اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٥ أب ٢٠٢٥
أكد رئيس البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في دول مجلس التعاون الخليجي، مامادو سو، أن ملف المفقودين الكويتيين في العراق يمثل التزاماً أخلاقياً راسخاً لدى اللجنة، يتجاوز كونه مجرد مهمة إنسانية. قال مامادو سو لـ القبس: «منذ عام 1991، لم تتوقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوماً عن متابعة ملف المفقودين من جراء حرب الخليج، وهذا الملف ليس مجرد مهمة إنسانية، بل هو التزام أخلاقي تجاه العائلات التي تعيش على أمل، وتنتظر كلمة واحدة تُنهي سنوات من الغياب المؤلم».
وأضاف أن الدعم المستمر من الكويت أتاح توسيع نطاق العمل في العراق، وإدخال أبعاداً جديدة باستخدام التكنولوجيا الحديثة في البحث عن المفقودين، بما في ذلك الصور الفضائية، والطائرات المُسيّرة، والتحليل الجنائي المتقدّم، وأصبح العمل اليوم أكثر علمية ودقة، وهو ما يُعزّز فرصنا في الكشف عن مصير من فُقدوا.
وأشار سو إلى أنه في ظل التحديات المالية التي تُواجه العمل الإنساني على مستوى العالم، فإن هذا الملف لم يتأثر.
واضاف: لقد اخترنا أن نُبقي هذا الملف في صدارة أولوياتنا، وخصّصنا له الموارد والخبرات اللازمة، وبذلنا فيه جهداً استثنائياً، إيماناً منّا بأن معرفة مصير المفقودين ليست رفاهية، بل حق إنساني لا يمكن التنازل عنه.
وجدد تأكيده أن العائلات تظل محور هذا الجهد الإنساني، قائلاً: نحن نعمل بشكل حثيث مع جميع الأطراف ضمن آلية ثلاثية، لكن تركيزنا يظل دائماً على العائلات، وعلى الوفاء بحقها في معرفة الحقيقة.
وأكد سو أن الكويت لطالما كانت شريكاً إنسانياً محورياً في دعم العمليات الإنسانية في سوريا وغزة، موضحاً أن مساهماتها من خلال المنظمات الدولية، وقيادتها لمبادرات تمويل متعددة الأطراف، تعكس التزاماً فعّالاً بالتضامن الإنساني، ليس فقط تجاه سوريا بل في عموم المنطقة.
ووصف سو أن حجم المعاناة في غزة تجاوز كل الأعراف القانونية والأخلاقية، مشيراً إلى أنه ليس ثمة أعذار تسوّغ ما يحدث، لقد تجاوز حجم المعاناة الإنسانية ومستوى التجريد من الكرامة البشرية كل المعايير المقبولة.
وقال: كل دقيقة تمر من دون التوصل إلى وقف لإطلاق النار تعني إزهاق أرواح المزيد من المدنيين.
وأشار إلى أن المدنيين يعانون من حرب تُشنّ من دون تمييز، وحرمان شديد من أبسط مقومات الحياة، موضحاً أن 350 موظفاً من اللجنة الدولية في غزة يواجهون نفس معاناة السكان للحصول على الغذاء والمياه النظيفة.
وأشار إلى أن الارتفاع الحاد في حوادث الإصابات الجماعية المرتبطة بمواقع توزيع المساعدات، أدى إلى إنهاك نظام الرعاية الصحية المُنهار، متجاوزاً ما تبقى من قدرته المتهالكة، ودافعاً به إلى حافة الانهيار الكامل.
ولفت إلى أن تصاعد الأعمال العدائية يأتي في وقت يكافح فيه النظام الصحي المدمر بالفعل لاستيعاب التزايد في الحالات الحرجة، مؤكداً أن جميع المستشفيات العامة تقريباً أُغلقت أو تضررت بشدة من جراء الأعمال العدائية والقيود المفروضة على دخول الأدوية والمعدات.
وشدد على أن تعليق إدخال الدعم الإنساني، ووقف إمدادات الكهرباء إلى منشأة تحلية المياه الوحيدة في غزة، يهددان بانزلاق القطاع إلى حالة طوارئ حادة، وهو ما بدأت آثاره بالظهور في شكل ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية.
وذكّر أنه بموجب القانون الدولي الإنساني، يتعين على «إسرائيل» ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للمدنيين، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية بسرعة ومن دون عوائق، مؤكداً أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ستواصل تقديم الدعم الإنساني المنقذ للأرواح.
ولفت إلى أن السلامة تُعد التحدي الأكبر، إذ تعمل الفرق في ظروف خطرة للغاية، وتتعرّض سيارات الإسعاف للخطر، وأحياناً تجد الفرق نفسها في مرمى النار رغم التنسيق المسبق ونعمل في بيئة تكاد تكون مستحيلة.
وبينما لفت إلى نقص حاد في المواد الأساسية، من الغذاء والمستلزمات الطبية إلى مواد الصرف الصحي، بينما الموارد محدودة جداً، أكد أن البنية التحتية المتضررة والذخائر غير المنفجرة تُعرقل الوصول الآمن، مشيرا إلى وجود انفلات أمني يزيد من حالة الفوضى، وانقطاع الاتصالات يصعّب التواصل مع السكان والفرق على الأرض، ويُعيق الاستجابة.
وأوضح أن اللجنة تدير مستشفى ميدانياً في رفح، وتقدم مساعدات طبية وغذائية ومواد طوارئ، لكنه أكد هذه المساعدات غير كافية، ونحن لا نستطيع تغطية حجم الاحتياجات المتفاقمة بمفردنا.
وشدد على الحاجة الماسة لتدفق أكبر وأسرع وأوسع للمساعدات، إلى جانب التزام طويل الأجل بإعادة بناء الخدمات الأساسية.
وحول تعاطي المجتمع الدولي، قال: ما يحدث في غزة هو اختبار للضمير الإنساني العالمي، وحتى الآن، النتيجة مخيبة ولا بد من وضع حد لهذه المأساة، التي رسب المجتمع الدولي فيها.
واعتبر أن كل تردد سياسي وكل محاولة لتبرير الفظائع، التي تُرتكب على مرأى، تُمثّل فشلاً جماعياً في الحفاظ على أدنى قدر من الإنسانية في خضم الحرب.
ووصف سو المشهد الإنساني في سوريا بأنه بالغ التعقيد والتأزم، مبيناً أنه رغم التغيرات السياسية الأخيرة، فإن ملايين السوريين لا يزالون يواجهون احتياجات إنسانية هائلة. وقال: حوالي %90 من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 16.5 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وعن أبرز التحديات التي تواجه عمل اللجنة الدولية في سوريا، أشار إلى أن الوصول الإنساني الآمن والمستدام يمثل التحدي الأول، خصوصاً في المناطق غير المستقرة، كما أن البنية التحتية الصحية مدمرة بنسبة كبيرة، ونحو %50 من المرافق الصحية غير عاملة.
ولفت إلى أن تلوث المناطق بالذخائر غير المنفجرة يعيق عودة النازحين، إضافة إلى تحديات المعلومات الكاذبة التي تضعف ثقة المجتمعات باللجنة الدولية.
وأوضح أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل في سوريا منذ أكثر من خمسة عقود، وتواصل بالشراكة مع الهلال الأحمر العربي السوري، تقديم المساعدات الأساسية مثل الرعاية الصحية، والمياه، والدعم الغذائي، إضافة إلى دعم مراكز علاج الأمراض المزمنة وغيرها.
زيارة ممثل أمين الأمم المتحدة
رحّب مامادو سو بزيارة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، محمد بن عوض الحسان، إلى الكويت أخيراً، معتبراً أنها فرصة مهمة لتسليط الضوء على الأبعاد الإنسانية للنزاع في سوريا والمنطقة.
وأضاف: نتابع عن كثب مثل هذه التحركات لأهميتها في إبقاء القضايا الإنسانية، خصوصاً في سوريا والمنطقة، ضمن أولويات النقاش السياسي والدبلوماسي.