اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
وضع الجهاز المركزي للمناقصات العامة قطاع البريد في الكويت على طريق الخصخصة بعد تكليفه لهيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بأن تتولى إجراءات الأعمال بممارسة عامة لطرح مشروع إنشاء شركة بريد الكويت وفق نظام الشراكة بين القطاعين.وفي حال استكمال هذه الإجراءات سيكون قطاع البريد هو الثالث من نوعه منذ تحرير الكويت قبل 34 عاماً الذي تتحول فيه ملكية مرفق من القطاع العام إلى القطاع الخاص بعد التخصيص الجزئي لملكية محطات الوقود والخصخصة الكاملة لمرفق بورصة الكويت. ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن ترخيص الحكومة لعدد من الكيانات التجارية الخاصة كبنكي بوبيان ووربة أو الاتصالات الكويتية «stc» أو «طيران الجزيرة» أو شمال الزور «الأولى والثانية» وغيرها من الشركات لم يكن خصخصة لمرفق حكومي بل رخصة لنشاط جديد للقطاع الخاص. أهمية ومخاطر
وضع الجهاز المركزي للمناقصات العامة قطاع البريد في الكويت على طريق الخصخصة بعد تكليفه لهيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بأن تتولى إجراءات الأعمال بممارسة عامة لطرح مشروع إنشاء شركة بريد الكويت وفق نظام الشراكة بين القطاعين.
وفي حال استكمال هذه الإجراءات سيكون قطاع البريد هو الثالث من نوعه منذ تحرير الكويت قبل 34 عاماً الذي تتحول فيه ملكية مرفق من القطاع العام إلى القطاع الخاص بعد التخصيص الجزئي لملكية محطات الوقود والخصخصة الكاملة لمرفق بورصة الكويت.
ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن ترخيص الحكومة لعدد من الكيانات التجارية الخاصة كبنكي بوبيان ووربة أو الاتصالات الكويتية «stc» أو «طيران الجزيرة» أو شمال الزور «الأولى والثانية» وغيرها من الشركات لم يكن خصخصة لمرفق حكومي بل رخصة لنشاط جديد للقطاع الخاص.
أهمية ومخاطر
ومع تأكيد أهمية الخصخصة كأداة تساهم في إصلاح أوضاع الإدارة العامة وتقلص من حجم الجهاز الحكومي المترهل وتقلل من إنفاق مصروفاته المتزايدة، فإنها في المقابل ليست «عصا سحرية» مضمونة النجاح، فأخطر ما يمكن أن ينتج عن عملية أي خصخصة هو الاعتقاد أن واجبات الدولة في التنظيم والرقابة والإشراف قد انتهت بمجرد تحويل ملكية أي مرفق حكومي من القطاع العام إلى الخاص أو من خلال التحول إلى شركة خاصة عبر نظام الشراكة.
تحقيق الأهداف
فأبرز ما يحدد نجاح أي عملية خصخصة من عدمه هو تحقيق عدد من الأهداف الاقتصادية كخلق فرص عمل للعمالة الوطنية إلى جانب لعب الدولة دورها المفترض كجهة ناظمة تتولى الإشراف والرقابة بما يحقق المعايير الضامنة لمكافحة الاحتكار وعدالة المنافسة، خصوصاً أن الكيان الجديد لبريد الكويت سيدخل في منافسة مع شركات بريد عالمية عاملة في الكويت مثل فيدكس وDHL، ناهيك عن جودة الخدمة، فضلاً عن جذب الاستثمار الأجنبي لأموال وخبرة وتكنولوجيا، وبالتالي تنعكس المنفعة على المستثمر والعميل والخدمة والأغراض التي وضعتها الدولة للخصخصة... كما أن تسريع طرح هذه الكيانات للاكتتاب العام ثم إدراجها في البورصة يزيد من ارتباط المجتمع بالكيانات التجارية المستحدثة.
رأسمالية لا اشتراكية
فربط الخصخصة بمعالجة اختلالات الاقتصاد ورفع المهنية والجودة والكفاءة ليس رفضاً لها أو نكراناً لأهميتها بل رغبة في حوكمتها لتحقيق مقاصدها السليمة.
والحديث عن ضرورة وجود دور للدولة من خلال الهيئات التنظيمية في الأسواق التي يشغلها القطاع الخاص ليست مسألة اشتراكية أو دعوة لتدخل حكومي سلبي في الاقتصاد بل إن وجودها من صلب مؤسسات وأعمال الدول الرأسمالية، ونأخذ مثلاً منها في الولايات المتحدة، اللجنة الفدرالية للتجارة (FTC) المختصة بمكافحة ممارسات الاحتكار غير العادلة، ووزارة العدل الأميركية (DOJ) وهي على نطاقات أوسع تفرض غرامات متعددة على أضخم الكيانات العالمية كبوينغ وغوغل وأبل وغيرها، وفي أوروبا هناك هيئة المنافسة الأوروبية (EC) التي تتولى مكافحة الاحتكار وتنظيم عمليات الاندماج وضمان عدالة المنافسة.
أوضاع كويتية
في الكويت، تبدو أوضاع الهيئات الناظمة غير جيدة ولا سيما الجهات المرتبطة بالخصخصة أو تنظيم الأسواق ورقابتها، فلا علم ولا خبر ولا أي خطوة معلنة للجهاز الفني لبرامج التخصيص الذي أسس عام 2015، فهو لم ينجز أي مشروع لخصخصة أي كيان حكومي ولو كان حجمه محدوداً جداً كالبريد، أما جهاز حماية المنافسة ففقد جزءاً كبيراً من فاعليته مع تغيير قانونه عام 2020 بحيث ألغي النص الحاسم في تعريف السيطرة من 30 في المئة إلى نص مائع دون أي نسبة محددة إلى جانب عدم سد مجلس الوزراء الذي يتولى بشكل استثنائي كل الصلاحيات التنفيذية والتشريعية الفراغ التشريعي الذي نتج عن الحكم بعدم دستورية البند 1 من المادة 34 من القانون الخاصة بالجزاء المالي عن الأعمال المخالفة.
ضرورة النجاح
لا شك أن فكرة خصخصة قطاع البريد هي تجربة جيدة خصوصاً أنها تتعلق بقطاع صغير من الناحية الاقتصادية والخدمية يستحق أن تسجل فيه تجربة نجاح في خلق خبرة ومهنية وتجربة للدولة في التعامل مع نماذج خصخصة في القطاعات الصغيرة ومحدودة الضرر في الاقتصاد، كالبريد أو مطبعة الحكومة حتى تنتقل إلى قطاعات متوسطة أكبر كشركة المشروعات السياحية أو القطاع الرياضي، بحيث تتراكم الخبرات وتقوَّم الانحرافات وتخلق نماذج محترفة لهيئات التنظيم بما يحمي المشغلين والمستهلكين أو العملاء فضلاً عن طرح الفرص الاستثمارية وتحفيز البيئة الاقتصادية... وهذا ما يمكن أن يختبر كفاءة الإدارة العامة في مشاريع الخصخصة وتحدياتها قبل الحديث عن خصخصة لقطاعات أكبر بل وأخطر على الاقتصاد والمجتمع كالتعليم والصحة والنفط، وهذه قطاعات تكلفة الانحراف أو الفشل فيها عالية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي وربما حتى السياسي.







 
  
  
  
  
  
  
  
  
  
 
































 
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
 