اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
يتواصل مسلسل حوادث السير المأساوية التي تطال العاملات والعمال الزراعيين بجهة سوس ماسة، في ظل صمت رسمي يثير القلق وغياب إجراءات ملموسة تضمن النقل الآمن لهذه الفئة التي تُعد من أكثر الفئات هشاشة واستغلالا في سوق الشغل بالمغرب.
ففي حادثة سير جديدة أعادت إلى الأذهان مآسي مماثلة، انقلبت فجر اليوم الإثنين حافلة تقل مجموعة من العاملات والعمال الزراعيين، على مستوى الطريق الإقليمية رقم 1009 الرابطة بين مدينة بيوكرى وجماعة أيت ميلك بإقليم اشتوكة آيت باها، مخلفة 19 مصابا، وُصفت حالة بعضهم بالخطيرة.
وفور إشعارها بالحادثة، انتقلت مصالح الدرك الملكي والسلطة المحلية وعناصر الوقاية المدنية إلى مكان الحادث، حيث جرى نقل المصابين إلى المركز الاستشفائي الإقليمي المختار السوسي ببيوكرى، بالتزامن مع فتح تحقيق للوقوف على ظروف وملابسات الواقعة.
ويُشار إلى أن هذه الحادثة تأتي بعد أيام قليلة فقط من وفاة عاملات زراعيات في حادث مماثل نواحي تارودانت، ما يؤكد أن حوادث 'النقل الزراعي' لم تعد مجرد حالات عرضية، بل تحولت إلى ظاهرة قاتلة تحصد أرواح العاملات والعمال بشكل متكرر.
ويُعاني آلاف العاملات والعمال الزراعيين بتراب جهة سوس ماسة، خصوصا في مناطق اشتوكة آيت باها، تارودانت، أكادير، وإنزكان أيت ملول، من ظروف نقل مهينة وغير إنسانية، حيث يتم حشرهم يوميا في شاحنات 'بيكوب' متهالكة أو سيارات غير مهيأة، في رحلات محفوفة بالمخاطر نحو الضيعات الفلاحية، مقابل أجور زهيدة وغياب شبه تام للتغطية الصحية.
وقد شخصت كريمة الفواري، عاملة زراعية وعضو تنظيم المرأة بالقطاع الفلاحي، هذا الواقع في تصريح سابق لجريدة 'العمق'، معتبرة أن هذه الحوادث 'ليست الأولى ولن تكون الأخيرة'. وقالت: 'نادرا ما يمر أسبوع دون أن نسمع عن حادثة سير تذهب ضحيتها عاملات زراعيات'.
وأضافت أن هذه المآسي تخلف ضحايا بإصابات جسدية ونفسية خطيرة، خاصة في صفوف النساء، مما ينعكس سلبا على أسر تعيش في الغالب على ما توفره العاملات الزراعيات باعتبارهن المعيلات الرئيسيات، ملقية باللائمة على أرباب العمل الذين 'لا يكترثون سوى لتحقيق الأرباح، ولو على حساب الأرواح'.
وكشفت الفواري أن بعض الشركات الكبرى والضيعات الفلاحية التي تُدار من طرف شركات عالمية، تفضل استخدام وسائل نقل متهالكة ورخيصة لنقل العمال، بينما توفر شاحنات حديثة ومجهزة لنقل منتجاتها الفلاحية.
ولم تتردد في توجيه أصابع الاتهام إلى السلطات المعنية، قائلة: 'هناك تقصير واضح من الجهات المسؤولة، وأخص بالذكر وزارة التشغيل ووزارة الفلاحة ووزارة النقل ووزارة الداخلية'، مشيرة إلى أن هذه العربات، التي توصف بـ'عربات الموت'، تمر يوميا محملة بعاملات بأعداد كبيرة أمام أنظار السلطات، دون أن يُتخذ أي إجراء.
وختمت الفواري تصريحها بالقول: 'نحن على أبواب تنظيم تظاهرات كبرى، نرى ملاعب تبنى ووسائل نقل ضخمة تُستورد، لكننا لم نتمكن بعد من توفير حافلات صغيرة وآمنة تحفظ كرامة وسلامة هؤلاء العاملات'، مؤكدة أن المطلب الأساسي للنقابات لا يزال يتمثل في تحسين ظروف النقل، وتوفير وسائل آمنة تحفظ حياة وكرامة العاملات والعمال الزراعيين.