اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٥ حزيران ٢٠٢٥
وليد منصور -
في تحرك إستراتيجي لافت، أطلقت الصين حملة شاملة لتعزيز الحضور العالمي لعملتها الوطنية، اليوان، مستغلةً ما تراه فرصة نادرة وسط التحديات المتزايدة، التي تواجه الدولار الأمريكي.
وأفادت وكالة بلومبيرغ بأن بكين تسعى إلى تسريع جهودها الرامية إلى تقليص الاعتماد العالمي على الدولار، مستفيدةً من اضطراب السياسات الأمريكية وتفاقم التوترات الجيوسياسية. ويقول صنّاع القرار الصينيون إن هذا التوقيت هو الأفضل منذ سنوات، لدفع اليوان نحو موقع متقدم في النظام المالي الدولي.
وتشمل الإجراءات الأخيرة تسهيلات جديدة لا تقتصر على دعم التجارة، بل تمتد إلى فتح الأسواق المالية الصينية على نحو أوسع، وتوسيع أنظمة الدفع عبر الحدود، وإطلاق منتجات مالية مبتكرة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية. وتأمل الصين أن يسهم تدويل اليوان في إعادة تشكيل النظام التجاري والمالي العالمي، وتقويض هيمنة الدولار في المحافظ الاحتياطية الدولية.
وقالت لين سونغ، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في بنك ING: «الخطوات التي تتخذها الصين لدمج نظامها المالي بالعالم تمثل اتجاهاً صحيحاً، إذ تسعى إلى جعل اليوان ضمن قائمة العملات العالمية المؤثرة».
نظام نقدي متعدد الأقطاب
في خطاب حديث، عرض محافظ بنك الشعب الصيني، بان غونغ شنغ، تصوراً لنظام مالي عالمي جديد، تكون فيه الأسواق الصينية أكثر انفتاحاً، ويشغل فيه اليوان دوراً مركزياً في تدفقات رؤوس الأموال العالمية.
وكجزء من هذا التوجه، يعتزم البنك المركزي إنشاء مركز دولي لتشغيل اليوان الرقمي في شنغهاي، كما يدرس إطلاق أول عقود مستقبلية باليوان داخل الصين لمنافسة أدوات التحوط المشابهة في سنغافورة وشيكاغو.
وفي هونغ كونغ، تم تدشين نظام دفع فوري يتيح تحويل الأموال باليوان أو بالدولار الهونغ كونغي إلى البر الرئيسي الصيني، مما يعزز التكامل المالي بين الجانبين. ومن المتوقع أيضاً أن تضيف بورصة هونغ كونغ قنوات تداول مقومة باليوان ضمن رابط الأسهم الجنوبي، في خطوة تعزز تدويل العملة.
وامتد النقاش مؤخراً إلى العملات الرقمية المستقرة، إذ أشار وزير الخدمات المالية والخزانة في هونغ كونغ، كريستوفر هوي، إلى عدم استبعاد إمكانية ربط هذه العملات باليوان، مع التأكيد على ضرورة مراعاة عوامل مثل السياسات النقدية وأسعار الصرف والمخاطر التنظيمية. جاءت تصريحاته عقب إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي تشريعاً خاصاً بالدولار الرقمي، وتبنّي هونغ كونغ إطاراً تنظيمياً مماثلاً.
كما تخطط بكين لفتح مزيد من المنتجات الاستثمارية أمام الأجانب هذا العام، ورفع سقف استثمارات المواطنين الصينيين في الأوراق المالية الأجنبية، بما يعزز تداول اليوان خارجياً.
وقالت شياو جيا تشي، اقتصادية في بنك «كريديه أغريكول»: «الصين تستغل الفرصة لتعزيز تدويل عملتها، وقد يشمل ذلك خطوات أوسع، مثل تعميق سيولة اليوان في الأسواق الخارجية».
نظام المدفوعات الصيني
وسجّل نظام الدفع الصيني CIPS توسعاً ملحوظاً، مع انضمام بنوك جديدة، مثل «يونايتد أوفرسيز»، و«بانكوك بنك»، و«بنك أبوظبي الأول»، ليشمل لأول مرة مراكز اليوان الخارجية في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وسنغافورة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى زيادة حجم التسويات باليوان في التجارة الخارجية الصينية، والتي تجاوزت الدولار في بعض المجالات مؤخراً.
وعلى الرغم من أن حصة اليوان في احتياطيات العملات العالمية لا تتجاوز %2.2، فقد تخطى الدولار في المعاملات التجارية العابرة للحدود داخل الصين.
وتشير تقديرات بنك أستراليا ونيوزيلندا إلى أن اليوان استُخدم في تسوية %26 من تجارة السلع الصينية في مايو، مع توقعات بارتفاع النسبة إلى %40 بحلول نهاية العام.
إجراءات تنظيمية
أوضح التقرير أن الإجراءات الأخيرة الصينية تشمل:
1 - تسهيلات جديدة لا تقتصر على دعم التجارة، بل تمتد إلى فتح الأسواق المالية الصينية على نحو أوسع.
2 - توسيع أنظمة الدفع عبر الحدود.
3 - إطلاق منتجات مالية مبتكرة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
تحديات مستمرة
رغم التحركات الصينية الطموحة، فإن بكين تواجه تحديات داخلية، أبرزها تباطؤ النمو الاقتصادي، وضغوط انكماشية، وتراجع عوائد السندات، ما قد يبطئ من مساعي تدويل العملة.
وكتب اقتصاديون في «مورغان ستانلي»، بقيادة روبين شينغ: «الانتشار العالمي الأوسع لليوان يتطلب اقتصاداً قوياً وتقدماً ملموساً في تحرير الحساب الرأسمالي».