السكن الاستثماري.. بين الاستقرار والإزعاج

في العديد من المناطق السكنية الاستثمارية، تنتشر منذ سنوات محال تجارية تمارس انشطة لا تتناسب مع طبيعة البيئة السكنية، مما ادى الى تداخل غير مقبول بين الاستخدامين السكني والتجاري، ومن ابرز هذه الانشطة ورش تصليح السيارات سواء الميكانيكية او الكهربائية او البنشر، اضافة الى محال بيع قطع الغيار وغيرها من الانشطة التي يصاحبها ضوضاء وزحام وتلوث بصري وبيئي.

السكن الاستثماري يفترض ان يكون بيئة مستقرة وآمنة للساكنين ويوفر لهم خدمات يومية بسيطة ومساندة مثل البقالة، والمخبز، وصالونات الحلاقة، والصيدلية، ومحال الاجهزة المنزلية وما شابه ذلك. الا ان ما يحدث في بعض المناطق هو تحول الشوارع الداخلية الى بيئة شبه صناعية تتزاحم فيها الانشطة غير المناسبة فتزعج السكان وتحتل مواقفهم وتؤثر سلبا في جاذبية المكان.

ولا تقتصر اضرار انشطة تصليح السيارات على الضوضاء فقط بل تمتد لتشمل تسرب الزيوت ومخلفات التصليح وتكدس السيارات بشكل عشوائي واحتلال المواقف العامة والخاصة. ناهيك عن مخاطر الاشتعال او تسرب المواد الكيميائية مما يشكل تهديدا مباشرا لسلامة السكان والمباني.

كما تشمل الانشطة المزعجة في بعض المناطق بعض المطاعم والمقاهي التي تتسبب في ازدحام مروري، وتجمع سيارات عشوائي امام المباني، وتشغيل محركات لفترات طويلة، وارتفاع الاصوات وابواق السيارات خاصة في ساعات الليل. كما ان محال الطلب من السيارة drive thru تستدعي اعادة تنظيم مواقعها بما يراعي الطابع السكني.

تنظيم النشاط

ومع التأكيد على اهمية دور ادارة المرور في ضبط الوقوف والمخالفات، فان معالجة التشوه في البيئة السكنية لا تبدأ من المرور بل من تنظيم النشاط التجاري نفسه، بما يتناسب مع طبيعة المنطقة السكنية لتفادي آثار سلبية لاحقة وتوفير بدائل مناسبة. لذلك من المهم اعادة النظر في آلية منح التراخيص التجارية داخل المناطق السكنية الاستثمارية فبعض هذه الانشطة قد تكون ضرورية لكنها بحاجة إلى مواقع مخصصة تراعي السلامة والتنظيم وساعات العمل.

كما يجب التمييز بين الانشطة التجارية داخل الشوارع الداخلية للمناطق السكنية الاستثمارية، وتلك المطلة على الشوارع الرئيسية. فبينما تتسبب الأولى في ازعاج السكان وتدهور البيئة السكنية، فان الثانية تؤدي إلى اختناقات مرورية دائمة وزيادة في احتمالية الحوادث ووجود محل تجاري (أياً كان نشاطه) في موقع غير مناسب كشارع رئيسي لا تقارن فائدته بحجم الضرر الناتج عنه.

ان تحقيق التوازن بين الطابعين السكني والخدمي، اساس نجاح المناطق الاستثمارية ولا يتم ذلك الا من خلال منع الانشطة المزعجة والمضرة، وتنظيم مواقع التراخيص وضبط ساعات العمل ومراعاة أثر كل نشاط على السكان والبيئة وحركة مرور السيارات.

أحمد اللهيب