اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٨ حزيران ٢٠٢٥
أكد الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، محمد منار اسليمي، أن الفهم العميق لدستور 2011 المغربي لا يمكن أن يكتمل بالوقوف عند نصوصه فقط، بل يتطلب قراءة شاملة تأخذ بعين الاعتبار السياقات السياسية والاجتماعية التي أحاطت بوضعه، والتأثيرات الدولية المتغيرة، والثقافة السياسية السائدة لدى النخب.
جاء ذلك خلال مداخلته في اللقاء السياسي الذي نظمته اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي، اليوم السبت، حيث قدم اسليمي تحليلا متعدد الأبعاد للوثيقة الدستورية، مشيرا إلى أن معناها يتغير ويتطور بتغير الزمن والممارسة.
واستهل اسليمي كلمته بالإشارة إلى أن مرحلة وضع القوانين التنظيمية التي تلت إقرار الدستور لم تشهد نقاشا كبيرا، موضحا أنه لو طُرح تعديل الدستور في تلك الفترة التي كانت تتسم بـ 'سياق احتجاجي'، لما توقف الأمر عند الفصل 47 فقط، بل كان من الممكن أن يُعاد النظر في الوثيقة الدستورية بأكملها.
ولم يقتصر تحليله على السياق الداخلي، بل امتد لينتقد ميل الباحثين لدراسة الدستور وكأن 'المغرب معزول عن العالم'، مؤكدا أن النظام الدولي يؤثر بشكل مباشر على الوثيقة الدستورية المغربية وعلى المعنى الذي يُعطى لها، ضاربا المثل بمرحلتي ترامب وبايدن وكيف أن فهم الحقوق والحريات يتأثر بالتطورات التي تجري في النظام الدولي، مما يؤثر بدوره على الفاعلين السياسيين والسلطات الدستورية في المغرب.
وفي سياق متصل، شدد اسليمي على أن الدستور ليس هو المسؤول الوحيد عن الواقع السياسي، بل إن 'الثقافة السياسية للنخبة' تلعب دورا محوريا، قائلا: 'لم نعد في معادلة أن الدستور يُطبق أو لا يُطبق، وإنما المسؤول هي الثقافة السياسية. قد يكون الدستور أحيانا أكبر من بروفايلات بعض المؤسسات الدستورية'.
وضمن هذا الإطار، تطرق إلى دور القضاء الدستوري، مشيرا إلى أن المؤسسة القضائية لم تقدم خلال مرحلة طويلة 'اجتهادات' قوية قادرة على تحريك الفضاء الدستوري، بل إنها في قضايا معينة، مثل القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب، تحولت إلى 'مشرّع'، مستخدمة 'لغة أدبية' فيما يشبه محاولة 'لإنقاذ وتبييض النص' أكثر من كونه اجتهادا قضائيا.
واختتم اسليمي مداخلته بالتأكيد على أن المغرب أمام 'وثيقة دستورية ممتدة زمنيا، يتغير معناها ولا يجب أن نفهمه بالنص وحده'، وطرح سؤالا محوريا حول حاجة البلاد اليوم إلى إصلاحات دستورية. وأجاب بأن 'الزمن السياسي الحالي لا يساعد'، في إشارة إلى دخول البلاد في زمن انتخابي، متوقعا أن أي حديث جدي عن إصلاحات دستورية كبرى لن يتم قبل عام 2030.