احتمالات إحياء الاتفاق النووي تتضاءل.. ما هي خيارات دول الخليج؟

طه العاني - الخليج أونلاين

ما سبب قلق الخليج من فشل الاتفاق النووي مع إيران؟

أعلنت واشنطن إن إحياء الاتفاق ليس ضمن أولوياتها بعد وصوله إلى طريق مسدود. 

ما هو الموقف الخليجي من النووي الإيراني؟

حذرت من أن ذلك قد يأخذ المنطقة لوضع خطير.

ما موقف إيران من بيان القمة الخليجية الصينية؟

أعربت عن غضبها وقامت باستدعاء السفير الصيني لدى طهران.

تترقب دول الخليج العربي مآلات الأوضاع الإقليمية وخياراتها المتاحة في حال فشل المفاوضات النووية بين إيران والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة؛ كونها معنية بالأمر سواءً تم الاتفاق أم لم يتم، كما يقول محللون.

وطالبت دول الخليج مراراً بأن تكون طرفاً في هذا المفاوضات التي تتعلق بأمنها مباشرة، ودعت لتضمين سلوك إيران وبرنامجها الصاورخي ودعمها للميليشيات إلى المفاوضات.

ولم تسفر المفاوضات الجارية من عام ونصف إلى أي اتفاق بين الأطراف، فيما تزايدت مؤشرات فشلها بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

فقد أكد المبعوث الأمريكي الخاص بإيران روبرت مالي، في 4 ديسمبر الجاري، عن إعادة ترتيب أولويات بلاده تجاه طهران، حيث لم يعد إحياء الاتفاق النووي يتصدر قائمة هذه الأولويات.

وقال مالي إن الاحتجاجات التي تشهدها المدن الإيرانية منذ 16 سبتمبر الماضي، والاتهامات الموجهة للنظام الإيراني بتقديم أسلحة إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا، باتت أكثر إلحاحاً من مفاوضات النووي.

تحذيرات خليجية

وتحذّر دول خليجية من أن حصول إيران على سلاح نووي سيدفع دول المنطقة إلى خطوات مماثلة تضمن أمنها، وتقول إن فشل الاتفاق 'سيدخل المنطقة بمرحلة في بالغ الخطورة'.

وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، قال (الأحد 11 ديسمبر الجاري): 'إذا حصلت إيران على سلاح نووي جاهز للعمل، سيكون من الصعب التكهن بما سيحدث'.

وأوضح على هامش مؤتمر السياسات العالمي في أبوظبي 'المنطقة في وضع خطير للغاية.. يمكنك أن تتوقع أن دول المنطقة ستدرس بالتأكيد كيفية ضمان أمنها'.

وأضاف الوزير السعودي 'المؤشرات في الوقت الراهن ليست إيجابية للغاية.. نسمع من الإيرانيين أنه ليس لديهم مصلحة في برنامج للأسلحة النووية، سيكون من المريح للغاية إذا استطعنا تصديق ذلك، إننا بحاجة لمزيد من الضمانات بهذا الشأن'.

من جانبه أكّد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، ضرورة الحصول على ضمانات أمنية 'صريحة' من الحلفاء الغربيين، لا سيما في التعامل مع التهديد الذي يشكله برنامج الطائرات الإيرانية المسيرة الذي حذرت دول الخليج منه منذ مدة طويلة.

وأضاف خلال مشاركته في مؤتمر السياسات العالمي بأن هناك فرصة لإعادة النظر في مفهوم الاتفاق النووي 'برمته' في ظل التركيز الحالي على أسلحة طهران واتهام دول غربية لروسيا باستخدام طائرات مسيرة إيرانية لمهاجمة أهداف في أوكرانيا.

غضب إيراني

وشهدت العاصمة الرياض خلال الأسبوع المنصرم ثلاث قمم منفصلة سعودية وخليجية وعربية مع الجانب الصيني وأشارت بياناتها الختامية إلى ضرورة خلو المنطقة من التهديدات النووية.

وأعلنت الخارجية الإيرانية في 10 ديسمبر الجاري عن غضبها من بيانات القمم الثلاث واستدعت السفير الصيني، احتجاجاً على بيان القمة الخليجية الصينية، الذي تضمن وضع الجزر المتنازع عليها مع الإمارات ومفاوضات الاتفاق النووي.

وأكد بيان القمة الخليجية الصينية على ضرورة دعم معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الخليج، وضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، حفاظاً على الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً.

ولفتت القمة السعودية الصينية إلى دعم الجهود الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل الأخرى والتأكيد على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط منها، والأمر ذاته تضمنه بيان القمة العربية الصينية.

مسار المفاوضات

ونجحت إيران عام 2015 في إبرام اتفاقية نووية مع القوى الدولية المتمثلة بالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا، حيث قلصت إيران أنشطتها النووية، مقابل تخفيف العقوبات الغربية المفروضة عليها.

لكن الاتفاق النووي لم يدم طويلاً حيث أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب الأحادي من الاتفاق 2018، وأعاد فرض العقوبات على طهران، لتعلن إيران توسيع برنامجها النووي، وزيادة تخصيب اليورانيوم.

وأعادت إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن مباحثاتها مع طهران في أبريل 2021، لكن المفاوضات تعثرت مجدداً في سبتمبر 2022، مع تأكيد مسؤولين غربيين بأنها وصلت إلى طريق مسدود لأن الرد الإيراني على مسودة التفاهم التي طرحها الاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي، كان 'غير بنّاء'.

تهديد حقيقي

ويرى خبير الجماعات المسلحة رائد الحامد، بأن دول الخليج العربي معنية بشكل مباشر بتطورات المفاوضات النووية سلباً أو إيجاباً، وأنها حريصة على أن تكون طرفاً في هذه المفاوضات، لأنها مجاورة جغرافياً لإيران ومهددة بالتلوث البيئي من هذا الملف.

وأضاف الحامد لـ'الخليج أونلاين' بأن إيران قد تمتلك السلاح النووي وقد قطعت أشواطاً متقدمة في تخصيب اليورانيوم متحديةً الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي عموماً بزيادة وتيرة التخصيب عن طريق امتلاك أو القدرة على امتلاك السلاح النووي.

وقال الحامد إن إيران تريد من السلاح النووي أن يكون سلاحاً للردع وليس للتهديد، لكن الدول الخليجية تنظر إليه كتهديد جدي ووجودي؛ كون طهران لا تخفي أطماعها في المنطقة، لاسيما فيما يتعلق بالجزر الإماراتية المحتلة والبحرين.

وأضاف 'هذا يؤكد الأطماع الحقيقية والتهديد الجدي لدول الخليج، فكلما زادت قوة إيران زادت المخاوف الخليجية'.

وتابع 'بعد نجاح الثورة الإيرانية كانت الولايات المتحدة قد استخدمت هذه التهديدات لصالحها، ونجحت في إقناع الخليجيين بأن تشكل مظلات حماية أمنية لهم'.

لكن دول الخليج لاسيما السعودية والإمارات التي تصدت في السنوات الماضية للمشروع الإيراني في المنطقة، خُذلت من قبل الأمريكيين عندما وجهت الميليشيات والمجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران ضرباتها إلى أرامكو وقصر اليمامة ومطار أبوظبي وغيرها، بحسب الحامد.

وخلص الحامد إلى أنه في حال استمرار طهران في برنامجها النووي، فإن  خيارات دول الخليج ستكون سياسية في جميع الأحوال؛ كونها 'لا ترغب بالدخول في مواجهات مع إيران'.

وأضاف 'كانت هناك فرص كبيرة لاحتواء الخطر الإيراني، لكن خذلان واشنطن لها جعل الدول الخليجية تفكر في الخيار الأخير وهو كسب ود إيران وإعادة العلاقة'.

وحالياً، يرى الحامد، أن خيار المواجهة العسكرية لقتال وكلاء إيران 'غير متاح بالنسبة لدول الخليج؛ لأن هناك تجربة اليمن المريرة، والتي استنزفت الطاقات والثروات، والتي لم تحقق نتائج توازي هذا النزيف'.