اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٨ حزيران ٢٠٢٥
شدد مدير نشر جريدة 'العمق المغربي'، محمد لغروس، على أن'الصحافة ليست ترفا' وأن تجربة التنظيم الذاتي للمهنة لا يمكن أن تنجح دون 'بروفايلات مصلحة'، وفق تعبيره، داعيا لضبط الآليات الانتخابية في الهيئات الصحافية لإفراز قيادة مهنية لها غيرة على المجال.
جاء ذلك في كلمة للغروس خلال ندوة نقاشية من تنظيم المنتدى المغربي للصحافيين الشباب بمناسبة إصدار الدراسة الجديدة 'التنظيم الذاتي بين رهان تعزيز حرية الصحافة وتحدي النهوض بأخلاقيات المهنة.
وقال بهذا الخصوص: 'نحن بحاجة إلى صحافيين مهنيين وإلى بيئة واعية بأن الصحافة ليست ترفًا وليست مصدر إزعاج، بل هي مكون لا غنى عنه في بناء المجتمعات الديمقراطية، وهذا ما يؤكده التاريخ والتنظير والفلاسفة والدساتير، وحتى الرسالة الملكية لعام 2002 التي أكدت أنه لا يمكن تصور بناء مجتمع بدون صحافة حرة ومسؤولة'.
وأضاف: 'إذا لم يكن هذا الوعي حاضرا ومرتفع المنسوب لدى المسؤولين والفاعلين والمجتمع، وخاصة لدى المهنيين أنفسهم، فأعتقد أننا سنظل نواجه إشكالية، هذه الأوراق والكتب ستظل تديننا وتشهد على واقع مزور ومفارق لكل ما هو مسطور. ولكم أن تتأملوا اليوم جزءًا من حالة الفوضى المتمثلة في الانتهاك الممنهج لأخلاقيات الصحافة وتشعر أن بعض الكيانات تبحث كل صباح عن كيفية الخرق'.
وأكد لغروس أن 'الإرادة الحقيقية في عدم التنازل عن شرف المهنة والسير فيها بمبادئها، تحتاج اليوم إلى نموذج يُحتذى به'، معتبرا أن 'الفكرة الأساسية هي أن الإنسان إن لم يكن مصلحًا، فلا يمكنه أن ينفذ الإصلاح'.
وأضاف مستنكرا: 'إذا كان اختصاص شخص ما هو الالتفاف على الإصلاح والاحتيال، فكيف يمكنه أن يقوم بالإصلاح؟'، معتبرا أن 'الرهان على الضمير الجمعي والمهني بشكل عام لم يعد كافيًا، كما أصبحت الأهداف والمصالح وتحديد التركيبات تُقرر أولًا، وفق تعبيره، ثم يُبحث لها عن قانون يشرعنها'.
وزد: 'لم نعد في دينامية نقاش وتقييمات تفضي إلى خلاصات وتوصيات تُبنى عليها مسودات القوانين، لذلك الحديث عن السلطة المشتركةسيؤدي إلى نتائج عكسية، يجب أن يكون هناك تنظيم ذاتي حقيقي. الدستور واضح: 'تدعم السلطات وتساهم'. وفي هذه التجربة بالذات، أقول اليوم إنه
ودعا لغروس 'السلطة التنفيذية أن تأخذ المسافة الكاملة عن عملية التنظيم الذاتي، وقال بهذا الخصوص: 'هل يُعقل أن تُسلب منا حتى القدرة على تحديد من يمثلنا، سواء في هيئة الناشرين أو الصحافيين أو غيرها من مكونات المجلس؟، إننا اليوم بحاجة إلى عملية ديمقراطية مُحكمة ومُقفلة الشكليات، لا تترك أي مجال للتأويل'.
وذكر مدير نشر جريدة 'العمق المغربي' بأن 'المجلس الوطني للصحافة تحدث أكثر من مرة عن تزوير في الوثائق من طرف مؤسسات وفي الشواهد والدبلومات، مضيفا: 'عندما تسأل عن سبب عدم الإحالة على النيابة العامة، تُعطى تبريرات واهية'.
وشدد لغروس على ضرورة ضبط الآليات الانتخابية في الهيئات المهنية، مقرا 'بأننا نواجه إشكالية حقيقية تتعلق باختيار قيادة مهنية ديمقراطية على أساس الاختيار الرابع للمملكة وهو الاختيار الديمقراطي مع وجود إشكالية، وفق تعبيره، على مستوى مواصفات وملامح الشخصيات الإصلاحية التي ستشرف على هذا الإصلاح أو ستُنزّله على أرض الواقع'.
وأضاف: 'لا نزال غير قادرين على ضبط الانتخابات كآلية أساسية، نحن اليوم بحاجة إلى ضبط أبجديات الديمقراطية والشكليات التفصيلية والمملة من أجل إفراز هذه القيادة المهنية، أما الحديث عن التعيين والامتداد، فنحن جد بعيدين في ظل هذه البيئة'.
دراسة للتنظيم الذاتي
وجاءت هذه الندوة في إطار تقديم مضامين ومخرجات هذه الدراسة المرجعية ومناقشتها بين الزملاء والفاعلين، والتي تمثل ثمرة مسار تشاوري ومقاربة تحليلية نقدية لتجربة التنظيم الذاتي للصحافة بالمغرب، في ظل التحولات الرقمية والتحديات الأخلاقية الراهنة.
واعتمدت الدراسة على مقاربة مزدوجة جمعت بين تحليل نظري للتجارب والممارسات الدولية الفضلى في مجال التنظيم الذاتي وقراءة نقدية للتجربة المغربية من خلال تتبع مسار المجلس الوطني للصحافة منذ تأسيسه سنة 2018.
كما اعتمدت الدراسة في جانبها الميداني على استمارة بحثية وُزّعت على عينة من الصحافيين المغاربة من مختلف الجهات والتخصصات، بهدف استقراء آرائهم بخصوص التمثيلية، الأخلاقيات، الحكامة، والقدرة التأطيرية للمجلس.
وأكد سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أن الدراسة أكدت ' أن تطوير التنظيم الذاتي في المغرب يمر عبر مسارين متوازيين: من جهة إصلاح داخلي عميق يجعل المجلس أكثر ديمقراطية واستقلالية وفعالية، ومن جهة ثانية تحويله إلى نموذج رائد إقليميًا، يُقدّم كبديل ديمقراطي، وكرافعة لبناء إعلام حر ومهني ومسؤول'.
وأضاف المتحدث نفسه أن 'هذه الدراسة تمثل أداة علمية عملية للصحافيين، والمشرّعين، وصناع القرار، والهيئات الوطنية المعنية بحرية التعبير، بهدف بناء نموذج تنظيمي أكثر فعالية واستقلالية وتمثيلية، يُواكب تحولات المهنة ويُعزز موقع المغرب في مؤشرات حرية الإعلام'.
وخلصت الدراسة إلى توصيات رئيسية، من أبرزها مراجعة القانون المنظم للمجلس بما يضمن استقلاليته المالية والإدارية الكاملة وإقرار انتخابات شفافة ودورية لاختيار ممثلي الصحافيين في المجلس الوطني للصحافة، مع تبني نظام تأهيلي قائم على الكفاءة والنزاهة وتحيين الميثاق الوطني لأخلاقيات مهنة الصحافة والنشر لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعي، والأخبار الزائفة، وتطورات الصحافة الرقمية.
كما أكدت ضرورة تفعيل آليات المساءلة والشفافية والتحكيم والوساطة داخل المجلس الوطني للصحافة وإشراك المجتمع المدني الحقوقي والمؤسسات الأكاديمية في تركيبة المجلس المستقبلي.
ومن التوصيات أيضا، تحصين المهنة وإعادة الاعتبار لها، استنادا إلى مطالب المهنيين ومؤسساتهم التمثيلية وهيئاتهم الداعية إلى إعادة الاعتبار لمهنة الصحافة في بلادنا وحمايتها من الدخلاء والمتطفلين والنهوض بصورتها لدى المجتمع، ومن أجل أن يتبوأ الصحافيون المكانة التي تليق بهم في المجتمع إسوة بباقي المهن.