اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٣ نيسان ٢٠٢٥
منذ تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سُدة الحكم، والعالم يحبس أنفاسه حتى أطلق الأربعاء رسميا الرسوم الجمركية الجديدة، مشرعاً الباب لحرب اقتصادية شاملة، وتراوحت الرسوم بين %10 و%49، تنفيذاً لما توعد به باستمرار منذ حملته الانتخابية بهدف بدء «عصر ذهبي» للولايات المتحدة.
وفيما وصف ترامب قراراته بأنها «إعلان استقلال اقتصادي» للولايات المتحدة و«يوم تحرير» لها، حذّر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، دول العالم أجمع من الردّ على الرسوم الجمركية وذلك تحت طائلة حدوث «تصعيد». وقال «استرخوا، تحمّلوا الضربة، وانتظروا لمشاهدة كيف سيتطوّر الوضع، لأنّه إذا ردّدتم فسيكون هناك تصعيد».
في المقابل، تباينت ردود أفعال الدول الكبرى بين التلويح بالانتقام والمواجهة برسوم مماثلة ومساعي التفاوض على أمل إخماد الحريق الذي يهدد باشتعال حرب تجارية عالمية، وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقرار ترامب واصفا اياه بأنه «جائر ولا أساس له»، معتبرا أن الرسوم الجديدة «شديدة الخطورة على الاقتصاد الأوروبي»، مطالبا بتعليق الاستثمارات في أمريكا حتى اتّضاح الرسوم الجديدة.
وسيفرض ترامب رسوماً نسبتها %34 على الواردات من الصين، و%20 من الاتحاد الأوروبي، و%24 من اليابان، و%31 من سويسرا، و%46 من فيتنام، و%32 من تايوان و%26 من الهند، و%10 على الكويت ودول الخليج، ومن المتوقع أن تكون للرسوم الجديدة وطأة هائلة على الاقتصاد العالمي، ففي عام 2024 استوردت الولايات المتحدة بحوالي 3300 مليار دولار من البضائع .
وهبطت أسواق المال العالمية بشكل جماعي وتلونت مؤشراتها بالأحمر، في حين بلغت خسائر القيمة السوقية لبورصات الخليج 51.5 مليار دولار في جلسة الخميس، كان أكبرها في السعودية بـ39.3 مليار دولار، بينما شهد مؤشر بورصة الكويت تراجعا طفيفاً بنسبة %0.4 مسجلا خسارة سوقية بـ0.5 مليار دولار مقابل 6.6 مليارات دولار لأبوظبي و3.9 مليارات لدبي و1.2 مليار للبحرين.
وأفادت وكالة بلومبيرغ بأن الأسهم الأمريكية تكبّدت خسائر ضخمة تقدر بحوالي تريليوني دولار في أول جلسة تداول عقب فرض الرسوم الجمركية. وجاء هذا التراجع الحاد نتيجة مخاوف المستثمرين من تصاعد التوترات التجارية وتأثيرها السلبي في الاقتصاد العالمي، ما دفع إلى عمليات بيع واسعة في أسواق الأسهم الأمريكية.
تأثير الرسوم في الكويت
محلياً، على الرغم من الانخفاض الكبير للصادرات الكويتية إلى الولايات المتحدة، التي لم تتجاوز خلال العام الفائت 2024 مبلغ 11 مليون دينار، فإن تداعيات القرارات الأمريكية الأخيرة قد تلقي بظلالها على شركاء الكويت الاقتصاديين، وفي حال تسببت صدمة الرسوم الأمريكية بحالة ركود اقتصادي عالمي فلا شك أن التأثيرات ستطول الجميع.
ووفقا للخبراء والاقتصاديين، فإن تأثيرات الرسوم الأمريكية على الاقتصاد الكويتي ستكون بمعظمها غير مباشرة، وتتجلى بانخفاض محتمل للطلب على النفط، وبالتالي تراجع أسعار الخام، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الواردات وحدوث تقلبات في عوائد الاستثمارات الخارجية.
وبينما انخفضت أسعار العقود الآجلة لخام برنت بـ%6.5 لتصل إلى 70.03 دولارا للبرميل، الخميس، أكد خبراء نفطيون أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب سيكون لها تأثير سلبي في الاقتصاد العالمي وعلى قيمة سعر صرف الدولار، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على النفط الذي يشكل %65 من التجارة العالمية، مشيرين إلى أن الكويت قد تتأثر من جراء تراجع محتمل لأسعار الخام ولا تأثير في الإنتاج، باعتبار أن أغلب الكميات محجوزة لمدد طويلة وفق عقود مبرمة سابقاً. وتوقعوا أن يشهد سوق النفط في بادئ الأمر تراجعا في الأسعار إلى مستوى 60 - 65 دولارا للبرميل.
ميزان التبادل التجاري بين الكويت وأمريكا لمصلحة الأخيرة
وفق الأرقام الرسمية، فإن ميزان التبادل التجاري بين الكويت والولايات المتحدة يميل كثيراً لمصلحة الأخيرة، إذ بلغت قيمة الصادرات الكويتية غير النفطية خلال العام الفائت نحو 2.6 مليار دينار، بلغ نصيب الولايات المتحدة منها نحو 11 مليون دينار فقط لمنتجات عدة، أبرزها المنتجات الكيماوية العضوية والزيوت العطرية ومنتجات صناعة الالبان ومعادن ثمينة، وبولي إيثيلين عالي الكثافة، ومخففات مركبة عضوية، في المقابل استوردت الكويت منتجات أمريكية بقيمة 1.05 مليار دينار.
خبراء واقتصاديون لـ القبس: تأثير الرسوم الجديدة محدود في الكويت
حصة المطيري
في إطار السياسات الاقتصادية التي اتبعتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تم فرض مجموعة من الرسوم الجمركية على عدد من الدول، ما أثار قلق المستثمرين والتجار على حد سواء.
والرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، التي استهدفت بشكل خاص الصين ودولاً أخرى، تهدف إلى حماية الصناعة الأمريكية وتعزيز الإنتاج المحلي، ومع ذلك، فإن تداعيات هذه الإجراءات لا تنحصر في الولايات المتحدة فحسب، بل تمتد لتشمل تأثيرات واسعة النطاق في الاقتصاد العالمي، بما في ذلك الكويت.
ورغم أن الرسوم المباشرة المفروضة على الكويت (%10) قد تبدو محدودة التأثير في التجارة الثنائية مع الولايات المتحدة، نظراً لحجم التبادل التجاري الذي يعتبر صغيراً مقارنة بالدول الأخرى، إلا أن التأثير غير المباشر قد يتجلى من خلال ارتفاع تكاليف الواردات من دول أخرى تأثرت بهذه الرسوم، أي إذا زادت تكاليف السلع المستوردة من الصين أو أوروبا نتيجة للرسوم الأمريكية، فإن ذلك سينعكس على أسعار السلع في السوق الكويتي، ما يؤثر في المستهلك الكويتي وقدرته الشرائية.
كما أن الكويت تتمتع بجانب استثماري غير مباشر يتمثل في استثماراتها الكبيرة في الأسواق العالمية عبر صندوق الثروة السيادي (الهيئة العامة للاستثمار)، وإذا أدت الرسوم المفروضة إلى تقلبات في الأسواق المالية أو انخفاض في قيمة الأصول في الدول المتأثرة، فقد ينعكس ذلك سلباً في عوائد هذه الاستثمارات.
واستطلعت القبس آراء المختصين للحديث عن آثار هذه الرسوم الجمركية، سواء المباشرة أو غير المباشرة، في التجارة والأسواق والاستثمارات في الكويت.
نمو الاقتصاد
بداية، أكد الخبير الاقتصادي جاسم السعدون أن الكويت تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، الذي يُستثنى من الرسوم، ما يعني أن البلاد لا تصدر سلعاً أخرى، بالتالي لن يكون هناك تأثير مباشر.
وأشار إلى أن التأثير غير المباشر سيكون سلبياً بشكل كبير، خاصة إذا تحققت التوقعات بأن الوضع الاقتصادي سيتدهور كما حدث في الثمانينيات، حيث عانت العديد من الدول من تضخم مع ركود، ما أسفر عن نمو ضعيف ومعدلات تضخم مرتفعة، وأكد أن هذا سينعكس سلباً في نمو الاقتصاد العالمي.
وأضاف السعدون أن هذا الوضع سيؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط وأسعاره في الوقت نفسه، ما سيكون له تأثير مباشر في الكويت، كونها الدولة الوحيدة التي تعتمد بنسبة %90 على إيرادات النفط لتمويل ميزانيتها، و%60 من الناتج المحلي الإجمالي يعتمد على القطاع العام.
وتابع: «بالتأكيد على أنه ما لم تحدث مواجهة بين أوروبا والصين وآخرين من جانب والولايات المتحدة من جانب آخر تقنع الأخيرة بأن لضرر اجراءاتها طريقين وتتراجع عنها، فإن التأثير سيكون سلبياً في الكويت في المستقبل».
أسعار جديدة
من جانبه، قال رجل الأعمال طارق البحر: «يعتبر التأثير في الكويت محدوداً، نظراً لأن الصادرات غير النفطية تكاد تكون ضئيلة للغاية، وصادرات النفط والغاز معفاة من الرسوم، ومع ذلك، هناك تأثير غير مباشر في الاقتصاد العالمي، ولا تعتبر الكويت استثناءً، فقد تتأثر الإيرادات النفطية نتيجة لانخفاض الطلب على النفط».
وأوضح البحر أن الدول الآسيوية مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية تعد من أكبر أسواق النفط، وعندما تفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية مرتفعة، مثل %34 على الصين و%30 على دول أخرى، فإن ذلك قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في هذه الدول، وهذا التباطؤ يقلل من الطلب على النفط، ما ينعكس سلباً على أسعاره عالمياً ويؤثر في إيرادات الكويت من التصدير.
وأضاف أن الأسعار ستتأثر بشكل غير مباشر نتيجة للرسوم الجمركية المفروضة على الدول التي نستورد منها سلعاً، ما سيؤدي إلى زيادة أسعار هذه السلع، وبالتالي، سنشهد أسعاراً جديدة للعديد من المنتجات.
عزوف عن التصدير
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة شركة الاستشارات المالية الدولية القابضة (ايفا)، صالح السلمي، إن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية عالمية، ما يزيد من عدم الاستقرار في الأسواق المالية ويؤثر في أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك النفط، وانخفاض أسعار النفط يعني تقلص الإيرادات الحكومية للكويت، التي تعتمد على هذه الإيرادات لتمويل ميزانيتها ومشاريعها التنموية.
وتابع: «كما أن لهذه الرسوم تأثيراً في الدول التي تستورد منها الكويت، حيث من الممكن أن تؤدي إلى عزوف عن التصدير، ما سيؤثر أيضاً في الميزان التجاري لتلك الدول، ويؤدي إلى مشاكل عديدة في جميع جوانب التجارة».
منعطف خطير
من جهته، قال وزير التجارة والصناعة السابق فهد الشريعان: «اليوم الاقتصاد العالمي يمر في منعطف خطير، بسبب عشوائية القرارات، ويجب أن يكون لمنظمة التجارة العالمية موقف واضح وصارم في هذا الشأن».
وأضاف: «ضرر قرار رفع الرسوم الجمركية على صادرات الدولة لأمريكا لا يُقاس إلا بالتطبيق الفعلي، لكن أقسى من ذلك، هو ردة فعل الدول الأكثر تضرراً من القرار الامريكي، وعلى رأسها الصين واليابان والهند ودول الاتحاد الاوروبي، ومن المتوقع أن تأخذ عدد منها قرارات مضادة».
وأكد الشريعان: «لا شك أن الاقتصاد العالمي والأسواق الآن تمر بمرحلة عدم يقين، ومن المتوقع أن تستمر في ذلك طالما كانت القرارات الصادرة من الدول ذات الاقتصاديات الكبرى تتم بطرق غير مدروسة أو كرد فعل».
تأثيرات غير مباشرة في الكويت
الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب على الكويت وغيرها من الدول قد تؤدي إلى ضغوط على الاقتصاد الكويتي على المدى المتوسط إلى الطويل، وتتجلى التأثيرات غير المباشرة في:
1 - انخفاض محتمل للطلب على النفط.
2 - تراجع أسعار النفط في الفترة المقبلة في حال شهد العالم ركودا اقتصاديا.
3 - ارتفاع تكاليف الواردات.
4 - تقلبات في عوائد الاستثمارات الخارجية.