اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٢ أيلول ٢٠٢٥
يعود النجم دينزل واشنطن للتعاون مع المخرج سبايك لي في العمل الخامس لهما بعنوان Highest 2 Lowest بعد عقدين من الانقطاع، حيث كان آخر عمل جمع الاثنين هو فيلم الإثارة والجريمة Inside Man عام 2006، ويعتبر هذا الثنائي من أبرز نجوم هوليوود الذين اهتموا بمواضيع الثقافة المتعلقة بالسود في أمريكا، كتاريخ، وتجربة ومجتمع. وأبرز فيلم أنتجه الثنائي كان Malcom X والذي يتناول حياة الناشط السياسي مالكوم إكس، وتلك الحقبة وأثرها في تاريخ السود في أمريكا.
وكان المشروع قد بدأ الحديث عنه منذ وقت طويل، إلا أن المخرج سبايك لي بدأ العمل على سيناريو الفيلم في وقت جائحة كورونا بعد تأكيد مشاركة دينزل واشنطن في الفيلم، ودخلت شركة الإنتاج A24 لتأخذ حقوق الفيلم، وتشاركها في ذلك شركة أبل التي استحوذت على حقوق التوزيع، ليعرض بشكل محدود في شاشات بريطانية وأمريكية قبل أن يعرض على منصة أبل بلس بشكل حصري.
أحداث الفيلم
ويدور فيلم Highest 2 Lowest حول الأغنياء والفقراء، وحول المال، والضمائر الحية، ومساومة بين الثروة وحياة الأبرياء، وهو مقتبس من رواية King& Ransom عام 1959، والفيلم الياباني الكلاسيكي High and Low عام 1963 للمخرج الياباني الراحل أكيرا كوروساوا، والذي يعد أيقونة شهيرة في تاريخ السينما العالمية، وشاركت شركة كوروساوا أيضاً في عملية إنتاج الفيلم.
ويتناول الفيلم المنتج الموسيقي ديفيد كينغ (يؤدي دوره النجم دينزل واشنطن) الناجح جداً في مجاله في سنوات مضت، وكون ثروة جيدة، وأسلوب حياة رغيدا، وشقة بإطلالة بانورامية على مدينة نيويورك، برفقة زوجته بام (تؤدي دورها الممثلة ألفنيش هديرا الأمريكية ذات الأصول الاثيوبية)، وابنه تراي، مع سائق مسلم وفي وأمين يدعى بول (يؤدي دوره النجم جيفري رايت).
منعطف خطر
ويحاول ديفيد كينغ الدخول في صفقة تجارية كبيرة جداً، ولكن حياته تقابل منعطفاً خطراً عندما يتلقى اتصالاً هاتفياً من شخص يدعي خطف ابنه تراي، ويريد فدية قيمتها 17.5 مليونا، ويستعد ديفيد لدفع المبلغ وطلب مساعدة الشرطة، وهذا الجزء المشوق من الفيلم في البداية.
إلا أن الفيلم يأخذ انعطافة أكثر تشويقاً عندما يظهر بعد ذلك أن الخاطف قد ارتكب خطأ فادحاً باختطاف ابن السائق بول بدلاً من تراي لأنهما أصدقاء ويتشابهان قليلاً، ولكن الخاطف رغم ذلك يصر على ديفيد لدفع الفدية، وإلا قتل ابن السائق، فيقع ديفيد كينج في معضلة أخلاقية كبيرة، هل يدفع الفدية لإنقاذ ابن السائق الذي لا تربطه به صلة قرابة، رغم ضائقته المالية، أم يتركه ليواجه مصيره، وينقذ وضعه المالي؟
هذا جوهر الفيلم المشوق، وهو المعضلة الأخلاقية لديفيد كينغ، هل تكون حياة ابن السائق غالية لدرجة المغامرة بأغلب ثروته التي بناها من الصفر، وبجهده الخاص؟ أم أنه لا يلام على ذلك، والخاطف هو من يتحمل المسؤولية الأخلاقية وحده، ويزداد السؤال الأخلاقي حدة بسبب مركز ديفيد كينغ إعلامياً كمنتج موسيقي داعم لطبقة السود، وهو وزوجته من الداعمين الخيريين للسود والفقراء.
انتقاد إدمان الهواتف
وبدا بشكل ملحوظ أن المخرج سبايك لي حاول انتقاد إدمان الجيل الجديد على الهواتف الذكية، وأخبار مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المجتمع والأشخاص، وكذلك الموسيقى الجديدة، حيث يبرز حنين سبايك لي للماضي من حيث القصص الجميلة، والموسيقى الأصيلة، وانشغال الناس بأعمالهم وأهدافهم في الحياة، بدلاً من ضياع وقتهم في الهاتف.
آراء الصحف
وتميز الفيلم بحسن التصوير السينمائي، وكذلك الموسيقى التي قدمت عن طريق مجموعة من الشبان السود أبرزهم آيساب روكي، وكذلك أبرز محاسن مدينة نيويورك، وهو الذي احتفت به صحيفة نيويورك تايمز بقولها إن أبرز ما كان يظهر من شقة ديفيد كينغ الفارهة هو «إطلالتها البانورامية على مدينة مانهاتن، وعند شروق الشمس تتوهج المدينة كالذهب، وفي الليل تتلألأ كجواهر التاج، كغنيمة ثمينة»، وأضافت أن المخرج سبايك لي، ومدير التصويري ماثيو ليباتيك «يضفيان لمسة من اللمعان على المدينة وحياة ديفيد»، وقد بذل المخرج جهداً كبيراً لجعل شقة ديفيد كينغ وحياته جميلة جداً وجذابة.
وأثنت الصحيفة أيضاً على النجم جيفري وايت المرشح لجائزة الأوسكار في عام 2024، والذي كان «أفضل شريك لواشنطن في الفيلم»، وقد لعب شخصية رجل مسلم، ولكن وايت يعطي للفيلم إضافة من خلال أدائه «المؤثر والرصين» كما قالت «نيويورك تايمز».
أداء مثير
ومن جانبها، رأت صحيفة واشنطن بوست أن المخرج سبايك لي قدم فيلماً «بأداء مثير، وإحساس ملح بالإثارة، وهو فيلم ضخم، ومؤثر»، ولكن رغم ذلك هناك مشاهد «مملة» كثيرة خصوصاً في الربع الأول من الفيلم قبل أن تبدأ الإثارة، وأكدت الصحيفة أن المخرج سبايك لي نجح في صنع فيلم في كثير من الأحيان «سيئ» ولكنه في غالب الوقت يتجه للأفضل. وختمت واشنطن بوست تقييمها للفيلم بقولها انه «أحد أغرب أفلام الصيف الممتعة، ومن أفضلها».
أما صحيفة الغارديان فرغم ثنائها على الفيلم الذي ينتقد الذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام عبر الإنترنت، وموسيقى الهيب هوب الجديدة، إلا أن الفيلم «لا يجد الكثير من الأشياء الجديدة ليتحدث عنها»، وانتقدت بقوة استمرار المخرج سبايك لي في «التذمر والحنين إلى الماضي».
وبكل حال يعتبر الفيلم من النوع المتوسط، رغم مبالغات صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست بالفيلم (ربما بسبب اسم المخرج وأهميته بالنسبة للصحيفتين)، ولكنه قطعاً ليس من الأفلام الكبيرة هذه السنة، وليس حتى من الأفلام الكبيرة للنجم دينزل واشنطن، أو المخرج سبايك لي، ولكنه يقع في دائرة الأفلام الممتعة.