اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
'بكيت بعدما تلقيت أخباراً سيئة من المنزل، وغادرت العمل على الفور'، هكذا تروي كلارا - البالغة من العمر 48 عاماً من لانكستر - تجربتها حين شعرت بالضغط أثناء وجودها في وظيفتها.
تذكر كلارا أنها كانت عاطفية في شبابها حين تخرجت وتعرضت لـ'انتقادات لاذعة'، ثُمّ بعد سنوات حين 'شعرت بالإحباط'.
لكن هل البكاء يظهر ضعف الموظف أم قوته، أو أنه ببساطة يتعلق بمشاعر الشخص؟
الأكيد أنه من غير المرجح أن يحرّك مشهدُ معظمِنا ونحن نبكي في مكان العمل، الأسواقَ المالية، كما حدث عندما بكت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، في البرلمان..
إذ تصدرت صور ريفز، الصفحات الأولى للصحف ونشرات الأخبار على التلفزيون، بعد ظهورها وهي تبكي خلال جلسة مساءلة لرئيس الوزراء الأسبوع الماضي.
وأثارت ملامحها العاطفية قلق الأسواق إلى درجة أن تكلفة اقتراض الحكومة ارتفعت فوراً، وانخفضت قيمة الجنيه الاسترليني بشكل ملحوظ.
لكن هل يهم إذا بكيت فعلاً؟
بحسب روايات لأشخاص تحدثت إليهم بي بي سي، من المعتاد أن يبكي البعض في مكان العمل.
لكن في حين قالت كلارا، إنها انفعلت عاطفياً وبكت عندما كانت خريجة، وبعد ذلك بسنوات، وحين تلقت 'أخباراً سيئة' وغادرت عملها - شعرت إيما أنها مضطرة لكبت مشاعرها لأنها تعمل في 'بيئة عمل صعبة وذكورية'، مشيرة إلى أنها لطالما كانت تلوم نفسها بشدة، بسبب إظهار 'مشاعرها أو ضعفها'.
وعلى الرغم من أن الأبحاث تشير إلى أن النساء أكثر عرضة للبكاء مقارنة بالرجال، إلا أن العديد من الرجال أكدوا لنا أنهم بكوا أيضاً أمام زملائهم.
يقول الطبيب، جاي كلايتون، إنه بكى أكثر من مرة 'مع مرضى وزملاء وعائلات على مر السنين، عندما شاركهم حزنهم'.
في حين، قال رجل من لندن يبلغ 38 عاماً، يعمل في مجال التمويل، إنه أصبح عاطفياً في العمل أثناء تعامله مع مشاكل شخصية، وشعر أن ذلك يُظهر 'مهنية' لكونه ما زال في عمله.
هل البكاء مفيد أم مضر لصحتك النفسية؟
فهل البكاء قوة أم ضعف؟ تقول، شيرين هوبان، المدربة ومرشدة النجاح، 'اعتبار البكاء في العمل أمراً غير مقبول، هو أسلوب قديم'.
وتضيف: 'لقد تجاوزنا الفكرة القديمة التي تربط الاحترافية في العمل بترك المشاعر خارجه. في عالم اليوم، الذكاء العاطفي يُعدّ قوة، لا ضعفاً'.
وتشرح مدربة التطوير الوظيفي، جورجيا بلاكبيرن، أنه 'ليس غريباً أن يشعر الموظفون بالضيق أثناء العمل، لذا على الشركات أن تتعلم كيفية التعامل مع الموظفين الذين يمرّون بظروف صعبة ودعمهم'، موضحة أن ذلك 'سيؤدي إلى زيادة إنتاجية الموظفين'.
وتضيف بلاكبيرن أن 'صاحب العمل الذي يستمع لموظفيه بصدق، ويظهر لهم التعاطف والتفهم، يكون أكثر قدرة على تحفيزهم وجعلهم أكثر سعادة على المدى الطويل'.
وهذا ما حدث مع أماندا في ستوكبورت، التي اتصلت ببرنامج جيريمي فاين على إذاعة بي بي سي 2.
تقول أماندا إنها بكت أثناء مقابلة عمل في جامعة مانشستر قبل 17 عاماً، بعد تشخيص إصابة والدها بمرض عضال، ورغم ذلك حصلت على الوظيفة التي ما زالت مستمرة فيها حتى الآن.
وتوضح أماندا: 'كنت أبكي يومياً لمدة تسعة أشهر تقريباً حتى توفي والدي. هذا جعلني أدرك كم هو رائع مديري في العمل، وكم هو مدهش مكان عملي، حيث كان ذلك مقبولاً'.
عندما تكون بيئة العمل أشبه بالجحيم
كانت مصممة الأزياء، إيمي باوني، تمر بفترة قاسية نهاية العام الماضي، حين واجهت فترة 'شديدة الصعوبة' عندما تركت وظيفتها، وتزامن ذلك مع أحداث مؤلمة في حياتها الشخصية.
إيمي التي أسست علامة الأزياء المستدامة 'أكين' في وقت سابق من هذا العام، شعرت أيضاً بضغط لكي تصبح 'نموذجاً مثالياً' للموضة الأخلاقية.
وقالت إيمي لبرنامج 'وومانز آور' على إذاعة بي بي سي 4: 'كانت قائمة مهامي وقتها: إطعام الأطفال، إحضارهم من المدرسة، ترتيب أمر الحضانة، تصميم مجموعتي القادمة، الاطمئنان على الموظفين، تسوية إقرار الضريبة ... ثم إنقاذ العالم'.
وتضيف: 'مررت بفترة لم أستطع فيها التوقف عن البكاء، وكنت أبكي في أماكن عامة، وأثناء وجودي على المسرح'.
وترى إيمي أن إظهار المشاعر في العمل أصبح أمراً 'شيطانياً' ولا تشعر بأي ندم لكونها انهارت عاطفياً، مضيفة أنه 'يجب أن نعيد البكاء والعواطف'.
وقالت إنه 'يجب أن تتمتع النساء في المناصب القيادية بحرّية إظهار مشاعرهن. أرى ذلك قوة خارقة، بل وأعتبره مصدر قوة حقيقية'.
لكنّ ليس الجميع يتّفقون مع هذا الرأي، فلا يزال بعض الناس يُبدون قدراً من النقد، كما تقول، آن فرانك، المديرة التنفيذية لمعهد الإدارة المعتمد (CMI).
وتقول إن النساء اللاتي يبكين يُنظر إليهن على أنهن 'عاطفيات للغاية'، في حين يمكن أن يتعرض الرجال الذين يُظهرون الحزن للحرج، لكونهم عاطفيين وضعفاء.
وتُضيف أن الموظفين المبتدئين يمكن أن يُسمح لهم بالبكاء أكثر من رؤسائهم، لكن هذا لا ينبغي أن يكون هو الواقع بالضرورة.
وتشرح فرانك أن 'بكاء مسؤول كبير قد يُنظر إليه على أنه صادم أو حتى غير لائق، لكن عندما يتم التعبير عنه بصدق، يمكن أن يكون مؤثراً، فهو يُظهر أن المسؤولين بشر يهتمون بما يقومون به بعمق'.
لكن إذا كنت تطمح للصعود في السلم الوظيفي، فمن الحكمة أن تتحلى بالصلابة - على الأقل في بعض المؤسسات - كما تشير المدربة شيرين هوبان.
وترى أن البكاء قد يؤثر على فرص ترقيتك، وتوضح: 'لنكن صادقين. لا يزال هناك تحيُّز في بعض أماكن العمل التي ترى أن التماسك قوة، والعاطفة عدم استقرار'.
غير أن هوبان تقول إن بعض المؤسسات تنظر إلى الأمور بشكل مختلف، وتقدّر القادة 'الحقيقيين، والواعين لذاتهم، والقادرين على التعامل مع التعقيد، بما في ذلك مشاعرهم الخاصة'.
وتضيف أنه إذا انهرت عاطفياً مرة واحدة في العمل فإن ذلك 'لن يدمر مسيرتك المهنية'، وأن ما يهم أكثر هو الصورة الأكبر، 'أداؤك، حضورك، وقدرتك على النهوض من جديد أو المضي قدماً بتركيز'.