اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
دخلت صفقة استحواذ بنك وربة على بنك الخليج في الكويت مرحلة مفصلية باتفاق البنكين على دراسة الجدوى الأولية لعملية الاندماج، مما يمثّل فرصة جديدة لا تقتصر فقط على العوائد المالية أو الربحية الخاصة ببنكَي وربة والخليج وملّاكهما، إنما أيضا مهنية السوق الكويتي ورفع كفاءة مؤسسات الرقابة والإشراف، بما يرسّخ قيماً وقواعد أكثر أهمية واستدامة من التوقعات المالية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالحوكمة والشفافية والمنافسة ومصلحة المساهمين كافة... كباراً وصغاراً.ومع تأكيد أن أي صفقة اندماج أو استحواذ هي مشروع يستحق الدعم في ضوء البيئة التشغيلية الصعبة، وسعياً لخلق كيانات مصرفية أكبر قادرة على مواجهة العديد من المصاعب وحالات عدم اليقين العالمية والإقليمية، فإنه من الحصافة أيضاً أن تكون صفقات الاستحواذ والاندماج نموذجاً لقواعد وأسس تنعكس على جودة الإجراءات والقرارات الخاصة بالعملية، بحيث تصبح قواعد مهنية متراكمة تطبّق على العمليات المماثلة المتوقعة مستقبلاً، بما يصبّ في مصلحة القطاع المصرفي والاقتصاد الكويتي.تساؤلات وارتباك ومع أن صفقة استحواذ بنك وربة على بنك الخليج جاءت بصيغة مهنية في بدايتها، لكونها مثّلت صفقة خالية من شبهات تعارض المصالح بين مجموعتين مختلفتين دون أي تعاملات مشتركة أو ذات صلة، فإن ذلك لا يعفي من طرح العديد من التساؤلات المهمة المرتبطة بالشفافية والإفصاح وحقوق الدولة وصغار المساهمين، فضلاً عن فاعلية الجهات الرقابية الحكومية، لاسيما بنك الكويت المركزي، أو هيئة الأسواق، فجهاز حماية المنافسة.فرغم أن أي صفقة هي مسؤولية الطرفين (البائع - المشتري) من خلال الجمعية العمومية، ولا بُد أن تحظى بقدر معيّن من السرية في التفاصيل، فإن الإعلان لعموم المساهمين عن وجود «نوايا» لعقد صفقة ضخمة على الأقل هي مسألة تتعلق بالشفافية والإفصاح، لذلك فما حصل من «ارتباك» في الإفصاحات عند الاتفاق على الصفقة من نفي تام الى إفصاح حاسم هو أمر لا يليق بسوق المال الكويتي ولا بالقطاع المصرفي المحلي، مع الأخذ بعين الاعتبار خطورة التعامل مع صفقة تناهز قيمتها 498 مليون دينار، وفقاً لمعطيات المفاجأة والسرعة، خصوصاً أن البنكين مدرجان في البورصة، ويضمّان مئات الآلاف من المساهمين، فضلاً عن ملكية المال العام، وبالتالي تكون مواقف جهات رقابية كالبنك المركزي أو هيئة الأسواق أو جهاز المنافسة تحت المجهر أكثر من مجلسَي إدارة البنكين.إعفاء من الاستحواذ
دخلت صفقة استحواذ بنك وربة على بنك الخليج في الكويت مرحلة مفصلية باتفاق البنكين على دراسة الجدوى الأولية لعملية الاندماج، مما يمثّل فرصة جديدة لا تقتصر فقط على العوائد المالية أو الربحية الخاصة ببنكَي وربة والخليج وملّاكهما، إنما أيضا مهنية السوق الكويتي ورفع كفاءة مؤسسات الرقابة والإشراف، بما يرسّخ قيماً وقواعد أكثر أهمية واستدامة من التوقعات المالية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالحوكمة والشفافية والمنافسة ومصلحة المساهمين كافة... كباراً وصغاراً.
ومع تأكيد أن أي صفقة اندماج أو استحواذ هي مشروع يستحق الدعم في ضوء البيئة التشغيلية الصعبة، وسعياً لخلق كيانات مصرفية أكبر قادرة على مواجهة العديد من المصاعب وحالات عدم اليقين العالمية والإقليمية، فإنه من الحصافة أيضاً أن تكون صفقات الاستحواذ والاندماج نموذجاً لقواعد وأسس تنعكس على جودة الإجراءات والقرارات الخاصة بالعملية، بحيث تصبح قواعد مهنية متراكمة تطبّق على العمليات المماثلة المتوقعة مستقبلاً، بما يصبّ في مصلحة القطاع المصرفي والاقتصاد الكويتي.
تساؤلات وارتباك
ومع أن صفقة استحواذ بنك وربة على بنك الخليج جاءت بصيغة مهنية في بدايتها، لكونها مثّلت صفقة خالية من شبهات تعارض المصالح بين مجموعتين مختلفتين دون أي تعاملات مشتركة أو ذات صلة، فإن ذلك لا يعفي من طرح العديد من التساؤلات المهمة المرتبطة بالشفافية والإفصاح وحقوق الدولة وصغار المساهمين، فضلاً عن فاعلية الجهات الرقابية الحكومية، لاسيما بنك الكويت المركزي، أو هيئة الأسواق، فجهاز حماية المنافسة.
فرغم أن أي صفقة هي مسؤولية الطرفين (البائع - المشتري) من خلال الجمعية العمومية، ولا بُد أن تحظى بقدر معيّن من السرية في التفاصيل، فإن الإعلان لعموم المساهمين عن وجود «نوايا» لعقد صفقة ضخمة على الأقل هي مسألة تتعلق بالشفافية والإفصاح، لذلك فما حصل من «ارتباك» في الإفصاحات عند الاتفاق على الصفقة من نفي تام الى إفصاح حاسم هو أمر لا يليق بسوق المال الكويتي ولا بالقطاع المصرفي المحلي، مع الأخذ بعين الاعتبار خطورة التعامل مع صفقة تناهز قيمتها 498 مليون دينار، وفقاً لمعطيات المفاجأة والسرعة، خصوصاً أن البنكين مدرجان في البورصة، ويضمّان مئات الآلاف من المساهمين، فضلاً عن ملكية المال العام، وبالتالي تكون مواقف جهات رقابية كالبنك المركزي أو هيئة الأسواق أو جهاز المنافسة تحت المجهر أكثر من مجلسَي إدارة البنكين.
إعفاء من الاستحواذ
وربما يكون من الحصافة التي تدعم المهنية، إصدار تعديلات على قانون الشركات أو لوائح هيئة أسواق المال لتثبيت ونشر مواقف وآراء ممثلي الجهات الحكومية والأعضاء المستقلين في محاضر مجالس إدارات الشركات المدرجة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعمليات المالية والاستثمارية المؤثرة، كالاستحواذات أو تصفية الشركات أو بيع الأصول.
ومع تجاوز «الارتباك» في بداية الصفقة من البنكين أو الجهات الرقابية، فإن ما حدث لاحقا يستحق أيضاً التوقف والمراجعة، وتحديداً في مسألة إعفاء جهات الرقابة في الدولة، وفي مقدمتها بنك الكويت المركزي، الطرفَ المشتري (بنك وربة) من عملية الاستحواذ الإلزامي على أسهم بنك الخليج بعد شراء حصة تتجاوز 30 بالمئة من رأس المال، بما يمثّل حرماناً لبقية المساهمين والدولة من فرصة الحصول على السعر التفضيلي الذي حصل عليه مساهم واحد في البنك، وهو سعر يتجاوز سعر السوق بـ 25 بالمئة - وقت إعلان الصفقة - ودون حتى إفصاح عن مبررات الإعفاء من الاستحواذ.
تذكير وممارسات
ولعله من المفيد التذكير بأن أحد أهم مبررات إنشاء هيئة أسواق المال هو تنظيم عمليات الاستحواذ والاندماجات التي كانت سائدة قبل إنشاء الهيئة، والتي شهدت في كثير منها إجحافاً معلناً في حق شرائح عديدة من المساهمين، فضلاً عن حقوق الدولة، بالتالي، فإن عودة الممارسات التي تسقط حقوق المساهمين تقلل من قيمة الجهات الرقابية ودورها وفلسفة وجودها في إرساء مبادئ العدالة والحوكمة والشفافية بين جميع المساهمين.
قواعد الأسلمة
ولا تتوقف مسألة مهنية الاستحواذ عند وضع الملاحظات على ما سبق من إجراءات، بل أيضا بمدى تحقيق متطلبات فنية من شأنها أن ترفع من جودة السوق الكويتي، لا سيما المصرفي، فاستحواذ بنك وربة على الخليج سيؤدي الى قيام ثالث أكبر بنك في الكويت، وهو أمر معتبر ويستحق الدعم، ويحقق العديد من متطلبات الرقابة وجودة الأصول، لكنه أيضاً سيعمل على خفض عدد البنوك في الكويت من 10 إلى 8، بعد استحواذ بيت التمويل على «الأهلي المتحد»، واليوم «وربة» على بنك الخليج، وبالتالي تراجع مستوى المنافسة مع إحجام «المركزي» عن فتح رخص لمصارف جديدة أو بنوك رقمية مستقلة.
الأكثر أهمية في هذا السياق، يتعلق باختلاف نشاط البنكين في مشروع الاستحواذ، فبنك وربة إسلامي و«الخليج» تقليدي، وعمليات التحول من النظام التقليدي الى الإسلامي تتطلب اتخاذ إجراءات عديدة، بعضها يستمر سنوات، مما يستوجب بيان نسبة الأرباح والإيرادات غير المتوافقة مع الشريعة من إجمالي أرباح الكيان الجديد، مع أهمية أن تكون مسائل «أسلمة الأصول والعمليات» تحت إشراف أو شهادة جهات مستقلة ليس لها تعاقدات أو ارتباطات مع الكيان المصرفي الجديد، تحقيقا لمبادئ الشفافية، فضلا عن ترسيخ المهنية.
دور الدولة
إن صلب دور الدولة هو تنظيم الاقتصاد متى ما وجدت قصوراً أو انحرافاً أو لخلق بيئات اقتصادية سليمة متعددة، وهو ما يحدث حالياً في الولايات المتحدة مثلاً، من جهة ارتباط تمرير صفقة استحواذ «نيبون ستيل» اليابانية على شركة «يو إس ستيل» الأميركية بموافقة البيت الأبيض، أو اتخاذ الحكومة البريطانية قرارات لتأميم أول شركة خاصة لتشغيل القطارات، وكلا البلدين (أميركا وبريطانيا) من الاقتصادات الرأسمالية الكبرى، وبالتالي فإنه لا ضير من تدخّل مؤسسات الدولة الرقابية في الكويت متى ما تم اعتماد هدفين واضحين، الأول مهم في أن تنفذ عملية الاستحواذ بلا عراقيل بيروقراطية، لتتحقق الأهداف المالية المفترضة لكلا البنكين، والثاني - وهو الأهم - أن تكون معايير المهنية والحوكمة وحماية المنافسة والشفافية وحقوق المساهمين ومصالح العملاء ورفع كفاءة تنفيذ عمليات الاستحواذ والاندماج هي الهدف الأسمى للدولة ومؤسساتها الرقابية وقطاعها الخاص مجتمعين.