اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٥ حزيران ٢٠٢٥
يشكو عدد من المواطنين المغاربة، منذ أيام، من أعراض صحية غامضة تشمل القيء، الإسهال، والعياء الحاد، دون معرفة واضحة للأسباب. وبينما يعزو البعض هذه الأعراض إلى تسمم غذائي، يرجح آخرون فرضية انتشار متحور جديد من فيروس كورونا.
اللافت أن من يرجحون فرضية التسمم، يربطون الأعراض باستهلاك فواكه صيفية كالشمام والدلاح والتين، أو بتناول لحوم الدجاج، خاصة التي تباع في الأسواق الشعبية أو لدى الباعة المتجولين.
وفي ظل صمت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وغياب أي بلاغ رسمي يوضح طبيعة هذه الحالات، تتعالى أصوات مطالبة بالكشف عن حقيقة ما يجري، وتحميل الجهات المختصة مسؤولياتها في المراقبة الصحية للمواد الغذائية المعروضة في الأسواق.
وفي هذا السياق، قال الدكتور بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لجريدة 'العمق'، إن 'المراقبة الصحية للمنتوجات الغذائية تختلف حسب النوع'، مبرزا أن هناك منتوجات من أصل نباتي، وأخرى من أصل حيواني، ولكل منها إشكالاته الخاصة.
وأوضح الخراطي أن 'المنتوجات ذات الأصل الحيواني، خاصة الطازجة غير المعلبة والتي لا تحمل لاصقة، أي بدون وسائل التتبع، لا تخضع للمراقبة، طبقا للمادة 16 من القانون 13.83 المتعلق بزجر الغش، أما المنتوجات التي تباع على أرصفة الشوارع، مثل الخضر والفواكه، فهي بدورها لا تخضع لأي مراقبة، لأن القانون لا ينص على ذلك'.
وأكد المتحدث أن '92% من الدواجن المنتجة في المغرب لا تمر عبر المجازر العصرية، وبالتالي لا تخضع لأي مراقبة صحية، فيما 8% فقط تمر عبر وحدات مخصصة للتغذية الجماعية'، وهو ما اعتبره الخراطي حيفا في حق المستهلك، لأن غالبية حالات التسمم يكون سببها الدجاج.
أما بخصوص الأسماك، فأشار الخراطي إلى أن 'المراقبة تنحصر فقط في سوق الجملة، فيما تغيب الرقابة تماما بعد ذلك، سواء أثناء النقل أو العرض أو التوزيع، وهو ما يعني أن سلسلة التسويق خارج أسواق الجملة لا تخضع لأي تتبع صحي حقيقي'.
واعتبر الخراطي أن 'المراقبة الصحية للمواد الغذائية وصلت إلى الحضيض، بسبب تدخل عدة مؤسسات وغياب التنسيق بينها، مما يترك المستهلك عرضة لمخاطر صحية جسيمة'.
وسجل الخراطي أن 'المادة 5 من المرسوم التطبيقي للقانون 27.08 المتعلق بسلامة المنتجات الغذائية تخول الصلاحية في الترخيص للمكاتب الصحية، لكنها غير مفعلة عمليا لأنها تابعة للجماعات، ولا وجود لها كمؤسسات مستقلة فاعلة'.
وأضاف الخراطي: 'بطبيعة الحال، فإن الأطر التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لا تشارك في عملية المراقبة، لأن المؤسسة نفسها لا تملك صلاحية الترخيص لتلك الوحدات، ولا يمكن لأي جهة أن تراقب ما لم ترخصه، وهنا يتضح أن القانون غير محترم، وأن الضحية في نهاية المطاف هو المستهلك'.
وخلص رئيس جامعة حقوق المستهلك إلى القول: 'كما يقال في المثل المغربي: الوجه المشروك ما كيتغسلش'، في إشارة إلى غياب التنسيق بين المتدخلين، قبل أن يجدد دعوته إلى إنشاء مؤسسة مستقلة تعنى بالمستهلك وتتكفل بالمراقبة والتوجيه، بدل ترك صحة المواطنين رهينة لفراغ قانوني وتشريعي وتنظيمي مقلق.