اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في أمسية تضوعت بالشعر وعبق الكلمات، احتفت الشاعرة الشيخة أفراح الصباح، مساء أمس الأول، بتوقيع ديوانها الجديد «صندوق»، في جناح دار كلمات، ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب، وكان المشهد أشبه بدفء قصيدة تُتلى؛ إذ توافد الجمهور ليملأ المكان توقاً لتوقيعها، وكأنه يبحث عن مفاتيح جديدة لفتح صناديق الحكايات.
وقالت الشيخة أفراح بهذه المناسبة إن «صندوق» لا يضم مجرد قصائد، بل يحمل حكايات وأحلاماً وأسراراً؛ فلكل إنسان صندوقه الذي يخفي فيه خلاصته، لذلك جاء ديوانها ليحتوي الحياة كما عاشتها، وكما لم تعشها بعد، وأكدت أن كل قصيدة في الديوان تحتل مساحة خاصة في قلبها، فهي محطة من محطات مسيرتها الشعرية.
وأضافت أن الشعر، رغم أنه لا يملك الثقل الجماهيري الذي تحظى به الرواية، يبقى له قرّاؤه العاشقون وفنّانوه المتذوّقون، وهؤلاء هم سر بقائه. «نحن الشعراء»، تقول أفراح، «مجتهدون لنحافظ على مكانة الشعر في الساحة الأدبية؛ فالشعر يرقق القلب، وما أحوجنا اليوم إلى ما يلين أرواحنا»، وأشارت إلى أن الإقبال الكبير على حفل التوقيع كان دليلاً على حب الناس للشعر وتمسكهم به.
وأشارت إلى أن الشعر يشرع للخيال أفقاً رحباً للتحليق؛ يطلق القارئ من قيود السرد الطويل الذي تفرضه الرواية، إلى فسحة واسعة من الكثافة والمعنى التي تمنحها القصيدة، فالشعر فرصة للتحرر، ومجال للارتحال في فضاء مليء بالصور والرؤى.
وتحدثت عن عادةٍ دافئة ترافق دواوينها؛ إذ تستهلها دائماً بقصيدة رثاء لوالدتها، قائلة: «نحن ظلال لأمهاتنا... نشأنا تحت أسقفهن الدافئة»، وتروي أن «كل قصيدة تحمل ذكريات أولئك الذين ظننا أنهم سيواصلون السير معنا، فأخذهم الموت فجأة: أصدقاء... أهل... نجوم غابوا عن المشهد لكنهم بقوا في الصندوق، في شغاف القلب، حيث يسكن الحنين».
وتوقفت الشيخة أفراح عند أبنائها الذين يشاركونها حب الأدب والشعر، وتفرح بملاحظاتهم التي تقدم إليها بروح نقدية ناضجة، وتضيف لقصائدها الحداثة باعتبارهم روادها بكل مضامينها من التفكير خارج الصندوق فتتفاعل معها باعتزاز، لأنها ترى فيها بذور ذائقة أدبية تتفتح.
أما عن معرض الكتاب فقد عبّرت عن إعجابها بعنوان دورته الثامنة والأربعين (عاصمة الثقافة... وطن الكتاب)، المتزامنة مع احتفاء الكويت بكونها عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025، وأكدت أن هذا العنوان ينطوي على حقيقة راسخة: فالوطن بلا كتاب غربة وضعف، أما حين يحتضن القراء والعقول المفكرة فإنه يزداد جمالاً ورقياً، ولهذا دعت الأسرة والمدرسة والمجتمع المدني إلى تشجيع الأطفال على القراءة.
وأعربت عن فخرها بنصف قرن تقريباً من عمر معرض الكويت الدولي للكتاب، الذي كان ولا يزال منارة للوعي والتعلم والثقافة، وشاهداً على مكانة الكتاب في الكويت، وعلى انفتاح أبنائها على الآخر بكل أطيافه، مؤكدة أن هذه المكانة التي تحظى بها الكويت في الوطن العربي والعالم هي نتاج توجهات صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، لإعادة الدور الريادي للكويت في المجال الثقافي والأدبي.
ومن بين الحضور الذين امتلأت بهم أروقة الجناح، التقت «الجريدة» عدداً من القراء الذين عبّروا عن تجاربهم مع شعر الشيخة أفراح، ومنهم الأمينة العامة المساعدة لقطاع الآثار الإسلامية بالتكليف الشيخة د. العنود الصباح، مؤكدة أنها تتابع نتاج الشيخة أفراح الشعري منذ دواوينها السابقة، وأن حضورها ندوتها في حفل توقيع الديوان ضمن معرض الرياض الدولي للكتاب مؤخراً زاد شغفها لقراءة «صندوق». وأضافت أن شعرها يتمتع بحس مرهف وشاعرية عالية وقدرة مبدعة على التعبير، تجعل القارئ يشعر بأنه مختبئ بين السطور وخلف الكلمات.
وقالت أستاذة التاريخ في جامعة الكويت د. ريم الرديني: «أستمتع كثيراً بأشعارها النثرية، وقد قرأت لها قصائد عدة من قبل؛ وكلماتها تلامس القلوب بصدق»، وأضافت أن الشيخة أفراح ليست شاعرة فقط، بل أديبة محبة للتاريخ، وأسلوبها يذكرها كثيراً بشعر الأندلس، وأكدت أن الشعر يشكل «ذراعاً تاريخية مهمة»، وحضور المرأة الأديبة — رغم قلّته عبر التاريخ — كان مؤثراً وعميقاً في كل العصور.
ومن باريس، حرصت الروائية اللبنانية إيمان حميدان، الحاصلة على جائزة كتارا للرواية، على الحضور قائلة: «أنا مهتمة بالأدب النسائي الكويتي، لذلك حرصت على الحصول على نسخة موقعة من ديوان صندوق، فالشيخة أفراح من أهم شاعرات الكويت، وتجربتها الشعرية مهمة ومختلفة، وأنا سعيدة بحضوري اليوم».


































