«ميد»: طفرة عقارية خليجية تلوح في الأفق

وليد منصور -

يشهد سوق العقارات في دول الخليج، خلال عامي 2025 و2026، نموًا ديناميكيًا، مدفوعًا إلى حد كبير بسياسات حكومية طموحة تستهدف تنويع مصادر الدخل الوطني، وتنفيذ مشاريع عمرانية ضخمة ومخططة بعناية ضمن رؤى تنموية طويلة الأمد.

ووفقاً لتقرير صادر عن مجلة «ميد»، تُعد المبيعات القوية والتدفقات الكبيرة في المشاريع الإنشائية مؤشرين واضحين على متانة السوق العقارية في المنطقة، لا سيما في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

لكن التقرير يشير إلى أن هذا الزخم المتسارع بدأ يترافق مع رؤية أكثر توازنًا خلال العام الجاري، حيث تواجه الأسواق العقارية تحديات متزايدة تشمل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتوترات جيوسياسية إقليمية، إلى جانب ضغوط داخلية، مثل تخمة المعروض وصعوبات القدرة الشرائية.

تصحيحات سعرية محتملة

ورغم استمرار النمو، فإن التقرير حذر من مؤشرات على تخمة مرتقبة في قطاعات الإسكان والتجزئة، لا سيما في مدينتي دبي والرياض، حيث توقعت وكالات تصنيف ائتماني، مثل «فيتش»، حدوث تصحيحات سعرية محتملة.

وفي ظل العدد الكبير من المشاريع العقارية المخطط لها في دول الخليج، يبدو أن قطاع الإنشاءات مهيأ للاستمرار في التوسع، لكن التقرير نبّه إلى تزايد المخاوف بشأن القدرة على التسليم، في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية للمقاولين، الذين باتوا أكثر حذراً مع امتلاء جداول أعمالهم.

التوازن بين العرض والطلب

وأكد التقرير أن الحفاظ على توازن دقيق بين النمو السكاني، وضخ المشاريع الجديدة، وتنفيذ الرؤى الوطنية سيكون عنصرًا حاسمًا في تحديد اتجاه السوق العقاري خلال المرحلة المقبلة.

كما شدد على ضرورة أن يتكيّف المستثمرون والمطورون العقاريون مع هذا الواقع المتغير، إذا ما أرادوا الحفاظ على المكتسبات، التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية.

السوق العقاري في الكويت

وفيما يخص الكويت، أشار التقرير إلى مؤشرات واضحة على تباطؤ في السوق العقاري السكني. فقد سجّلت الأسعار تراجعًا خلال العام الماضي، في حين انخفضت مبيعات الربع الأول من عام 2025 بنسبة %24 على أساس ربع سنوي، وهو أضعف أداء فصلي منذ الربع الثاني من عام 2024، وفقًا لبيانات بنك الكويت الوطني.

ورغم هذا التراجع، لم تتجاوز نسبة الانخفاض السنوي في المبيعات %2، في ظل ارتفاع عدد المعاملات بنسبة %11.7، مما قد يعكس تحولًا في الطلب نحو وحدات سكنية أصغر أو أقل قيمة في المناطق الخارجية.

وبيّن بنك الكويت الوطني أن مؤشر أسعار العقارات السكنية ظل في المنطقة السالبة للربع الثامن على التوالي، مسجلًا انخفاضًا سنويًا بنسبة %1.7، ولكن بوتيرة أبطأ، مما قد يشير إلى بداية تخفيف الضغوط النزولية. ويُعزى هذا التباطؤ جزئيًا إلى عوامل موسمية وتطبيع تدريجي بعد فترات من النمو القوي.

التحديات المالية

ورغم المؤشرات الإيجابية النسبية، يظل التحدي الأكبر على المدى المتوسط هو الضغوط المالية، حيث يُتوقع أن يسجل عجز الموازنة في الكويت خلال عام 2025 نحو %4.2 من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ%3.1 في عام 2024، وذلك نتيجة تراجع إيرادات النفط. وقد يُقيد هذا التراجع قدرة الحكومة على مواصلة الإنفاق على المشاريع العقارية في حال استمرار انخفاض أسعار النفط.

نظرة على الأسواق الخليجية

1 - الكويت: السوق يشهد تباطؤًا ملحوظًا في المبيعات والأسعار، مع تحوّل في الطلب نحو وحدات أصغر، وسط ضغوط مالية ناتجة عن تراجع إيرادات النفط وارتفاع العجز المتوقع في 2025.

2 - السعودية: السوق يتجه نحو التوسّع في القطاعات السكنية والسياحية، بدعم من رؤية 2030، رغم التحديات المتعلقة بارتفاع تكلفة التمويل وتفاوت النشاط بين المدن.

3 - الإمارات: سوق دبي يُظهر مؤشرات تشبّع، مع توقعات بتصحيح سعري في 2025 ــ 2026، نتيجة وفرة المعروض الجديد، رغم الأداء القوي في السنوات الماضية.

4 - قطر: الأسعار في تراجع طفيف مع بقاء الطلب مستقرًا في مناطق النخبة، بينما تستفيد القطاعات الفندقية من زيادة عدد السياح.

5 - البحرين: أداء مستقر في السوق السكني، مدعوم بتحسينات في السياسات الحكومية، وزيادة في الطلب على الإيجارات، لكن القطاع التجاري يعاني من ركود نسبي.

6 - عُمان: يشهد القطاع العقاري نموًا هادئًا مع ازدياد العرض، وتثبيت نسب الإشغال، وسط توجّه حكومي لتعزيز الاستثمار ضمن رؤية 2040.