اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢٤
أكد تقرير بنك الكويت الوطني انه بعد أن عانى الجنيه المصري تسعة أشهر متتالية من التراجع الحاد الذي بدأ منذ شهر مارس الماضي، شهدت مصر استقرار الاقتصاد الكلي بصورة ملموسة. ولعبت التدفقات الأجنبية الواردة إلى الدولة، بدعم من اتفاقية الاستثمار الإستراتيجية مع الإمارات دوراً محورياً في تغيير المشهد الاقتصادي، مما أسهم في تعزيز الهوامش المالية والخارجية، وإطلاق برنامج الإصلاح المالي، موضحا ان الإصلاحات تركزت مبدئياً على رفع أسعار الطاقة، ما أظهر تأثيراً إيجابياً ملموساً على ضبط أوضاع المالية العامة للبلاد.
وتابع: في الوقت ذاته، بدأ معدل التضخم في التراجع تدريجياً، بينما أبقى البنك المركزي المصري على سعر الفائدة مرتفعاً، مع توقعات بخفضها في المستقبل القريب. وشهد الجنيه المصري تحسناً ملحوظاً في قيمته خلال الفترة الأخيرة، مع السيطرة شبه الكاملة على السوق الموازية، بينما تشير مؤشرات الائتمان وبيانات مؤشر مديري المشتريات إلى تسارع وتيرة النمو الاقتصادي وذلك بعد فترة من التباطؤ.
وبين ان مصر تواجه عدداً من المخاطر البارزة التي تتركز بصفة رئيسية على الصعيد الخارجي، إذ تستمر التوترات والصراعات الإقليمية في التأثير على البلاد بطرق متعددة، بما في ذلك التأثير السلبي على حركة الشحن عبر البحر الأحمر.
وافاد «الوطني» بأن إيرادات قناة السويس شهدت تراجعاً حاداً بنسبة %50 على أساس سنوي لتصل إلى 6 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2024، كما تتعرض واردات الغاز الطبيعي من الكيان المحتل لضغوط متزايدة. من جهة أخرى، تزايد تدفق اللاجئين القادمين من السودان وليبيا وفلسطين ومناطق أخرى، إذ يقدر عدد اللاجئين بنحو 10 ملايين لاجئ. وفي إطار مساعيها لاحتواء هذه التداعيات، لجأت السلطات المصرية إلى طلب بعض المرونة من صندوق النقد الدولي في ما يتعلق بوتيرة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.
تسارع النمو
ولفت التقرير الى تسارع وتيرة النمو الاقتصادي إلى %3.5–%4.0 في السنة المالية 2024–2025، حيث زاد معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من السنة المالية (أبريل – يونيو للسنة المالية 2023–2024) إلى %2.4 على أساس سنوي مقابل %2.2 في الربع الثالث من العام الحالي، وذلك في ظل تحسن مستويات السيولة بالعملة الأجنبية بعد خفض قيمة الجنيه المصري في مارس.
واضاف: خلال الأشهر التي أعقبت الخفض الأولي لقيمة الجنيه المصري، استقر سعر الصرف عند مستوى يتراوح بين 48 و49 جنيهاً مصرياً مقابل الدولار، ما أسهم في تقليل الضغوط التضخمية وتعزيز القوة الشرائية للمستهلكين، ونتوقع أن تتسارع وتيرة النمو الاقتصادي بدءاً من الربع الثاني للسنة المالية 2024–2025. وشهد مؤشر مديري المشتريات لنشاط القطاع الخاص تحسنًا ملحوظاً، إذ ارتفعت قراءته إلى 50.4 نقطة في أغسطس، مقابل 48.9 نقطة في المتوسط خلال الربع الرابع من السنة المالية 2023–2024، متجاوزاً بذلك حاجز الـ50 نقطة لأول مرة منذ حوالي أربعة أعوام (وان كان قد شهد بعض التراجع لاحقاً).
ارتفاع عائدات السياحة بصورة مفاجئة
قال الوطني ان عجز الحساب الجاري في مصر ارتفع بأكثر من أربعة أضعاف خلال السنة المالية 2023–2024 ليصل إلى 20.8 مليار دولار مقابل 4.7 مليارات دولار في السنة المالية 2022–2023، نتيجة تراجع صادرات الطاقة بنحو %60 بسبب انخفاض إنتاج الغاز، ولا سيما في حقل ظهر البحري العملاق، إلى جانب انخفاض عائدات قناة السويس بنسبة %24 (بما يعادل 2.1 مليار دولار)، نتيجة لاستمرار التحديات في البحر الأحمر. وعلى الرغم من ذلك، ارتفعت عائدات السياحة بصورة مفاجئة، إذ سجلت نمواً بنسبة %5 على أساس سنوي، على الرغم من تصاعد حدة التوترات الإقليمية.
وزاد: تظهر القراءة المتعمقة لتأثير انخفاض قيمة الجنيه المصري على الحساب الجاري في الربع الرابع من السنة المالية 2023–2024 تأثيرات إيجابية ملحوظة في بعض الجوانب، والتي كان من أبرزها:
1– زيادة التحويلات المالية، إذ ارتفع حجم التحويلات بنسبة %50 على أساس سنوي، نتيجة تفضيل عدد أكبر من المصريين العاملين في الخارج استخدام القنوات الرسمية لتحويل الأموال إلى مصر.
2– تحسن الصادرات غير البترولية، إذ سجلت نمواً بنسبة %17 خلال هذا الفترة. وأسهمت هذه التطورات في تقليص عجز الحساب الجاري بشكل كبير، لينخفض إلى 3.7 مليارات دولار مقابل 7.4 مليارات دولار في الربع الثالث من السنة المالية 2023–2024.
وتابع: إلا أنه من المرجح أن يكون هذا التحسن مجرد استجابة مؤقتة لخفض قيمة الجنيه المصري، ومن غير المتوقع أن يتكرر في المستقبل القريب. وبناءً على ذلك، نتوقع أن يبقى عجز الحساب الجاري مرتفعاً في نطاق يتراوح بين 15 مليار و20 مليار دولار خلال السنة المالية 2024–2025، ويعزى ذلك بشكل أساسي للزيادة المتوقعة في فاتورة واردات الطاقة.
انتعاش معنويات الأعمال
اوضح التقرير ان معنويات الأعمال انتعشت في ظل توقعات خفض سعر الفائدة، الأمر الذي أسهم في تعزيز النظرة المستقبلية للاقتصاد. واستناداً على هذه العوامل، يُتوقع أن يتسارع النمو الاقتصادي خلال السنة المالية الحالية (2024–2025) إلى %4.0 مقابل %2.4 في السنة المالية 2023–2024، والذي لا يزال يعتبر دون مستوى الإنتاج الممكن الذي يمكن أن يحققه الاقتصاد المصري على المدى البعيد.