اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
عن دار بصمة للنشر والتوزيع، صدر حديثا كتاب علمي بعنوان: “برامج التنمية الجهوية بالمغرب: رهانات الاستدامة وسؤال الفعالية الترابية”، من تأليف الباحث في القانون العام والسياسات العمومية، الدكتور توفيق عطيفي، وتقديم الأستاذ الجامعي الدكتور محمد بنطلحة الدكالي، أحد أبرز المختصين في قضايا الحكامة والتنمية الترابية.
يسلّط هذا الإصدار الضوء على أحد أعمدة الإصلاح الترابي بالمغرب، من خلال دراسة تحليلية نقدية لبرامج التنمية الجهوية (PDR)، باعتبارها آلية استراتيجية لتجسيد الجهوية المتقدمة، ومؤشرا لمدى قدرة المجالس الجهوية على الاستجابة لانتظارات الساكنة وتحقيق العدالة المجالية.
ويُبرز المؤلف، انطلاقا من تحليل الوثائق الرسمية ودراسة حالة جهة مراكش-آسفي، كيف تحاول هذه البرامج دمج مفاهيم الاستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، في مقابل تحديات هيكلية وتدبيرية تتعلّق بضعف التنسيق المؤسساتي، وتعقيد الهندسة القانونية، ومحدودية القدرات البشرية والمالية لمجالس الجهات.
وفي تقديمه لهذا العمل، يؤكد الدكتور محمد بنطلحة أن الكتاب يمثل “جهدا نوعيا ومفيدا لعموم الدارسين والمهتمين بالتنمية الترابية”، ليس فقط من حيث سعيه إلى قياس مدى فعالية برامج التنمية الجهوية في معالجة التفاوتات المجالية، بل أيضًا من حيث رصده للإكراهات التي تعوق تنفيذها، واقتراحه لبدائل عملية تعزز رهانات الاستدامة وتُقوّي من حضور الفعالية الترابية.
وأضاف بنطلحة أن هذا العمل يُقدّم قراءةً معمقة في سبل تجاوز أعطاب التنزيل المجالي، والقطع مع التجارب السابقة التي أعادت إنتاج اختلالات بنيوية، مؤكدا أن برنامج التنمية الجهوية يظل الآلية الأكثر نجاعة للنهوض بالمجال الجهوي على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، شريطة إشراك فعلي وواسع لكل الفاعلين المحليين، وتجاوز منطق العمل الانعزالي للمؤسسات المنتخبة.
ويرصد الكتاب أيضًا الفجوة بين الخطاب والممارسة، حيث تُدرج برامج التنمية ضمن الشعارات والسياسات الرسمية، دون أن تجد طريقها إلى التفعيل الملموس في حياة المواطنين. ومن ثَمّ، يدعو المؤلف إلى مراجعة شاملة لمنطق التخطيط الجهوي، من خلال تطوير أدوات الحكامة الترابية، وتوضيح العلاقة بين الدولة والجهات في ضوء منطق التفريع والتكامل، بدلًا من الاستمرار في منطق الوصاية والتوجيه الفوقي.
ويُعدّ هذا المؤلف، الذي يندرج ضمن صنف الدراسات الأكاديمية، ويقع في 258 صفحة، مساهمة علمية في تأصيل فكر جديد للتنمية الجهوية بالمغرب، قائم على الاستدامة والفعالية، من خلال ربط التخطيط الترابي بمفاهيم الحكامة التشاركية، والعدالة المجالية، والتنمية المندمجة.
كما يُمثّل دعوة مفتوحة لتجاوز مرحلة الجهوية الناشئة نحو جهوية منتجة ومُمكنة، قادرة على رفع تحديات التنافسية وتلبية حاجيات المواطنات والمواطنين.