ملف اقتصادي غير عادي بانتظار الحكومة الجديدة

ينتظر رئيس الوزراء الجديد الشيخ الدكتور محمد صباح السالم وحكومته المرتقبة ملف اقتصادي غير عادي. والتوجه الاقتصادي المناسب لهذا الملف هو توجه غير عادي أيضا وبعيد عن التوصيات المكررة من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد وغيرها.

الحكومة الكويتية الجديدة يجب أن تركز على المحافظة على مستوى معيشة المواطنين من خلال زيادة علاوة غلاء المعيشة المتفق عليها سابقا مع مجلس الأمة، والتي يستفيد منها موظفو القطاع الخاص والقطاع العام والمتقاعدون، بدل التركيز على فئات وشرائح مختلفة نظرا لكون المساواة في الزيادة هي الأكثر تقبلا عند المواطنين من غيرها وتقلل المطالبات بعدها. ويمكن الرجوع لتجربة الكوادر كدليل على ذلك.

ميزة تنافسية

فيما طبقت العديد من دول مجلس التعاون ضرائب القيمة المضافة والانتقائية وضريبة على دخل الشركات ورفعت أسعار الطاقة والمياه على المواطنين والمقيمين، تتميز الكويت بعدم تطبيقها لهذه الضرائب وبرسومها الحكومية المنخفضة جدا. مما يجعلها تمتلك ميزة تنافسية مهمة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية والمستثمرين الأجانب لو تم استغلالها بشكل جيد. وتوصية صندوق النقد لدول الدولي لجميع دول مجلس التعاون بتطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية حتى لا يكون هناك ميزة تنافسية لدولة على باقي الدول خير دليل على ذلك.

يجب الانتباه إلى أن تنويع مصادر الدخل من الاقتصاد الداخلي الذي يتكرر كثيرا ليس هو الغاية على المدى القصير والمتوسط، وانما تقليل الانفاق الحكومي هو الأساس. وذلك لن ينجح بدون تشجيع الاستثمارات الأجنبية والتوجه التدريجي نحو مفهوم الدخل الأساسي الشامل للمواطنين الذي يفترض أن يكون كافيا لتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، حتى لو لم يتم توظيفهم في القطاع الحكومي.

مناطق اقتصادية

الدول لا تكون مراكز مالية وتجارية وانما المدن والمناطق فيها هي التي تكون مراكز مالية وتجارية. لذلك، لابد من التركيز على تأسيس مناطق اقتصادية ومناطق تجارة حرة ذات قوانين خاصة منفصلة تعطي مزايا وضمانات للمستثمر الأجنبي وتعطي مرونة وسرعة للحكومة في تغيير قوانين هذه المناطق دون الرجوع لمجلس الأمة. أي يعطي مجلس الأمة الصلاحية الكاملة للحكومة في تغيير قوانين ونظم هذه المناطق الاقتصادية دون الرجوع له. ولنا في تجربة مركز دبي المالي الكثير من الدروس والعبر.

يجب تغيير مفهوم تعديل التركيبة السكانية، ليكون بزيادة أعداد ونسب الأجانب وليس بتقليلهم. لأن العمالة الأجنبية المنتجة هي من أهم أساسيات تحقيق النمو الاقتصادي الداخلي. ولنا عبرة في الدول المجاورة وخاصة رؤية السعودية في زيادة أعداد الوافدين سنة 2030 إلى 25 مليون وافد بدلا من 13.4 مليون وافد كما في نهاية 2022.

تقليل مساحة سكن المواطنين

تقليل مساحة سكن المواطنين وتشجيعهم على تقبل مساكن ذات مساحة أقل سواء كانت مساكن عمودية أم لم تكن هو ركن أساسي في تقليل التكاليف على المواطنين وعلى الدولة في المستقبل. فالمساكن الأقل مساحة تعني تكلفة بناء أقل واستهلاكا أقل للطاقة وللمياه كما انها تقلل الحاجة للعمالة المنزلية وتقرب أفراد الأسرة الكويتية ببعضهم ولا تشجع على كثرة الانجاب.

دول مجلس التعاون الخليجي من الدول المستقرة سياسيا نسبة إلى دول الشرق الأوسط الأخرى وتتمتع بمستوى امان ورفاهية عالية للمواطنين وغالبية المقيمين. وهذا يعني توافر فرص كبيرة للنمو الاقتصادي في قطاعات مختلفة بما فيها السياحة والخدمات وغيرها.

محمد رمضان

كاتب وباحث اقتصادي

rammohammad@