر ذاته إلى أن “هناك توجها من السلطات الوصية على القطاع نحو تشجيع الفلاحين على الإنخراط في التأمين الفلاحي لتقوية قدراتهم على الصمود في وجه التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، خاصة في المناطق الهشة مثل إقليم زاكورة”.