اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
تدخل الكويت اليوم مرحلة جديدة يقودها التوجيه السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله ورعاه، الذي دعا إلى استقطاب الاستثمارات النوعية وبناء شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية لتحقيق تحول اقتصادي منتج ومستدام.
تمثل هذه الرؤية نقطة انعطاف في تاريخ الاقتصاد الكويتي، إذ تنقل الدولة من الاعتماد على تصدير النفط الخام إلى اقتصاد متنوع يقوم على الصناعة، واللوجستيات، والتكنولوجيا، بما يعزز الأمن الاقتصادي والسيادة الوطنية.
ويبرز مشروع الجزر الصناعية بوصفه التجسيد العملي لبناء قاعدة إنتاجية مستقلة تقود إلى تنويع الدخل وتحقيق استدامة النمو.
الجزر الصناعية بانتظار التنفيذ
يمثل المشروع ركيزة لنهضة اقتصادية جديدة تحقق أهدافا استراتيجية رئيسية:
٭ تعزيز الدخل القومي: خلق مصادر إيراد مستدامة تضيف ما لا يقل عن 20% من الميزانية العامة بحلول 2040.
٭ بناء الإنسان والتنمية البشرية: توفير عشرات الآلاف من الوظائف النوعية وتحويل الشباب الكويتي إلى صناع للثروة الوطنية.
٭ صمام أمان في مواجهة تقلبات النفط: تأسيس قاعدة دخل مستقرة قائمة على الصناعة والطاقة النظيفة.
٭ احتياطي استراتيجي للأجيال القادمة: أصول وموانئ ومراكز بحث وبنية تحتية تبقى ثروة مادية وعلمية متوارثة.
لماذا أمام مصافي الزور؟
اختيار موقع الجزر قبالة مصافي الزور ليس مصادفة، بل رؤية هندسية ـ اقتصادية دقيقة.
القرب من مصادر الطاقة واللقيم الصناعي يختصر تكاليف النقل ويضمن الإمداد المستقر، كما أن الاستفادة من البنية التحتية القائمة ـ من خطوط الأنابيب إلى محطات الكهرباء والموانئ ـ تخفض الكلفة وتعجل التنفيذ.
يتيح الردم البحري مرونة التوسع التدريجي، ويمنح الموقع ميزة استراتيجية للتصدير نحو آسيا والمحيط الهندي، مع التزام صارم بمعايير الاستدامة البيئية والطاقة المتجددة.
دروس من تجارب عالمية
سنغافورة تحولت من ميناء صغير إلى مركز صناعي ولوجستي عالمي بفضل التخطيط والمناطق الحرة.
كوريا الجنوبية قفزت من اقتصاد زراعي إلى قوة صناعية عبر الاستثمار في الصناعات التحويلية.
النرويج وظفت عوائد النفط في صندوق سيادي وتوسعت في الطاقة المتجددة.
هذه النماذج تؤكد أن الكويت تمتلك المقومات لتحويل الجزر الصناعية إلى منصة إنتاجية عالمية متى توافرت الإرادة والآليات التنفيذية الواضحة.
من الفوائض إلى الإنتاج
تشير تقارير اقتصادية إلى أن الكويت فقدت استثمارات محلية مباشرة تتجاوز 58 مليار دولار بين 2020 و2024، ولم تستقطب سوى 4.3 مليارات من الاستثمار الأجنبي.
هذا الواقع يستدعي إعادة توجيه العوائد النفطية نحو الداخل عبر ثلاث ركائز:
صندوق سيادي صناعي يستثمر محليا، محتوى محلي ملزم يرفع مساهمة العمالة الوطنية، وتعليم فني متوائم مع احتياجات الصناعة لبناء جيل منتج ومؤهل عالميا.
بناء التحالفات الدولية ـ شبكة مصالح متوازنة
تحالف اقتصادي ـ صناعي واسع يربط مصالح الشرق والغرب، لضمان التمويل والتكنولوجيا والاستقرار، يشمل:
٭ الاستراتيجية: McKinsey, BCG, Roland Berger.
٭ البنية التحتية: Bechtel, Fluor, CSCEC, ThyssenKrupp.
٭ الطاقة والبتروكيماويات: ExxonMobil, Dow, BASF, LG Chem, Sinopec.
٭ الطاقة المتجددة والهيدروجين: Siemens, Linde, CATL, Huawei.
٭ اللوجستيات: DP World, Maersk, COSCO, Rotterdam Port.
٭ التمويل: BlackRock, Goldman Sachs, NBIM, CIC, PIF.
هذا التنوع يضمن موازنة النفوذ بين الشرق والغرب، ويحول المشروع إلى جسر مصالح دولي يربط الكويت بسلاسل التوريد والتكنولوجيا والتمويل العالمية.
التحالف المالي الوطني
يعد إنشاء صندوق صناعي سيادي برأسمال لا يقل عن 10 مليارات دينار أداة حيوية لتحريك التمويل المحلي، إلى جانب نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) بعوائد واضحة وضمانات تشريعية تقلل المخاطر.
ويرتبط الصندوق بالأسواق المالية العالمية لتحويل المشروع إلى مصلحة اقتصادية دولية مشتركة لا مبادرة محلية محدودة.
المدينة الصناعية الوطنية
قلب الجزر سيكون مدينة صناعية متكاملة تضم مصانع للهيدروجين والتحلية والطاقة النظيفة، وموانئ عالية الكفاءة، ومراكز أبحاث وجامعات تطبيقية، وحاضنات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
تشمل الصناعات المستهدفة عبوات PET، أفلام التغليف، الأنابيب، الألياف الصناعية، المستهلكات الطبية، الإلكترونيات، البوليمرات المتقدمة، والراتنجات الصناعية ـ صناعات تعتمد على المواد البتروكيماوية المحلية وتحقق قيمة مضافة عالية.
نحو اقتصاد أخضر يقوده الإنسان
يهدف المشروع إلى تشغيل 30% من المرافق بالطاقة المتجددة، ودخول سوق الهيدروجين الأخضر والأزرق، وتحلية مياه منخفضة الانبعاثات وفق معايير ESG.
كما يتوقع أن يخلق 50 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ويرفع نسبة التكويت النوعي إلى 60%، مع شراكات تعليمية عالمية تمكن ريادة الأعمال الصناعية للشباب الكويتي.
قياس النجاح والعوائد
٭ عوائد سنوية متوقعة: 15 مليار دولار بحلول 2040.
٭ مساهمة غير نفطية: 15% من الناتج المحلي.
٭ استثمارات كلية: أكثر من 60 مليار دولار.
٭ طاقة نظيفة: تشغيل ثلث المرافق بطاقة متجددة.
من الحلم إلى التنفيذ
مشروع الجزر الصناعية النوعية والمتميزة يرسم مستقبل اقتصاد كويتي جديد قادر على مواجهة تقلبات الأسواق وتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
إنه درع اقتصادية وسيادية تحمي الكويت من الهشاشة الريعية وتمنحها موقع القيادة في المنطقة الصناعية ـ الطاقوية الجديدة.