اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٧ نيسان ٢٠٢٥
تضمن المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 2025، بشأن تعديل بعض أحكام قانون المرافعات، والذي نشر في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم»، بتاريخ 30 مارس 2025، تعديلًا مهماً على النصوص المنظمة للحجز التنفيذي بما للمدين لدى الغير، وذلك من خلال استبدال نص المادة 227 فقرة ثانية، والمادة 230 بند «هـ».
وقد رأينا أن ذلك التعديل يُعد خطوة مهمة نحو تحسين فعالية إجراءات التنفيذ القضائي وتقديم حلول عملية للمشاكل التي كشفت عنها التطبيقات العملية السابقة.
من خلال التجربة العملية، تبين لنا أن النصوص التشريعية قبل التعديل، كانت تسفر عن بعض الإشكاليات، التي كانت تعيق سير إجراءات الحجز التنفيذي، إذ كان يقتصر الأثر القانوني للحجز على الأموال والحقوق الموجودة في ذمة المحجوز لديه وقت توقيع الحجز فقط، وهذا القيد كان يعزز من قدرة المدينين على التحايل على الإجراءات، مما يعيق جهود الدائنين في تحصيل حقوقهم.
وبناءً على ذلك، فقد رأينا أنه من الضرورة بمكان أن نسلط الضوء على الفرق الكبير الذي سيحدثه هذا التغيير في التطبيق العملي للقانون، وكيف سيسهم في تعزيز آليات تنفيذ الأحكام وتوسيع نطاق الحماية القانونية للحقوق المالية للأطراف المتضررة، ونرى أن هذا التحليل القانوني يعد ضرورياً لتوضيح الفروق بين النظامين القانونيين القديم والجديد، وتبيان الأثر الكبير لهذا التعديل في تسريع وتسهيل إجراءات التنفيذ القضائي وتحقيق العدالة في أكثر صورها فعالية.
الأبعاد القانونية
هدفنا هو تقديم تحليل قانوني شامل يسهم في فهم الأبعاد القانونية لهذا التعديل، ويساعد الجهات المعنية، مثل المؤسسات المالية، والمحاكم، وإدارات التنفيذ، على التكيف مع الأحكام الجديدة والتأكد من الالتزام بها لضمان تحقيق النتائج المرجوة منها.
أولاً: الإطار العام للحجز التنفيذي تحت يد الغير
الحجز التنفيذي بما للمدين لدى الغير هو إجراء قانوني يُمكّن الدائن من توقيع الحجز على أموال أو حقوق تكون للمدين في ذمة أو تحت يد الغير «كالأرصدة البنكية، المستحقات، أو الديون» بقصد اقتضاء دينه من المال المحجوز عليه أو من ثمنه بعد بيعه، ويُلزم هذا الإجراء المحجوز لديه «الطرف الثالث» بالإفصاح عمّا في ذمته بما في يده للمدين، ويمتنع عليه بعد ذلك الوفاء أو تسليم ما في ذمته أو تحت يده للمحجوز عليه «المدين».
ثانياً: الوضع القانوني قبل التعديل «ما قبل مرسوم القانون رقم 59 لسنة 2025»
-1 نطاق الحجز التنفيذي الزمني:
كان الحجز يسري فقط على الأموال أو الديون الموجودة في ذمة المحجوز لديه في لحظة توقيع الحجز، أي لا يمتد أثر الحجز لما يستجد من أموال أو أرصدة لمصلحة المدين بعد هذا التاريخ، ما لم يُعَدْ توقيع الحجز أو اتخاذ إجراءات جديدة.
-2 القصور العملي: أدّى هذا القيد الزمني إلى ضعف فعالية الحجز التنفيذي، حيث كان بإمكان المدين:
- سحب الأرصدة من حساباته بمجرد دخولها.
- التحايل على الحجز بتأخير التحويلات لحين انتهاء أثر الحجز.
-3 التكليف بالتقرير بما في الذمة:
كان يتم من خلال إدارة كتاب المحكمة الكلية، مما أبطأ من وتيرة إجراءات التنفيذ.
ثالثاً: التعديل التشريعي بموجب المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 2025
-1 نطاق الحجز التنفيذي الزمني (بعد التعديل):
أصبح الحجز التنفيذي، في حال لم يكن الحجز موقعاً على منقول أو دين بذاته، يمتد تلقائيًا ليشمل كل ما يضاف لاحقًا من أموال أو أرصدة دائنة لمصلحة المدين لدى المحجوز لديه، ويستمر هذا الأثر ما لم يتم إخطار المحجوز لديه رسمياً برفع الحجز من قبل إدارة التنفيذ.
-2 الأثر العملي للامتداد الزمني للحجز:
امتداد الحجز تلقائياً يُضفي أثراً قانونياً مهماً في تعزيز فعالية الحجز التنفيذي، حيث يوسع نطاقه ليشمل الأموال التي قد تنشأ بعد توقيع الحجز، مما يضمن استمرار حماية حقوق الدائنين بشكل تلقائي من دون الحاجة لاتخاذ إجراءات إضافية، هذا التغيير يقلل من فرص التحايل التي كان يمارسها بعض المدينين عبر سحب أو تحويل الأموال فور دخولها حساباتهم، ويُسهم في تسريع عملية التنفيذ وضمان تحقيق العدالة في تحصيل الحقوق المالية لأصحابها.
-3 المسؤوليات الجديدة على المحجوز لديه:
يلتزم المحجوز لديه التقرير عمّا في الذمة أولًا، ثم يلتزم كذلك إخطار إدارة التنفيذ بما يطرأ أو يُضاف من أموال للمدين لاحقًا.
4- تحسين الكفاءة الإجرائية:
أصبح التكليف بالتقرير بما في الذمة يتم مباشرة من إدارة التنفيذ التابعة لملف التنفيذ، بدلاً من المحكمة الكلية، مما يسهم في تسريع إجراءات التنفيذ وتحقيق المزيد من الفاعلية، من خلال نقل مسؤولية التكليف بالتقرير إلى إدارة التنفيذ المختصة، وهو ما يقلل البيروقراطية والحد من التأخير الذي قد ينتج عن متابعة وصول الإقرارات إلى المحكمة الكلية، مما يتيح للجهات المعنية تنفيذ الأحكام بصورة أكثر انسيابية وفعالية.
رؤيتنا لهذا التعديل القانوني:
من واقع قراءتنا للتعديل الذي أدخله المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 2025 على نصوص الحجز التنفيذي بما للمدين لدى الغير، واسقاط أحكامه على الواقع الذي كان قائماً في هذا الشق من إجراءات التنفيذ، فإننا نرى انه وبلا شك يشكل خطوة محورية نحو تعزيز فعالية إجراءات التنفيذ القضائي، فقد نجح هذا التعديل في معالجة العديد من الإشكاليات التي كانت تعرقل سير عمليات الحجز والتنفيذ، كما أتاح حماية أقوى لحقوق الدائنين من خلال ضمان امتداد أثر الحجز التنفيذي ليشمل الأموال المستجدة لمصلحة المدين، ومن ثم، يتعين على جميع المعنيين الالتزام بهذه التعديلات لضمان تطبيقها بفعالية وحسن إدارة إجراءات التنفيذ بما يتماشى مع متطلبات العدالة وحماية الحقوق المالية.
مازن محمد طلعت
رئيس فريقي الاستشارات والتقاضي
«الغنيم. الحميضي. الخالد - للمحاماة»